أزمة النيجر وثروات القارة الافريقية من منظور اقتصادي.. زياد الرفاتي

الشعب نيوز:-

 تقع النيجر على الساحل الافريقي ويبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة وتحيط بها دول افريقية وعربية عديدة كنيجيريا ومالي وبوركينا فاسو وبنين والجزائر وليبيا ، وتعد من أفقر الدول حيث تحتل المرتبة 174 في قائمة الدول الأكثر فقرا في العالم من أصل 177 دولة رغم ثرواتها الطبيعية وخاصة اليورانيوم الذي يشكل انتاجها 4% من الانتاج العالمي وأكبر مزود به الى فرنسا والاتحاد الأوروبي الى جانب دول كازاخستان وأوزبكستان وكندا وناميبيا وواحدة من أكبر خمسة منتجين بالعالم في العام 2022، وتعتبر كازاخستان البلد الأول عالميا في انتاج اليورانيوم ويغطي 43% من الاحتياجات العالمية وكندا 15% وناميبيا 11% وأوزبكستان 7% والنيجر 4% .

وتستورد فرنسا من النيجر 19% والاتحاد الأوروبي 25% من احتياجات اليورانيوم وقد بلغت كميات اليورانيوم الموردة للاتحاد الأوروبي من النيجر وكازاخستان وكندا نحو 74% من الاحتياجات.

سيكون لانقلاب النيجر انعكاسات على تصدير اليورانيوم الى فرنسا والاتحاد الأوروبي اللتان تعتمدان على استيراده من النيجر بشكل رئيسي في انتاج الطاقة الكهربائية ولا سيما وقود المفاعلات النووية .

ومن جانب فرنسا ، فانها تعتمد بنسبة 70% في انتاج الكهرباء على يورانيوم النيجر وتحتل فرنسا المركز الأول بتصدير الكهرباء في أوروبا ، وعلى أخشاب الكونغو في تصنيع الأثاث الفرنسي ، وعلى بترول الجابون في توفير الوقود ، وعلى غينيا في الذهب الفرنسي ، وعلى كوبالت الكونغو في صناعة الهواتف الفرنسية ، وعلى حديد موريتانيا في صناعة السيارات الفرنسية ، وعلىكاكاو ساحل العاج في صناعة الشوكولاته الفرنسية ، وقد كانت الدول الافريقية سابقا مستعمرات فرنسية . .

والنيجر حاليا وهي بلد اليورانيوم والطاقة يغرق حاليا في الظلام الحالك لقطع امدادات الكهرباء من جارتها نيجيريا كعقوبة على الانقلابيين ، كما قامت الولايات المتحدة وفرنسا بتعليق مساعداتها التنموية ودعم الموازنة الى النيجر واشتراط استئنافها بانهاء الانقلاب وفرض عقوبات تجارية من الدول المجاورة والتي بدأ يظهر تأثيرها سريعا على ارتفاع الأسعار في أسواق النيجر .

تشكل المعادن 40% من صادرات النيجر تساهم بنسبة 3% من الناتج المحلي الاجمالي ، وتعتمد على شركاء دوليين لتغطية عجز الموازنة وتحصل على مساعدات انمائية سنوية بقيمة ملياري دولار .

كما أن 11% من سكان النيجر يعانون انعداما حادا للأمن الغذائي ، وقد نما الاقتصاد بنحو 12% في العام 2022 مدعوما بقطاع الزراعة بعد الانتهاء من الجفاف الذي أصاب البلاد في الستوات السابقة ، وتباطا التضخمفي العام 2023 الى 2،7% مقابل 4% في العام 2022 .

وحسب مراكز الابحاث وخبراء الطاقة والبيانات الاقتصادية المنشورة ، فان صراع نفوذ بين أكبر دول العالم لبسط السيطرة على أفريقيا التي تستحوذ على ما نسبته 30% من الثروات الطبيعية في العالم وبحجم 6،2 تريليون دولار وتستحوذ أيضا على 65% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم لكنها غير مستغلة ، ويتوقع البنك الافربقي للتنمية معدلات نمو جيدة في القارة الافريقية بنحو 4% في العام 2023 رغم التحديات الاقتصادية وتفوق معدلالنمو العالمي ، ويواجه النموالافريقيمخاطر وتحديات بسبب ضعف النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار الفائدة والخسائر الناجمة عن التغيرات المناخية والتوترات الجيوسياسية الاقليمية والدولية والصراعات الداخلية التي تستنزف كل أنواع الموارد .

وهناك مخاوف وتحذيرات من أن تتحول افريقيا الى ساحة جديدة لحرب الطاقة ، حيث تشكل 13% من احتياطيات الغاز العالمية ونحو 7% من احتياطيات النفط ، وكذلك انتاجها يشكل 7% من انتاج النفط العالمي وأنشطة الاستكشاف والانتاج قفزت لأعلى مستوى منذ عام 2019 ، ومشاريع الغاز الجديدة ستضيف نحو 120 مليار متر مكعب بحلول 2030 ، وتوقعات الخبراء بنمو انتاج الغاز في افريقيا بأكثر من الضعف بحلول عام 2050 ، وتشكل أيضا نحو 1% من قدرات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم .

ستصبح النيجر بؤرة للصراع الدولي حيث ثروات وموارد النيجر في مهب النزاعات الدولية ، ودول افريقيا تبحث عن مصالحها التجارية والاقتصادية مع دول الغرب والشرق ، وأن أزمة النيجر تكلفتها باهظة الثمن بالنسبة لأوروبا وتهدد بصدمة جديدة للاقتصاد العالمي امتدادا لسلسلة أزمات متشابكة تهدد تعافي النمو العالمي حيث أزمات أوكرانيا والنيجر تحديات تهدد استقرار النمو العالمي ، والتهديد بتدخل عسكري خارجي في النيجر لاعادة السلطة والنظام الدستوري وقد أغلقت مجالها الجوي يثير المخاوف من توسع دائرة الصراع في أفريقيا وامتداده الى دول الجوار .

أما عربيا ، فقد أعلنت الجزائر التي لها حدود طويلة مع النيجر عن المخاوف من تداعيات انقلاب النيجر على الدول العربية المحيطة وترفض تلك الدول والولايات المتحدة وأطراف اقليمية ودولية التدخل العسكري لانهاء الانقلاب واللجوء الى الدبلوماسية كسبيل أفضل لحل الأزمة ، ويسود انقسام بين دول جوار النيجر بشأن قضية التدخل العسكري والذي سيكون له تبعات على الأستقرار والأمن والوحدة في منطقة الساحل الافريقي . وتتعاون الجزائر والنيجر أمنيا في عمليات محاربة الارهاب والجريمة العابرة للحدود وتعتبر الجزائر أن ما يحدث في النيجر تهديد مباشر لها وترفض أي تدخل عسكري ولا حل في النيجر من دون الجزائر ، كما تحذر ليبيا من انتشار الميليشيات المرتزقة والجماعات الارهابية العابرة من حدود النيجر اليها وتأثير ذلك سلبا على الأمن الداخلي .

قد يعجبك ايضا