محمد قطيشات عن مشروع قانون الجرائم الالكترونية: الصياغة لم تكن سليمة
الشعب نيوز:-
أكد مدير هيئة الإعلام السابق، المحامي محمد قطيشات، وجود ملاحظات عديدة على مشروع قانون الجرائم الالكترونية الذي أقرّته حكومة الدكتور بشر الخصاونة ويخضع للنقاش في اللجنة القانونية بمجلس النواب، مشيرا في ذات السياق إلى أن الأفكار الواردة في مشروع القانون “محمودة” لكنّ الصياغة لم تكن سليمة، بل وخاطئة في بعض الأحيان.
ورأى قطيشات، أن نصوص المواد (15 – 16 – 17) ستؤدي إلى “افلات الجناة من العقوبات إذا جرى تطبيقها وفق تفسير ضيّق، فيما ستؤدي إلى تجريم أفعال لم يستهدف المشرّع تقييدها إذا ما جرى تطبيقها بتفسير واسع”.
وقال قطيشات في معرض قراءته للقانون الجديد، إن هذا المشروع جاء كمكّمل لقانون العقوبات (العام)، حيث أن قانون العقوبات لا يُمكن أن يشمل كافة الجرائم، لذلك يُلحق بقوانين مكمّلة، فيُضاف لهذا القانون العام قوانين تتضمن الجرائم المستحدثة تكون مكمّلة له.
وأضاف قطيشات أن فكرة القانون محمودة، وهي تقوم على تنظيم ما نعايشه اليوم من تقدّم تقني وتكنولوجي وذكاء اصطناعي أفرز أفعال جرمية لم تكن موجودة، لكنّ السؤال المهم: “هل التعبير عن هذه الفكرة بشكل صحيح ويتوافق مع الهرم التشريعي سواء الدستور أو القوانين الأخرى؟”.
ورأى قطيشات أن مشروع قانون الجرائم الالكترونية جاء ناقصا ولم يُعالج بعض الجرائم المستحدثة، كما أن هناك العديد من النصوص التي تحتاج إلى ضبط اللغة.
وبخصوص المواد الجدلية في القانون (15- 16- 17)، قال قطيشات إن جريمة “الذم والقدح” الواردة في المادة (15) وردت أيضا في قانون العقوبات وقانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الالكترونية النافذ، فلا خلاف على الجريمة بحدّ ذاتها، والمشرّع يفرّق بين الذمّ والقدح المباح الذي يعتبر (نقدا).
وأشار قطيشات إلى عدم وجود ما يستدعي ادراج “الأخبار الكاذبة” ضمن مشروع القانون، حيث أن تعريف الذم والقدح الوارد في قانون العقوبات يشمل الأخبار الكاذبة، لافتا إلى أن المشرّع اخطأ خطأ كبيرا بعدم تجريم الشائعات التي تهزّ المجتمع والسلم المجتمعي في بعض الأحداث المفصلية التي قد تمرّ بها البلاد، والأفضل أن تبقى الأخبار الكاذبة تلك المنضوية تحت بند “الذم والقدح والتحقير” الوارد تعريفها في قانون العقوبات.
وقال قطيشات إن تجريم “الذم والقدح” يأتي من باب حماية حقّ السمعة والشرف والكرامة للمسؤول أو الموظف العام، ولا يعني تجريم حقّ النقد، مشيرا إلى أن “المشرّع يوازن بين المصالح، فكما يجرّم الذم والقدح يبيح حقّ النقد”.
ورأى قطيشات أن “تجريم الذم والقدح لا علاقة له بتكميم الأفواه”، لافتا إلى نصّ المادة (192) من قانون العقوبات، والتي تقول “إذا طلب الذام أن يُسمح له بإثبات صحة ما عزاه للموظف، فلا يُجاب لطلبه، إلا أن يكون ما عزاه يتعلق بواجبات الموظف الوظيفية، أو أن يكون جريمة تستلزم العقاب”.
وبخصوص اتاحة ملاحقة الأفراد دون وجود ادعاء بالحق الشخصي الواردة في الفقرة (ب) من المادة (15) في مشروع القانون، قال قطيشات إن هذا النصّ ليس جديدا، ففي قانون العقوبات لا يشترط وجود شكوى من قبل الأفراد، حيث أن المادة (191) التي عاقبت على الذم والقدح الموجه للموظف العام بسبب وظيفته، جاءت تحت باب الجرائم الواقعة على السلطة العامة، والهدف من تجريم هذه الأفعال هو حماية الوظيفة العامة وليس الأشخاص، لذلك لم يشترط الادعاء بالحق الشخصي.
وأكد قطيشات عدم وجود ما يستدعي ادراج مصطلح “اغتيال الشخصية” في مشروع القانون، إذ أن “اغتيال الشخصية” هو نتيجة لتكرار أفعال “الذم والقدح والتحقير” وهذا مجرّم أصلا.
وفي تعليقه على المادة (17)، أوضح قطيشات أن مصطلحات “اثارة النعرات، واثارة الفتنة، والنيل من الوحدة الوطنية” تصلح كعناوين وليس كنصوص تشريعية، والأصل تفصيل هذه الجرائم لبيان أوجه اثارة النعرات أو اثارة الفتنة، كما أن الأصل معالجة قضية الاعتداء على الأديان بشكل أعمق مما ورد في مشروع القانون.
ورأى قطيشات أن بعض العقوبات المالية كان فيها “مغالاة”، مشددا على ضرورة أن يكون هناك موازنة لها، بالاضافة إلى تخيير القاضي في العقوبة بين الحبس أو الغرامة.
وجدد قطيشات تأكيده على أن نصوص المواد (15 – 16 – 17) ستؤدي إلى افلات الجناة من العقوبات إذا ما جرى تطبيقها وفق تفسير ضيّق، وستؤدي إلى تجريم أفعال لم يرد المشرّع أن يُقيّدها إذا طُبّقت بتفسير واسع.
ورأى قطيشات أن المادة (25) من مشروع القانون هي أخطر مادة، حيث أنها تجرّم أصحاب المنشورات استنادا إلى تعليقات الآخرين عليها، مشددا على ضرورة استثناء كافة اصحاب الصفحات عن تعليقات الاخرين على منشوراتهم، إلا إذا وردهم طلب قضائي بشطب تعليق ورفض تنفيذ الطلب.
وقال قطيشات إن المادة (26) من مشروع القانون، تستثني وسائل الإعلام المرخّصة من أحكام مشروع القانون، غير أن المادة (25) تُقحم أي وسيلة إعلام تملك صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنصوص القانون.