الجاهة والسياسة.. كيف نحمي الإصلاح ؟!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي
بعد أن صعدت قضية الزميل عمر كُلّاب إلى واجهة الأحداث في الأردن، واحتلت على مدى يومين تريند الأخبار والتعليقات، هاي هي القضية تنتهي اليوم بجاهة كريمة يقودها كرام، لطي صفحة كان يجب أن لا تصل إلى هذا الحد.
كنت شخصيا أتمنى أن تذهب القضية للقضاء حتى نعلم جميعا الخيط الأبيض من الخيط الأسود في قانون الجرائم الإلكترونية المعمول به حاليا قبل إقرار القانون الجديد، وحتى نعرف مديات القدح والذم، ومديات حرية التعبير.
وقانونيا؛ سألت أكثر من صديق قانوني حول القضية فكان الرأي بالإجماع أن ما تم ليس فيه قدح وذم واغتيال للشخصية، وإنما وجهة نظر بالغ صاحبها في إيصالها وبكل درجات حسن النِّية.
لنوسع الحديث قليلا، ومن دون غضب أو تأويل، إذا كانت عقلية الجاهة هي التي سترسم خريطة طريق الإصلاح في الأردن، فليس هذا هو الإصلاح الذي نريد.
نريد للقانون حتى لو لم نكن راضين عنه، ولا مؤيدين لإقراره أن يكون حجر الرحى لكل عملية سياسية أو إصلاحية في البلاد.
المعالجة السياسية كان يجب أن تتم بالقانون، أما التفكير بعقلية الجاهة، والاعتذارات، فهذا لا يسجل في باب الإصلاح السياسي، وبالعكس يسحب من الرصيد إن وجد.
لم يعد الشعب قادرا على هضم سياسات معاكسة لمتطلبات الإصلاح، ورموز تسعى بكل جهدها لإدارة دفة البلاد إلى الوراء، في الوقت الذي يقر فيه الجميع بضرورة التغيير، وتقديم الاستحقاقات المعيشية، والديمقراطية المؤجلة للشعب وفئاته الفقيرة والمتوسطة.
الخطاب الإصلاحي حتى يجد طريقه للتطبيق لا بد من ترجمته إلى برنامج وخطط عمل ملموسة، وإدارة تنفيذية كفؤة، تمد يدها للاحتياجات الشعبية، وللخبرات الهائلة المتوفرة في أوساط المجتمع، للاستعانة بقدراتها لحل وفكفكة الاستعصاءات، تحديدا، المعيشية، والاقتصادية منها.
هذا الحديث يفتح على ضرورة الخروج من العقلية النمطية السائدة في تشكيل الحكومات وانتقاء المسؤولين عن المحاور الرئيسة في عمل الدولة وإدارة شؤون المجتمع، بالاقتراب من نبض الشعب وروحه الوثابة الطامحة إلى التغيير، فالمسألة هنا لا تتعلق بهذا الشخص أو ذاك، بقدر ما يجب أن يتجه التفكير الرسمي نحو الكفاية والقدرة على إدارة هذا المحور أو ذاك، من دون تجاهل التجارب المريرة التي مرت بها الحكومات غير الفاعلة، وغير القادرة على تحمل مسؤوليات وطنية كبرى.
في مثل هذه الظروف الدقيقة، وبعيدا عن السجال السياسي بشأن تشكيل الحكومات البرلمانية، وصيغة الافكار المستحدثة بتشكيل الاحزاب والطموح بحكومات برلمانية، حيث لا وجود لمقومات حكومة برلمانية بأية صيغة كانت، ولا التشاور مع الكتل النيابية (التي انفرط معظمها أو تفكفك) يمكن أن يحل معضلة، غياب حكومة منتخبة على أساس وجود كتل سياسية متماسكة في البرلمان.
باختصار، وحتى يستقيم النقاش، وتستقيم معه التوجهات السياسية، فلا بد من وضع محددات لأية حكومة قادمة تعتمد بدرجة رئيسة على ثلاثية: الكفاءة والنزاهة، والقدرة والتخصص، والاقتراب من روح الشعب ومطالبه.
الدايم الله.