جاج مسحب…(حُطْ في الخرج)

الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –

 

  قامت حكومة الدكتور بشر الخصاونة بتعيين 106 أشخاص في المناصب القيادية خلال عامين ونصف العام.!! (هذا في ذمة “راصد” وذمّته حتى الآن غير مشكوك فيها).

لن نسأل عن هذه القيادات وكيف تعينت، ولا عن أسس التعيين، ولا عن المستوى والكفاءة…ما علينا؛ حط في الخرج….

 بعكس ما يقوله أطباء القلب، فإن السبب الأول في إغلاق شرايين صدور الرجال، هو القهر، ولن تنفع معه الشبكات الحديثة كلها، سواء كانت أوروبية أو صينية.

فالقَهر، يُولّد الحقد، وينزع الانتماء، والمُصيبة أن لا أحد بات يفكر بجدية في تعزيز الانتماء، وأن المواطنة ليست مكان ولادة، ولا البحث عن الأصول والمَنابِتِ، ولا جنسيةٍ وَرَقمٍ وطنيٍ، ولا والدين عثمانيين، إنما شعور مرهف بأن حقوقك مصانة، وأنك وغيرك أمام القانون سواسية كأسنان المشط، ولا أحد يستلب حقك ؛ لأنك من خارج العلبة، ومناطق التغطية، ومن خارج دوائر النفوذ والاستزلام، ولست من الذين يقفون في منتصف الصحراء تنادي “عليهم عليهم..”..

إذا كنت من المنادين بدولة القانون والمؤسسات، والداعمين لفكرة العدالة للجميع، ولا ترضى بعقلية الخاوات ولا الكفيل، فإنك مهدد، ليس بأكل حقك، مرة ومرات، بل لا تستطيع أن تقاوم قوى الشد العكسي، المؤسساتي، والأشخاص، وتصل إلى مرحلة القهر والحقد “عينك..عينك”.

إذا كنت من المدافعين عن استقلالية رأيك، وامتلكت الشجاعة يوما لتقول ما تقتنع بأنه الصواب، وتطالب بالإصلاح الحقيقي وليس الديكور، ولم تكن من أصحاب الجاه، والظهور المحمية، فإنك ستدفع الثمن، مثنى وثلاث ورباع، وبعد ذلك يحدثونك عن محاربة الفساد، ودعم استقلال القضاء!.

يا صديقي الذي تركت البلاد قبل سنوات مَقْهورًا، وتُشجّعني على الالتحاق بك، أريد أن اذكرك بِحواراتنا السابقة عندما كنت تقول لي: “إن الأيقونات التي جَيّرَت مِن أجل مصالحها القوانين لا يجب أن تبقى مُقدّسة ومُستبعدة عن المحاسبة، وأضيف لك الآن: إن العدالة تقتضي الشمول والتعميم وعدم انتقاء الشخصيات الأقل كلفة ـ عشائريا واجتماعيا ـ، بحيث تكون مسطرة المحاسبة واحدة، ولا تفرق بين الناس.

لتعترف الآن معي يا صديقي بأن المواطنين هم حجر الزاوية في نجاح خطط ومشروعات مكافحة الفساد، فلا بد من تثقيفهم ليدركوا التداعيات والانهيارات الخطرة والكبيرة العامة والفردية المترتبة على الفساد، وتعارض الفساد مع الأخلاق والفضائل والقيم والمبادئ الوطنية والإنسانية، والإيجابيات التي تترتب على النزاهة، وعلى عدم الإسهام في الفساد.

لتعترف معي أكثر بأن المأزق الكبير لجهود مكافحة الفساد يتمثل في دفع جهود المكافحة تُجاه حصرها في التشهير بحالات فساد محدودة، وعدم الوقوع في فخ التسييس وتسوية الحسابات لإسقاط هذا وترفيع ذاك.

أذكرك يا صديقي بمصطلح نحته ذات يوم، بإبداع سياسي مدهش، عندما كان محسوبا على خط المعارضة الرفيق السابق النائب السابق الوزير السابق العين الحالي بسام حدادين، عندما وصف حالة حكومة طاهر المصري في عام 1991 عندما تحالفت ضدها كل القوى المحافظة والرجعية لإسقاطها برلمانيا، يومها قال حدادين: إن المصري مثل “الجاج المسحب” بلا عظم، وليس لحكومته سند أو ظهر.

يا صديقي، “كلنا جاج مسحب”…..

الدايم الله…

قد يعجبك ايضا