مقال للكاتب السعودي الرطيان .. يثير ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي

الشعب نيوز:-

عن الشيوخ والعسكر والديموئراطيي!

محمد الرطيان – كاتب سعودي

1

في لبنان والكويت: ما أكثر الضجيج الحر.. وما أقل الحريّة!

في لبنان والكويت: الصحف أكثر من القراء. والشاشات أكثر من المشاهدين. والساسة أكثر من المواطنين. والثرثرة أكثر من الإنجازات.

في لبنان والكويت: نماذج تجعلك تشعر أن زهرة الديموقراطية تنمو في كل أرض، إلا أرض العرب، لا تنمو فيها هذه الزهرة السحرية حتى ولو سقيتها بماء عيونك!

ليست ديمقراطية تلك التي لا ينجح فيها إلا (ملوك الطوائف) أو من يمثلهم.. وليس برلمانًا هذا الذي تصله، وبرنامجك الانتخابي الوحيد: ” وين ربعي ” .. ” وين محزمي ” .. ” وين عصابة رأسي ” ؟!!

سيأتي أحدهم ليقول: ” يوبا شنو تعرف أنت عن الديموغراطيا ” ؟!! سيأتي آخر ليقول: ” و هلأ يا بدوي إنتا شو فهمك بالديموئراطيي ” ؟!

سأقول لهم: وماذا تعرفون أنتم عن التنمية والبناء وصناعة الدولة؟ قارنوا بين حياتكم ومدنكم مقابل: الرياض، أبو ظبي، مسقط، الدوحة..

لحظتها ستبيعون كل هذا «الضجيج الحر» الذي لم يستطع أن يوفر مضاد حيوي لطفلة تواجه الموت في بيروت!

2

لم يعرف المواطن العربي – طوال القرن الماضي – سوى حاكمين: الشيخ والعسكري.

العسكر طوال الخمسينيات والستينيات يسخرون من الشيوخ ويحرضون شعوبهم عليهم. العسكر العرب – ولسبب أجهله – يظنون أنفسهم أنهم تقدميون، والشيوخ رجعيون!

لم يترك العسكر العرب نظرية سياسية إلا وطبقوها على شعوبهم: كانوا يقفزون بمهارة لاعب سيرك من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. يستطيعون أن يجمعوا كارل ماركس وشيخ طريقة صوفية في طبخة واحدة، وعلى العقل الشعبي أن يلتهمها، ويصفق لها ولطعمها، ويلحس أصابعه، وعقله.. للذتها! الشيوخ – في الغالب – حكماء. العسكر – في الغالب – متهورون. خذوا هذين المثالين: معمر في ليبيا، وزايد في الإمارات.

يُقال، في أوائل السبعينيات، زار الشيخ زايد – رحمه الله – ليبيا وانبهر بجمال «بني غازي» وقال: متى أرى أبوظبي بجمال هذه المدينة؟ ومرت السنوات، انشغل زايد ببناء أبوظبي وشقيقاتها، وانشغل معمر بهجاء «مشايخ النفط». جلب زايد كل شركات الدنيا لبناء المدن ورفاهية الإنسان وصناعة المستقبل.

وجلب معمر كل فكرة مجنونة وطبقها على الشعب الليبي.. ولم يكتفِ بهذا: كان عقله المهووس يبتكر من النظريات السياسية ما لم يخطر على بال أدهى فلاسفة السياسة!

أبوظبي وليبيا: كلتاهما تمتلكان نفس الثروة، كلتاهما بدويتان لهما نفس الطباع، كلتاهما لهما نفس التعداد البشري المتقارب.

كان زايد نعمة الإمارات، وكان معمر نقمة ليبيا. القذافي فرّق المجتمع.. وجعل «الدولة» إمارات متناحرة زايد جمع المفترق.. وجعل «الإمارات» دولة.

رحل الاثنان.. الثاني: ترك وراءه الخراب، والخوف، والمستقبل المجهول، والدعوات الغاضبة التي تطارده في قبره.

الأول: ترك وراءه أبوظبي الجميلة، ودبي الباهرة، والشارقة الشارقة، والإنسان الآمن المطمئن المُرفّه الذي لايزال يدعو له في صلاته.

3

من أخبث الأسئلة التي من الممكن أن يواجهها المواطن العربي – والخليجي تحديدًا – هو: أيُّهما تُفضّل: “تنمية” الإمارات.. أم “ديمقراطية” الكويت؟!

هو سؤال يشبه تلك الأسئلة التي تأتي وإجابتها جاهزة في بطنها.. يجعلك تنظر للثانية بريبة وحذر خوفًا منها على الأولى ومنجزاتها! ومكمن خبثه الأكبر أنه يُوحي لك أن اجتماعهما: مستحيل! سيقول لك عقلك: ما قيمة الرغيف الذي لا تصله يدي بحرية؟

سيقول لك بطنك: وماذا أفعل بالحرية وأنا جائع؟ سيقول لك قلبك.. وقلب المؤمن دليله: أريدهما معًا!

4

السؤال الذي يجب ان نفكر به كثيرًا: لماذا فشل النموذج الديموقراطي في الكويت في بناء التنمية.. ونجح النموذج (اللا ديموقراطي) في الرياض وأبوظبي ودبي والدوحة في بناء تنمية مذهلة ومدهشة؟!

سؤال آخر: أيهما الذي يصلح أكثر لإدارة أكثر من مليار نسمة من البشر.. ديمقراطية الهند أم الحكم الشمولي في الصين؟

من الذي نجح في التنظيم والتعليم والصناعة والاقتصاد وتقديم شيء من الرفاه لشعبه بين النموذجين: الهند ام الصين؟

ثم.. من الذي قال ان أفضل ما وصلت إليه البشرية من أشكال الحكم هو الحكم الديمقراطي (لانه الشكل الأكثر رواجًا عند الثقافة الغالبة/ الثقافة الغربية) … الديموقراطية أتت بهتلر إلى الحكم. والحكم العائلي الوراثي أتى بعمر بن عبدالعزيز إلى الخلافة. من الذي قال لك أن الديمقراطية أجمل وأعدل شيء ابتكرته البشرية؟!

5

الثقافة العربية تحتفي بالفرسان – واشباههم – أكثر من الحكماء.. والذاكرة العربية تحفظ اسم عبدالناصر وصدام، وتنسى اسم المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب!

قد يعجبك ايضا