هكذا صنّعت كتائب القسام سلاحها الجوي
الشعب نيوز:-
في الضربة الأولى لمعركة “طوفان الأقصى”، استخدمت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس 35 مسيرة هجومية ما بين قاذفة وانتحارية، وُجهت لضرب أبراج وتحصينات جيش الاحتلال الإسرائيلي، أو استهداف تمركزات جنوده.
وكانت هذه المشاركة الميدانية الأوسع، لما أصبح يُعرف بـ”سلاح الطائرات المسيّرة” في مواجهات المقاومة الفلسطينية مع الجيش الإسرائيلي.
فمتى وكيف بدأ هذا المشروع؟ وإلى أين وصل؟
حُلم نضال فرحات
لا يُعرف على وجه الدقة التاريخ الذي قررت فيه كتائب القسام تدشين مشروع إنتاج الطائرات المسيّرة القتالية، لكن تاريخ 26 فبراير/شباط 2003، كان الإعلان الرسمي الأول عن هذا المشروع.
حينها نعت كتائب القسام القيادي فيها نضال فرحات و5 من رفاقه، الذين ارتقوا في عملية اغتيال مدبرة وفق بيان الكتائب، إذ فخّخت المخابرات الإسرائيلية أجزاء من طائرة كانوا يعملون على تجهيزها.
كانت الطائرة المسيرة وفق شهادات من عاصروا نضال فرحات، حلمه التالي بعد إتمامه عملية تصنيع أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع حمل اسم “قسام 1”.
وقالت والدته مريم فرحات “أم نضال” -في شهادتها عن حديثها الأخير مع نضال- إنه كان يسعى لإتمام إنجاز الطائرة المسيرة وتحميلها بـ20 كيلوغراما من المتفجرات، وإسقاطها على المستوطنات الإسرائيلية داخل قطاع غزة.
وبعد قرابة عامين على اغتياله، دشنت دائرة العمل العسكري لحركة حماس في الخارج عام 2005، مشروع “الطائرات بدون طيار”، وبدأت خطوات حثيثة ومتسارعة على الأرض لتطوير النماذج الأولى، التي تولى قيادتها المهندس التونسي محمد الزواري، والمهندس محمود فارس من غزة، الذي تلقى دورات متخصصة في علوم الطائرات المسيّرة في عدة دول.
وبحلول عام 2008، تمكن المهندس الزواري وفريقه من إنتاج 30 طائرة مسيرة لكتائب القسام، حملت اسم “أبابيل”، واستمر العمل على المشروع، وسط توقعات إسرائيلية معلنة بسعي الكتائب لتطوير وامتلاك تقنيات الطائرات المسيّرة.
مهندسون على الطريق
وفي عام 2010، عاد المهندس محمود فارس إلى غزة، وانضم إليه عدد من مهندسي الكتائب هناك لمواصلة العمل على مشروع “الطائرات المسيرة”، ومنهم حازم الخطيب وظافر الشوا وسامي رضوان وجمعة الطحلة، إضافة لقائد المشروع المهندس محمد الزواري الذي دخل غزة عدة مرات لمتابعة العمل من الميدان.
تولى المهندس محمود فارس، وفقا لما نشرته الكتائب، قيادة مشروع إنتاج الطائرات المسيّرة داخل غزة، بعد معركة حجارة السجيل عام 2012، واستمر العمل على عدة نماذج، كان أولها طائرة “أبابيل” التي تم الإعلان عن دخولها الخدمة خلال معركة “العصف المأكول” عام 2014، وإعلان الكتائب عن تمكن الطائرة من تنفيذ مهام رصد واستطلاع فوق مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب.
وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2016، نعت كتائب القسام شهيدها التونسي محمد الزواري الذي تعرض للاغتيال على يد الموساد الإسرائيلي في تونس، وكشفت للمرة الأولى عن كونه أحد قادة الكتائب والمشرفين على مشروع طائرات الأبابيل القسامية.
وشكل اغتيال الزواري خسارة ثقيلة لمشروع الطائرات المسيرة، لكن الخبرات التي اكتسبها مهندسو الكتائب خلال سنوات العمل المتتابع معه، مكنتهم من مواصلة العمل على المشروع، وتطوير نماذج جديدة من الطائرات المسيّرة.
الزواري وشهاب
خلال معركة “سيف القدس” عام 2021، أعلنت كتائب القسام إدخال طائرتين مسيرتين جديدتين إلى الخدمة هما “الزواري” و”شهاب”، وبثت مقاطع مصورة وبيانات عسكرية، كشفت عن استخدام طائرة شهاب في تنفيذ هجمات انتحارية على مصنع للكيميائيات في “غلاف غزة” وتجمع للجنود والآليات في موقع “كيسوفيم”.
وفي الذكرى السنوية الأولى لمعركة “سيف القدس” عام 2022، أصدرت كتائب القسام سلسلة أفلام وثائقية، تروي فيها سيرة عدد من قادتها الذين ارتقوا في المعركة، ومنهم قادة مشروع الطائرات المسيّرة، وبثت مشاهد عُرضت لأول مرة عن مراحل التصنيع والاختبار الميداني للطائرات.
وكشفت الكتائب في حينه، عن طائرة شهاب الانتحارية التي أشرف على تصنيعها مهندسا الاتصالات، الشهيدين حازم الخطيب وظافر الشوا، كاشفة عن العلاقة المباشرة التي جمعتهما بالقائد العام للقسام محمد الضيف ونائبه أحمد الجعبري، ومتابعتهم المباشرة للمشروع عن قرب.
كما كشفت الكتائب عن مشاهد لطائرة “الزواري”، وعرضت مشاهد في عدة أفلام وثائقية عن جهود المهندسين الشهداء الذين قادوا العمل على مشروع الطائرات المسيرة، ومنهم محمود فارس في فيلم “فارس السماء”.
كذلك قدّمت الكتائب دور المهندس الأردني جمعة الطحلة في المشروع، إذ كشفت عن التحاقه بصفوف القسام عام 2007، وانضمامه إلى قسم التصنيع، حيث تدرب وعمل إلى جانب الشهيد محمد الزواري، وشارك إلى جانبه في تطوير النسخ الأولى من الطائرات المسيّرة.
ماذا تضم ترسانة القسام اليوم من الطائرات المسيّرة؟
مسيّرة أبابيل “إيه1” (A1)
كشفت عنها كتائب القسام لأول مرة خلال معركة “العصف المأكول” عام 2014، حيث استخدمت في عملية رصد فوق مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية.
و”أبابيل” هو الاسم الذي كان ينوي الشهيد نضال فرحات إطلاقه على النسخة الأولى من الطائرة المسيرة التي كان بصدد إنتاجها.
تضم “أبابيل” 3 نسخ هي:
أبابيل “إيه 1 إيه”( A1A) ذات مهام استطلاعية.
أبابيل “إيه 1 بي” (A1B) ذات مهام هجومية-إلقاء.
أبابيل “إيه 1 سي” (A1C) ذات مهام هجومية-انتحارية.
مسيّرة الزواري
طائرة مسيّرة للرصد والاستهداف المباشر بالقنابل المحمولة، ظهرت لأول مرة خلال عرض عسكري نظمته كتائب القسام عام 2015، ودخلت الخدمة القتالية خلال معركة “سيف القدس”.
وحملت الطائرة اسم المهندس التونسي محمد الزواري قائد مشروع تطوير الطائرات المسيرة في كتائب القسام، وقد استخدم القسام منها 35 طائرة في الضربة الافتتاحية لمعركة “طوفان الأقصى”.
مسيّرة شهاب
طائرة مسيّرة انتحارية، دخلت الخدمة لأول مرة في معركة “سيف القدس”، واستخدمت لضرب مصنع الكيميائيات في مستوطنة “نير عوز” شرق خان يونس، واستهداف تجمع لجنود الاحتلال في موقع “كيسوفيم” العسكري، ومنصات الغاز في عرض البحر قبالة مدينة غزة.
المصدر : الجزيرة