وَصَلَتْ لِستّيني يا جماعة!

الشعب نيوز:-

أسامة الرنتيسي

من كل قلبي؛ أتمنى أن يكون خبر نجاح رجال الأمن العام في ثني رجل ستيني عن محاولة الانتحار، غير دقيق ، فإذا وصلت الأمور إلى ستيني يهدد “برمي نفسه من أعلى نفق المدينة الرياضية في عمان ليل الخميس على الجمعة” فإن الأمور كارثية أكثر مما نتوقع.

نسمع ونتابع أن شابا أو شابة يهددان بالانتحار بسبب قلة الوظائف، او ضغوطات الحياة، أما أن تدفع الحاجة أو أي ظرف آخر ستّينيا إلى يفكر مجرد تفكير بإنهاء حياته، فأننا أمام وضع صعب وعلى مجسات الدولة الحقيقية أن تقف عند حدود مسؤوليتها جيدا، ولا نبقى أسرى مقولة “إن الأردنيين عموما يكثرون من الشكوى والتذمر”.

فعلا؛ كما قال وزير سابق: ماذا يعني أن تكون أرقام البطالة في الأردن 24 % على رأي إحصاءات الحكومة، أو 30 % على رأي مؤسسات المجتمع المدني، أو 50 % كما قال صندوق النقد الدُّولي.

وأن أرقام الفقر التي تخفيها الحكومة في أحد الأدراج تصل إلى 15 % حسب آخر أرقام تعلنها، أو 27 % كما يتوقع البنك الدُّولي، وفوق 70 % كما يقول فقراء الأردن.

بعيدا عن لغة الأرقام الجوفاء، والتقارير المدبلجة بحبر تفوح منه رائحة الوجع، ثمة في مجتمعنا، بشر يوشكون على استنفاد آخر قطرات الحياة من أرواحهم، لوصولهم إلى مرحلة الفقر الذي حطم “خطوط” التصنيفات الرسمية كلها، من مدقع ومطلق.. وصولا إلى (عيش سريري).

ما حفزني على استحضار هذا النمط من الحياة؛ ما أشاهد من أوضاع عائلات محرومة من أبسط متطلبات العيش، تتنقل من جمعية خيرية إلى مراكز تسد رمق المحتاجين.

فقر تعاقبت عليه عقود عاشتها عائلات كانت قد فقدت الأمل بحياة مريحة، اعتادت القلة والجوع اللذين لا يسدهما الخبز الحاف، غير أن ما قلص من مأساة هذه العائلات – بعد أن تنشر قصصهم في الإعلام – ردود أفعال أهل الخير الذين يبدون استعدادهم للمساعدة بأقصى إمكاناتهم.

في لحظات معينة كم تشعر أن الدنيا لا تزال بخير، وأن روح العطاء لم تذو بعد، فمجتمعنا بأمس الحاجة لمثل هؤلاء المحسنين الذين لا يبحثون عن الشهرة عند تقديم ما يجودون به، ولمبادراتهم الخيرة، وإحساسهم الصادق بالآخرين في زمن صعب وسط حياة مؤلمة ثقيلة بأوجاعها واحتياجاتها.

مبادرات أهل الخير تعبر عن تكافل اجتماعي يعكس روح المجتمع وإنسانيته وتحضره، ويؤكد أهمية إحساس الفئات جميعها بعضها ببعض، ليكونوا أكثر حرارة وترابطا وطيبة.

استجابة المجتمع لكثير من القضايا التي تُطرح عبر وسائل الإعلام، يُحمِّل الصحافيين مسؤولية مضاعفة تعزيز هذا الدور الإنساني الكبير واستثماره لبث روح العطاء والتكافل بين أفراد المجتمع كافة.

والإعلام يلعب دور الوسيط من خلال مأسسة هذا الكرم، والحس الإنساني والشعور مع الآخرين في مجتمعنا، ويسهم في مد يد العون لمن يجتاجه.

السؤال عن المحتاج والبحث عنه والاهتمام بأحواله الصعبة لا يكلف شيئا، بل يعيد إلى حياتنا وعلاقاتنا الإنسانية بعضا من روحها التي ذبلت في هذا الزمن الذي يزداد جفافا وتصحرا ويباسا.

نعوّل على أن تكون الحياة عكس تلك التي وصفها عنوان رواية الروائي المبدع المرحوم جمال ناجي بأنها “حياة على ذمة الموت”.

بالمناسبة؛ مؤخرا؛ ألزمت محكمة بداية إربد بصفتها الإستئنافية طبيب بيطري بدفع 850 دينارا ثمنا لصاحب بقرة، كانت قد توفيت أثناء ولادتها جنينها “العجل”، ذلك أثناء عملية ولادة معسرة واجهها الطبيب البيطري انتهت بموت العجل وذبح أمه حتى يستفاد من لحمها قبل موتها.

الدايم الله…

قد يعجبك ايضا