أزمة الدولار في مصر
الشعب نيوز:-
زياد الرفاتي
بدأت بعثة صندوق النقد الدولي في الحادي والعشرين من الشهر الجاري زيارة لمصر بهدف اجراء المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الاصلاح الاقتصادي البالع 3 مليارات دولار ، وقد يصل الى 10 مليارات دولار حسب توقعات وكالة موديز بسبب المخاطر الاقتصادية على الاقتصاد المصري الناجمة عن الحرب على غزة ، وقد خفضت في العشرين من الشهر الجاري افاق تصنيف مصر الائتماني من “مستقرة ” الى ” سلبية ” للمخاطر المتزايدة المتمثلةفي استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد وسط صعوبة اعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف ، ودرجة تصنيف ائتماني عند Caa1 الذي يعني أن أن القدرة على الوفاء بالالتزامات تجاه الغير ضعيفة وتحمل مخاطر ائتمانية مرتفعة جدا .
فيما أعلنت وكالة فيتش ، أن الشركاء الأجانب قد يكونون على استعداد لزيادة دعم مصر ويمكن توسيع برنامج صندوق النقد ، وأن حرب غزة تزيد المخاطر التي تواجه السندات السيادية في المنطقة وخاصة مصر و التداعيات الأوسع للصراع في غزة تزيد المخاطر التي تواجه الدول المجاورة .
تعاني مصر من أزمة نقص العملة الأجنبية وارتفاع التضخم ظهرت بداياتها مع نشوب الحرب في أوكرانيا منذ شباط 2022 وما أعقبها خروج استثمارات أجنبية منها ، وتراجع سعر الصرف واتساع الفارق بين السعر الرسمي البالغ 31 جنيه مقابل الدولار والسوق غير الرسمي ليصل حاليا الى 62جنيه / دولار أي الضعف ، مع سحب الدولار بوتيرة سريعة من السوق من قبل جهات رسمية للسيطرة على السوق السوداء ومنعه من التحكم في سوق العملة وتضييق الفجوة بين السعرين حتى قبل تخفيض وكالة موديز للتصنيف ، وتتوقع وكالة رويترز في استطلاع أجرته تراجع سعر الصرف الرسمي الى 40 جنيه أمام الدولار في تموز 2024 ، أما وكالة موديز فتتوقع بقاء متوسط التضخم فوق 24% هذا العام . .
كما تعاني من ارتفاع مستويات الدين الأجنبي الذي يصل الى 165 مليار دولار، وتأثر قطاع االسياحة بشدة بتداعيات الحرب على غزة وكذلك بالهحمات على السفن في البحر الأحمر .
وتقدر الجمعية المصرية للأوراق المالية توفر سيولة دولارية بين أيدي الناس تتراوح من 50-100 مليار دولار لعدم الثقة بسعر الصرف ، وأن حصول مصر على التمويل يخضع للاعتبارات السياسية أكثر منها الاقتصادية .
وفي ظل عدم وجود فرصة استثمارية أمام المدخر كأداة للتحوط من انخفاض سعر الصرف وصعوبة الحصول على الدولار أو الذهب كملاذات أمنة للتحوط ، فان الخيار باللجوء الى البورصة باعتبار الأسهم ملاذا امنا .
و استبعد جيه بي مورغان مصر من مؤشره للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة ، أما سندات مصر الدولارية فقد ارتفعت بعد اشارة دعم أميركي للاقتصاد المصري عبر وزارة الخزانة لبرنامج التمويل من صندوق النقد .
وقد ارتفعت واردات مصر من الغاز الاسرائيلي مجددا وعادت لمستويات ما قبل حرب غزة لتصل الى 1،1 مليار قدم مكعب يوميا ، حيث تقوم بتسييله واعادة تصديره الى الأسواق الخارجية والأوروبية مستفيدة من عوائده بالنقد الأجنبي .
وأشار الرئيس المصري في الخامس والعشرين من الشهر الجاري أن مصر تواجه ظروفا غير عادية على حدودها الشرقية والغربية والجنوبية ، وكل الأحداث المحيطة تؤثر سلبا في الاقتصاد المصري ، ومصر بدأت تتأثر بالتوترات في البحر الأحمر ، والدولار يمثل دائما مشكلة للدولة المصرية ، وأن مصر تنفق نحو ملياري دولار شهريا على الوقود والسلع الأساسية .
وبخصوص قناة السويس ، يعتبر الشحن عبر القناة الأكثر نشاطا و شهدت ارتفاعا وأغلقت على 9،4 مليار دولار خلال العام المالي 2022/2023 ، مقابل 7 مليار دولار في السنة المالية السابقة لها .
ومنذ بدء اضطرابات البحر الأحمر وتغيير مسار السفن التجارية وزيادة أعداد سفن الحبوب التي تبتعد عن البحر الأحمر ، انخفضت حركة الشحن عبر القناة بنسبة 45% حسب تقرير للأمم المتحدة وتراجعت ايراداتها الدولارية من رسوم العبور بنسبة 44% في كانون الثاني 2024 مقارنة مع الشهر المماثل من 2023 .
و شهدت مصر تراجعا في حوالات العاملين في الخارج في عام 2023 التي تعتبر مصدرا من مصادر الدولار التي تعتمد عليها الى جانب عوائد قناة السويس والسياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية .
وفي سياق الجهود المبذولة لوضع حلول من الحكومة المصرية لأزمة الدولار الحالية التي تتطلب زيادة موارد مصر الدولارية ، تؤكد وزارة المالية المضي قدما في برنامج طروحات بيع الأصول الحكومية الى القطاع الخاص لجمع سيولة دولارية وتقليص ملكية الجيش والدولة في الشركات المملوكة من قبلهما.، حيث يواجه البرنامج تباطؤا في التنفيذ لأسباب منها التقييمات من أنها غير عادلة .
وفي خضم ذلك ، يرى خبراء مصريون أنه لا بد من القبول بالحلول الوسطية للتقييمات في ظل وجود استحقاقات ديون على الحكومة المصرية وتكاليفها المرتفعةحيث تبلغ أقساط القروض والفوائد التي ستستحق في العام 2024 نحو 29 مليار دولار .
و طرحت برنامجا ميسرا لشراء سيارات داخل مصر للعاملين في الخارج جمعت من خلاله 1،3 مليار دولار .
وتدرس الاستعانة بالقطاع الخاص في ادارة وتشغيل المطارات بما يسهم في تحسين الخدمة للركاب وزيادة الايرادات والاعتماد على الدراسات المنهجية العالمية للتحديث والتطوير .
وتعمل على زيادة المساحات المزروعة من القمح لتقليل الاستيراد الذي تعتمد فيه بشكل رئيسي على روسيا وأوكرانيا واستخدامات العملة الأجنبية له ، حيث الاحتياطي الاستراتيجي لمصر من القمح يكفي 4،2 شهرا وفق وزارة التموين المصرية .
كما وقعت الحكومة المصرية العديد من الاتفاقيات مع دول أخرى للتبادل التجاري وتسوية المدفوعاتبينهما بعملاتهما المحلية بعيدا عن الدولار ، وانضمت الى مجموعة ” بريكس ” منذ مطلع العام 2024 للاستفادة من الميزات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأسواق وحركة رؤوس الأموال التي توفرها عضوية المجموعة بما فيها استخدام العملات الوطنية .