“إسرائيل” تتحضر.. هل ستشتعل جبهة “الجنوبَيْن” معاً؟
الشعب نيوز:-
علاء حسن
حسناً، ها قد وصلنا إلى نقطة اللاعودة. ثمانٍ وأربعين ساعة كانت كافية لتحقيق النصر، لا بل وتثبيته، من دون أن يُقدم العدو الصهيوني على رد يعادل حجم الهزيمة التي تلقاها يوم “السبت الأجمل”، ففي حين يقوم العدو بالقصف العنيف على قطاع غزة، وهو الأمر الذي اعتاد عليه منذ خروجه منها عام 2005، بقيت فصائل المقاومة تصول وتجول في منطقة غلاف القطاع، وتحصد المزيد من الإذلال الذي يصيب جسد الكيان المترهل.
لكن ما هي الخطوة التالية؟
لغاية الآن، تعمل فصائل المقاومة وفق قاعدتين أساسيتين وهما: استثمار النصر، والحفاظ عليه لكونه عُمّد بالدم. هذا فضلاً عن النتائج الاستراتيجية التي قد تؤثر على مسار التحول العالمي الحالي. في هذا السياق، ترفض المقاومة الفلسطينية جميع الوساطات قبل أن يكف العدو عن عمليات القصف التي يمارسها على قطاع غزة، ولن يكون هناك حوار مع الوسطاء قبل توقف العدوان.
في المقلب الآخر، يتجهز العدو الصهيوني، الذي أعلن حالة الحرب، إلى خطوات تصعيدية كبيرة، وهو بدأ باتخاذ الخطوات العملانية للحرب، والتي تفيد المعلومات أنه بصدد شن هجوم بري واسع يُعيد فيها احتلال المناطق التي حررتها المقاومة الفلسطينية، ويعيد قوة الردع الهشة التي يعمل منذ سنين على ترميمها، وفي نفس الوقت يسيطر على المعارضة الداخلية، ويرسل رسائل اطمئنان إلى الدول الداعمة له، والمطبعة معه، أو التي في طريقها للتطبيع!
إلا أن المسألة الجوهرية في كل هذا السياق، ليس ما إذا كان الكيان سيشن هجوماً برياً واسع النطاق على منطقة الغلاف المحررة أم لا، وليس إذا ما سيحصل على دعم الولايات المتحدة وغيرها من الدول، بل في مدى اتساع رقعة المعارك في حال حصلت، وذلك لأن عملية برية من هذا النوع مدعومة بسلاحي الجو والمدفعية سيكون الهدف منها سحق المقاومة الفلسطينية، وبالتالي تثبيت قواعد اشتباك جديدة لصالح العدو قد تريحه سنوات للأمام، وهذا ما لن تقبل به قوى المقاومة في المنطقة، والتي تعتبر فصائل المقاومة الفلسطينية خط دفاعها الأول عن مشروع تحرير فلسطين وضرب الوجود الأميركي في المنطقة.
فإذا كان الدعم الأميركي المباشر للكيان أمراً مفروغاً منه لدى الكثيرين، فإن دعم محور المقاومة، وعلى رأسهم “حزب الله” في لبنان، للمقاومة الفلسطينية، أمرُ مفروغٌ منه أيضاً.
لكن فتح جبهة الجنوب اللبناني له حسابات غاية في الدقة لدى جميع الأطراف، فالعدو الصهيوني يعلم جيداً أن معركتين في الجنوب والشمال ستضعه بين فكي الكماشة، وأنه لن يكون قادراً على إدارة هاتين المعركتين من دون تدخل أميركي مباشر يعيد فيها شيئاً من التوازن، والولايات المتحدة تعلم أن أي تدخل من قبلها في مواجهة المقاومة في لبنان سيعني بالتأكيد استهداف جميع قواعدها المنتشرة في المنطقة، وأهمها القواعد المنتشرة في دول الخليج والعراق، فضلاً عن استهداف حاملات الطائرات التي بدأت بإرسالها إلى مقربة من فلسطين المحتلة، الأمر الذي يعني تدخلاً إيرانياً مباشراً في هذه المعركة، وتعلم دول الخليج بالتالي أن استهداف القواعد الأميركية المنتشرة على أراضيها، سيستتبع انهياراً على المستويين السياسي والاقتصادي، خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار السيطرة على مضيق هرمز والسيطرة النارية على باب المندب في البحر الأحمر.
من هنا، فإن الكيان الصهيوني يعيش أسوأ أيامه حالياً، فلا هو قادر على السكوت عما جرى، ولا باستطاعته حسم المعركة وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل يوم السبت. وفي الوقت عينه يعلم أن أي تجاوز للخطوط المرسومة، سيعني بالتأكيد تساقط أحجار الدومينو تباعاً في المنطقة، وانفجارها، من دون التيقن من أن هذا الانفجار سيفضي في نهايته إلى عودة الكيان إلى دائرة التأثير الأقوى في المنطقة.
وتعلم الولايات المتحدة أن انفجار المنطقة، ودخولها في معترك الحرب، سيؤسس لمنطقة جديدة خالية من الوجود الأميركي بسبب ما يحضره لها محور المقاومة، من غزة إلى اليمين مروراً بلبنان وسورية والعراق وإيران، وأن هذا الأمر سيعجل بظهور العالم الجديد الذي تسعى أميركا ليل نهار لأن لا يكون خارجاً عن إرادتها، فهل أصبحت الولايات المتحدة مستعدة لنهاية النظام العالمي الحالي وولادة النظام الجديد؟
تشير المعطيات إلى أن الولايات المتحدة الأميركية غير جاهزة بعد لهذه البداية، وبالتالي ستبذل قصارى جهدها من أجل احتواء الأزمة الحالية، من دون السماح لها بالتوسع خارج دائرة المعركة الدائرة.
لكن، يبقى هناك سؤال لا يملك أحد الإجابة عليه مسبقاً: من سيقرر حدود الحرب.. غرف العمليات أم الميدان؟