نواب يدافعون عن “الجرائم الإلكترونية” أكثر من الحكومة!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
الأجواء العامة حول قانون الجرائم الإلكترونية الجديد لا تبشر بخير.
صحيح أن رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي يقول نحن في المجلس لسنا في استعجال لإقرار القانون، الذي لا يدعو إلى تكميم الأفواه كما يقول الصفدي (حُسمَ الامر) ، لكن من لحظة وصول القانون إلى مجلس النواب ظهرت هناك أصوات نيابية تدافع عن القانون بشراسة أكثر من دفاع رجال الحكومة، وهذا خطر على موقف مجلس النواب، وعلى الحريات أيضا.
صحيح أيضا أن وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول يقول إن الصحفيين في الأردن محصنين بقانوني المطبوعات وهيئة الإعلام المرئي، لكن من يضمن أن لا يعاقب الصحافي على صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي، وجمعينا نعرف أن وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية كلها تعتمد اعتمادا رئيسيا على ترويج منصات التواصل.
سيمر القانون مثلما أرادته الحكومة، مع تعديلات شكلية يسمح لمجلس النواب أن يدخلها ضمن مواد القانون خاصة الغرامات الفاحشة، فبدلا من غرامة 40 ألف دينار، ممكن أن تهبط إلى 30 ألفا، وهذا لن يغير من هدف القانون الرئيسي وهو تشديد العقوبات وفرض الرعب والتخويف على كل من يتطاول على أية جهة رسمية أو حكومية ومجلس النواب بالنقد.
الحكومة لا تعترف بتراجع الحريات العامة، في الأقل، هذا ما يعلنه رجالاتها، مع أن مؤشرات المؤسسات الدولية تعلن بلا تردد هذه التراجعات.
هذا الواقع لا يعني غض الطرف عن الأخبار التي نسمعها عن شبكات النصب والاحتيال والاستغلال من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
قد يكون ضغط العمل على وحدة الجرائم الإلكترونية أكثر الجهات التي تحاول أن تتصدى لشبكات النصب والاحتيال، وتصدر التنبيهات والتحذيرات شبه اليومية، لكن كمية الجرائم الإلكترونية في تزايد، والأخطر أن هناك جرائم كثيرة يضطر فيها مواطنون إلى الصمت خوفا من الفضائح، فيقعون ضحية الاستغلال مرة ومرات.
مهما كانت التنبيهات والتحذيرات الرسمية من هذه الشبكات إلا أن الضحايا لا يتعلمون من أخطاء غيرهم، ونسمع كثيرا عن ضحية – خاصة من كبار السن – تقع في شباك الاستغلال بعد ان يتم تصويرها عارية من قبل محترفين يركِّبون أصواتًا نسائية على صفحات وهمية.
طبعا؛ شخصيا وبتواضع أنا من مناصري منصات التواصل الاجتماعي ، والإيجابيات التي أوجدتها هذه المنصات، وأرى أن الثورة في مجال الاتصالات والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أهم منجز تم في الـ 100 عام الأخيرة.
فالعيب ليس في منصات التواصل الاجتماعي، بل في الأخلاق التي اعتراها الفساد والخراب عموما.
العالم الآن لا يمكن أن يسير إلى الأمام من دون تعزيز جودة منصات التواصل الاجتماعي لأنها سلاح الإشارة في كل تغيير يحدث في المجتمعات، وأصبحت تتحكم في العالم، لا بل فرضت سياساتها على زعيم أكبر دولة في العالم وأقواها عندما قررت إدارة منصة تويتر حجب صفحات الرئيس الأمريكي السابق ترامب.
ليعترف كل منا كيف تكون حالته النفسانية والعامة عندما تتعرض صفحته لقرصنة على مواقع التواصل، أو تقوم إدارة الفيس بوك مثلا بتقييد حسابه.
الاغتيال في وسائل التواصل الاجتماعي أقوى وأخطر من الاغتيال بالسلاح الحقيقي، لأن الجريمة تُنسى بعد سنوات وتُتجاوز آثارها، أما الاغتيال في وسائل التواصل الاجتماعي فيبقى للأسف طوال الزمان، لأن كل ما يدخل في بطن الشبكة العنكبوتية من الصعب جدا شطبه، فيتحمل الأولاد والأحفاد وِزر ما يتعرض له والدهم من ظلم وتشويه لسمعته.
الدايم الله….