“فتاشة” الخصاونة في “التعليم العالي”!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
لا أريد أن أعلق على ما سُمِّيَ حوار الرئيس مع طلبة في الجامعة الأردنية، لأنني لا أريد أن أغضب الرئيس كثيرا، ولا أزعج الطاقم من حوله، ولا ما تبقى له من أصدقاء.
سأعلق فقط على “فتاشة” الرئيس فيما كشف عنه من “توجه الحكومة لإلغاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي”.
فالرئيس الدكتور بشر الخصاونة يرى “واجب تطوير التعليم بالجامعات إلى مدى واسع، ويجب أن ننتقل بالجامعات لتكون أسس القبول مستقلة، ونعزز من استقلاليتها، وأن تتحكم الجامعات بمعايير القبول لتكون معايير كل جامعة منفصلة عن غيرها”.
طبعا؛ هذا التوجه لن يرى النور مثلما كان التوجه لإلغاء وزارة العمل، وعلى الأقل سيغادر الخصاونة الدوار الرابع قبل أن يضع بصمة إلغاء الوزارة.
معقول أن تكون هناك حكومة في الدنيا تفكر بإلغاء وزارة التعليم العالي.. وكمان البحث العلمي، على أساس أن البحث العلمي عندنا “مدمر السوق”.
لنترك “الهرج” ونتحدث في عمق التعليم العالي؛ في الأردن عشر جامعات حكومية، وسبع عشرة جامعة خاصة معترف بها على مستوى الدول العربية، وبعض الجامعات الأجنبية كالجامعة الأميركية والجامعة الألمانية الأردنية. وتستقطب الجامعات الأردنية كل عام عددًا كبيرًا من الطلبة الأجانب، وباتت بعض الجامعات واجهات أكاديمية لدول تعرضت لهزات سياسية، حيث تجد غلبة واضحة لأساتذة من جنسية معينة في جامعة خاصة مثلا، وكذلك بالنسبة لطلبتها، وكأنّك في جامعة ليست أردنية تؤدي دورها على أرض أردنية، وهذا لا يعيب بل قد يكون استثمارا نوعيا ونقلة إلى الأمام، خاصة إذا تمكنا من تحقيق التوازن بين فكرة إنشاء جامعة خاصة والالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية لرسالة التعليم العالي.
أجمعت معظم الدراسات على أن التعليم العالي يمر بمعضلة تهدد مستوى هذا القطاع الذي كان يعد مفخرة للأردن، وهذه المعضلة ازدادت تعقيدا بعدما أصبح الربح المادي هدفا رئيسا لمؤسسات التعليم العالي.
في معظم دول العالم أكاديميات التعليم العالي هي مؤسسات غير ربحية ممولة إما من الحكومات وإما وصلت إلى درجة من السمعة الأكاديمية تؤهلها لجلب التبرعات والوقفيات والمنح لتمويل نفسها.
ولكن بعض الجامعات أصبحت شركة تعتمد على تسليع المعرفة، بحيث صار الطالب زبونا والمدرس بائعا. هذا التوجه الاقتصادي أفرغ تلك المؤسسات من فكرة مجمعة يتمحور حولها الهدف من إنشاء الجامعة.
طبعا؛ إن تحدثنا بموضوعية عن بعض المستثمرين في الجامعات الخاصة ويتربعون على دفة إدارتها، فهنا أس الكارثة، فمع أنهم شبه أميين تعليميا، فهم كذلك في الادارة، ولكن “الدنيا أرزاق”.
أكثر من مسؤول عن التعليم العالي يصف الحال منذ سنوات بأنه “في غرفة الإنعاش”، فهذا يعني أن مخرجات التعليم انخفضت إلى مستوى لم يعد مقبولا السكوت عنه، حيث الحريات الأكاديمية مقموعة، والبنية التحتية للجامعات والخدمات لم تعد تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلبة، وهو ما نتج عن فتح البرنامج الموازي على مصراعيه، إضافة إلى قبول أعداد كبيرة من الطلبة تحت بند الاستثناءات التي أصبحت تشكل ما يزيد على الـ 60 % من مجموع المقبولين على القبول الموحد، إضافة إلى التضخم الإداري والفساد والمحسوبية، ما يعني تراكم عبء ثقيل على موازنات الجامعات الرسمية.
إدارات بعض الجامعات تتحول مع الأسف إلى إدارات لشركات استثمارية تنظر إلى الجامعات من منظور الربح والخسارة والمديونية فقط، ومع هذا لا تمنح الكوادر التعليمية من أساتذة ومدرسين حقوقهم المالية بشكل يليق بسمعة المدرس الجامعي، وهي تتعامل معهم كموظفي درجة تاسعة في مؤسسات وشركات خسرانة.
بالمناسبة؛ من يعرف بالضبط كم ارتفاع جسر عبدون….؟!!!
الدايم الله…..