الاستثمار السعودي في الرياضة والبعد الاستراتيجي
الشعب نيوز:-
زياد الرفاتي
احتضن ستاد عمان الدولي بمدينة الحسين للشباب يوم الحادي والعشرين من الشهر الجاري مباراة المنتخب الأردني لكرة القدم مع شقيقه المنتخب السعودي في الجولة الثانية من المجموعة السابعة ضمن تصفيات التأهل لنهائيات كأس العالم 2026 وانتهت بفوز الأشقاء بهدفين دون مقابل .
وقد سعدنا بمشاهدتها من الدرجة الخاصة للملعب وسط أجواء احتفالية مبهجة جمعت الجمهورين الأردني والسعودي بكثافة شجعا بحرارة طوال وقت المباراة وجهد أمني منظم لتوفير سبل الراحة والسلامة وحضور السفير السعودي في عمان .
وقد ظهر خلال المباراة التطور الملموس على الكرة السعودية الذي يعكسه أداء المنتخب واللياقة البدنية العالية وطريقة اللعب والاعتماد على ألأعمار الشابة للاعبين والبناء عليهم واقتناص أنصاف الفرص وترجمتها الى أهداف وهذا ما حصل حيث سنحت له ثلاث فرص أمام المرمى الأردني خلال المباراة سجل منها هدفين والثالثة ارتدت من القائم رغم الاستحواذ على الكرة أغلب الوقت من المنتخب الأردني واضاعة بعض الفرص الثمينة ، الا أن قاعدة الاستحواذ وحدها غير كافية لحسم المباريات ان لم تتحول الى أهداف ويحتاج لوقفة تقييمية للأداء السابق والمرحلة المقبلة في عهد المدير الفني المغربي في أقل من ثلاثة أشهر لتشمل الوقفة أيضا المنظومة الكروية برمتها استعدادا لمباريات الجولة الثالثة التي ستنطلق في أذار 2024 ، تلقى فيها المنتخب خمس خسائر في مباريات استعدادية ودية ورسمية ولم يحقق فوزا واحدا في مباريات أخرى ، وأصبح ترتيبه ثالثا في المجموعة التي تضم السعودية وطاجيكستان وباكستان ويفقد خمس نقاط في الجولتين الأولى والثانية من التصفيات وبحوزته نقطة واحدة من تعادل مع طاجيكستان في الدقيقة الأخيرة من المباراة هدف لهدف وخسارة من السعودية رغم المبررات التي يسوقها المدير الفني عقب كل مباراة ، وبدأت الجماهير تشعر بالقلق ازاء امكانية المنتخب في التأهل للدور المقبل من التصفيات .
لقد برزت في السنوات الأخيرة تحولات كبيرة وملموسةفي الرياضة العربية ولم تعد كالسابق مجرد ممارسة لقضاء الوقت أو الهواية أو المتعة الرياضة ، بل تحولت الى قوة ناعمة والاستثمارات الرياضية الواعدة رهان على تلك القوة ، ودول الخليج بدأت تتوسع بالاستثمار في الرياضة وأصبح الاستثمار في القطاع الرياضي يحقق ترويجا بمفاهيمه المتعددة وأرباحاعلى مستويات مختلفة وبطولة كأس العالم في دولة قطر عام 2022 من أفضل استراتيجيات الترويج التي اعتمدتها الدوحة ، ويمكن القول أن احتضان كبرى المسابقات الرياضية بات شكلا من الدبلوماسية الجديدة. مع اشارة مستشارون رياضيون أن الرياضة استثمار كبير اذا تم القيام به بشكل صحيح فالاستثمار في الأحداث والبطولات ينتج عنه شيئان هما جذب السياح وخلق الوظائف .
وقد نجحت دول الخليج في جذب الأنظار حيث استضافت قطر والبحرين والامارات والسعودية سباقات السيارات Formula 1 ، ومساعي قطرية للاستحواذ على نادي كرة سلة أميركي ، وسعي جهاز قطر للاستثمار ( الصندوق السيادي ) لشراء حصة بنسبة 5% من مالكة نادي ” واشنطن ويزاردز ” وسط فورة انفاق الصناديق السيادية وكذلك صندوق أبو ظبي والدول الخليجية على الرياضة وهي تعتمد على دراسات جدوى متقدمة للاستثمار والجدوى والعائد يثبته السوق .
وفي السعودية استحوذ صندوق الاستثمارات العامة على حصة بنسبة 75% من أندية من دوري المحترفين السعودي وتحويلها لشركات مملوكة للصندوق السيادي وهي الهلال والنصر والاتحاد والأهلي .
وأصبحتالرياضة في بوتقة اهتمامات صندوق الاستثمارات العامة السعودي وأعلن في شهر اب الماضي عن تأسيس شركة سرج للاستثمارات الرياضية بهدف دعم نمو قطاع الرياضة في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، دعم توطين الشراكات مع سلسلة سباقات عالمية للسيارات وتوقيع اتفاقيات رعاية مع أندية كرة القدم السعودية بواقع 100 مليون ريال لكل منها ، تنظيم فعاليات مرتبطة بالمشجعين ، استكشاف فرص استثمارية جديدة تساهم في تحقيق رؤية 2030 ، توحيد رياضة الجولف عالميا ، السعي للحصول على حقوق الملكية لانشاء الفعاليات الرياضية الجديدة ، الاستثمار في الحقوق التجارية للبطولات الرياضية ، استضافة الفعاليات الرياضية العالمية ، والاستثمار في الأصول الرياضية محليا واقليميا .
وتم في أب ايضا الاعلان عن استثمار السعودية مبلغ 100 مليون دولار في دوري المقاتلين المحترفين الأميركي ( المصارعة الأميركية ) ، و انشاء جمعية التسويق الرياضي السعودية وتعيين مجلس ادارة لها .
وقد بدأ الاستثمار باللاعبين السعوديين قبل الاستثمار باللاعبين الأجانب من خلال الاهتمام بهم والعقود المميزة لهم مع ارتفاع عدد الرياضيين بالدوري السعودي الى 81 ألف رياضي في العام 2023 ، واستضافة المباريات لأعرق الأندية على أراضيها وشراء اللاعبين واستضافة مباريات الملاكمة والجولف وتمتلك أدوات النجاح في كرة القدم التي هي أرض خصبة قابلة للتطور ، وتستعد السعودية لاطلاق مجموعة استثمارية رياضية ، والاتحادات الدولية أشادت بتنظيم السعودية للمنافسات الرياضية ، ولا ضير أن تعمل السعودية على الترويج والتسويق وقدوم الجماهير من الخارج لحضور المباريات واتساع قاعدة المتابعة والمشاهدة والنقل التلفزيوني والنتائج الايجابية لذلك على مختلف الصعد .
علاوة على ذلك ، تم ابرام تعاقدات من الحجم الثقيل في دوري المحترفين السعودي وصفقات مليونية تسهم في تطوير كرة القدم وتروج للرياضة بالمملكة العربية السعودية وسرية تفاصيل الصفقات والانتقالات لكبار نجوم أوروبا تحافظ على نجاحها ونشاط تاريخي للأندية السعودية في بورصة الانتقالات الصيفية في استقطاب نجوم الكرة الأوروبية ، و بعد مطالبات بريطانية بايقاف انتقال نجوم الدوري الانجليزي للسعودية أكدت رابطة الدوري الانجليزي أن ما قامت به الأندية السعودية من شراء اللاعبين قانوني .
ويبحث اتحاد محترفي التنس مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي تنظيم البطولات ويقول أن السعودية تمتلك القوة لاستضافة بطولات التنس العالمية ، وستستضيف نهائيات الجيل القادم لرابطة محترفي التنس حتى عام 2027 .
ويعد انضمام اللاعب البرتغالي العالمي رونالدو لنادي النصر السعودي وتبعه اللاعب الدولي الفرنسي بنزيما خطوة ذكية للاستثمار فيهما والترويج السياحي والاعلانات والعوائد منها ويشجع لاعبين اخرين على الانضمام وبدأ اللاعبون يتقاطرون نحو السعودية ، و تغريدة رونالدو عن السعودية يتابعها 15% من سكان العالم وقد شارك اللاعبين والجمهور في الملعب باحتفالات اليوم الوطني للسعودية في الثالث والعشرين من أيلول الماضي بالزي التقليدي السعودي .
وأعلن الدوري الاسباني للمحترفين عن توقيع شراكة استراتيجية مع ” روح السعودية ” ، والقنوات الخليجية تسعى لشراء حقوق نقل مباريات الدوري السعودي بملايين الدولارات .
فيما رأت صحف بريطانية أن استثمارات السعودية في الرياضة تتضمن أبعادا أشمل وأوسع واستراتيجية السعودية شاملة وتدعم كل القطاعات .
وتعاقد نادي الهلال السعودي مع نيمار البرازيلي لمدة موسمين حتى 2025 مقابل 21 مليون يورو قادما من باريس سان جيرمان وقبلها برشلونة أعظم أندية العالم وقدمه الهلال في الرياض أمام نحو 70 ألف متفرج من جماهيره وعبر عن فرحه وسروره بالاستقبال الذي لقيه من جمهور الهلال لينضمالى رونالدو وبنزيما وماني ومحرز مع الفريق في الدوري السعودي ، و مع انضمام نجوم كرة القدم العالميين الى الأندية السعودية فان السعي لأن يكون الدوري السعودي أحد أقوى وأهم 10 دوريات في العالم .
ويمثل قطاع الرياضة ما نسبته 1% من الناتج المحلي الاجمالي للسعودية وتستهدف رفعها الى 5% ، وأنفق الدوري السعودي ما قيمته 957 مليون دولار على شراء وانتقالات اللاعبين في صيف 2023 والاستحواذ على نادي نيوكاسل الانجليزي مقابل 300 مليون جنيه استرليني ، وتستهدف زيادة ايرادات دوري المحترفين الى 1،8 مليار ريال سنويا ورفع القيمة السوقية الى 8 مليارات ريال في 2030 ، وأبرز البطولات المقبلة تتلخص في كأس العالم للأندية 2023 ، دورة الألعاب العالمية للفنون القتالية 2023 ، دورة الألعاب الاسيوية للصالات والفنون القتالية 2025 ، كأس أسيا لكرة القدم 2027 ، دورة الألعاب الاسيوية الشتوية 2029 ، دورة الألعاب الاسيوية 2034 .
وقد أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في الحادي والثلاثين من تشرين الأول الماضي عن اقامة بطولة كأس العالم 2034 في السعودية وعدد المنتخبات المشاركة 48 منتخب وتقدمت منفردة لاستضافة كأس العالم 2034 ، ودعم 125 اتحادا حول العالم ملف السعودية لاستضافة المونديال حسب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ، ومن أبرز متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم توفير 14 ملعبا بتوفير ملعب يتسع 80 ألف مقعد على الأقل للمباراتين الافتتاحية والنهائية وملعبان يتسعان 60 ألف مقعدعلى الأقل لمباراتي الدور نصف النهائي و11 ملعبا يتسع 40 ألف مقعد لبقية المباريات .
والى جانب الرياضة كوجهة سياحية ، فان المقاهي الشعبية في السعودية تشكل وجهة سياحية أخرى يقصدها زوار من مختلف الجنسيات وعددها أكثر من 8700 مقهى وقد نمت بنسبة 32% خلال النصف الأول 2023 ، يعود ملكية 45 % من العدد للرجال ، 30% للنساء ، 25% ملكية مشتركة .