التقلبات والمتغيرات في الاقتصادات والأسواق العالمية

2٬892
الشعب نيوز:-
زياد الرفاتي
أظهرت قراءات ومؤشرات الاقتصادات الرئيسبة والأسواق العالمية التي صدرت مؤخرا تقلبات ومتغيرات في النمو الاقتصادي والتضخم والبطالة وتوقعات الفائدة في المرحلة المقبلة وحركة الدولار والعملات الأجنبية الرئيسية والنفط والذهب والعملات المشفرة والأوضاع الجيوسياسية .ويتوقع بنك غولدمان ساكس الأميركي الان أن يبدأ الفيدرالي خفض الفائدة في أيارالمقبل ، فيما يتوقع دويتشه بنك الألماني خفض الفائدة 100 نقطة أساس من قبل الفيدرالي في 2024 ولا يتوقع دخول الاقتصاد الأميركي في ركود خلال 2024 . 

ووفق تصريحات مسؤولي الفيدرالي ،  أنه اذا جاءت البيانات الاقتصادية متماشية مع التوقعات في وقت لاحق من 2024 فيعتقد أنه سيكسب الثقة لخفض الفائدة ، وما زلنا متفائلين بتحقيق الهبوط الناعم مع استمرار تراجع التضخم وسوق العمل القوي ولا حاجة الى التسرع في خفض الفائدة ، وأحرزنا الكثير من التقدم فيما يتعلق بالتضخم ولكننا لم نصل بعد الى المستوى المستهدف عند 2% وأن الفيدرالي سيظل على المسار لبلوغ معدل التضخم المستهدف والحصول على المزيد من الأدلة على أن التضخم يتماشى مع المستهدف  ، وصناع السياسات لديهم الوقت وليسوا على عجل للخفض ولتقييم البيانات  والحصول على المزيد من الأدلة قبل البدء في خفض أسعار الفائدة دون تباطؤ الاقتصاد ودون انخفاض سوق العمل ، ومواصلته خفض حيازته من الأصول ( السندات الأميركية ) حتى نهاية عام 2024 .  

 وقد سجل معدل التضخم الأميركي 3،1% في كانون الثاني 2024 والذي أحبط بعض الامال قي خفض قريب لأسعار الفائدة متجاوزا التوقعات البالغة 2،9% وابتعاد الفيدرالي عن خفض الفائدة في أذار المقبل يدفع الدولار قرب ذروته    في ثلاثة أشهر ، مع عودة ديون المستهلكين الأميركيين باستخدام بطاقات الائتمان الى مستويات ما قبل جائحة كورونا وتجاوز رصيدها تريليون دولار، ووصفت وزيرة الخزانة الأميركية رد فعل السوق على بيانات التضخم بالخطأ الفادح.

وكسرت قبضة الدولارعنفوان الذهب وخسر من مستوياته السعرية التي وصل اليها وتراجع  عند أدنى مستويات في شهرين دون 2000 دولار للأونصة ليبلغ 1993 دولار مع قلق المستثمرين من الفائدة الأميركية  ، ورغم ذلك يراهن بنك UPS السويسري على وصول أسعار الذهب الى 2200 دولار للأونصة هذا العام .

 ومع صعود الدولار وتضاؤل الامال في خفض أسعار الفائدة تراجع البيتكوين ، الا أنه ما لبث أن صعد بقوة وكسر حاجز 52 ألف دولار لتصل الى  أعلى مستوى في عامين مرتفعة بنحو 19% منذ بداية 2024 بفعل الموافقة التنظيمية الأميركية لادراج  الصناديق المتداولة بالعملات المشفرة التي ساهمت بذلك وجذبت أكثر من 9 مليارات دولار منذ طرحها في مطلع العام الحالي  .

كما أن مؤشر الدولار يتجه لتسجيل خامس مكاسب أسبوعية على التوالي  ،  ولا زال يحافظ على ارتفاعه أمام الجنيه الاسترليني واليورو ، مصحوبا بنمو أرباح الشركات الأميركية الذي كان أقوى من المتوقع في الربع الرابع 2023 .

  وقد وجهت تلميحات ابقاء الفائدة مرتفعة ضربة قاسية لمؤشرات الأسهم الأميركية ، حيث قلصت الأسواق و المتداولون رهاناتهم  وتوقعاتهم  في خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة حيث الضبابية تسيطر على السيناريوهات والتحول في  تقدير توقيت الخفض من اذار باحتمال 10% الى ايار باحتمال 30% الى حزيران باحتمال 70% ، وترقب الأسواق الأميركية لبيانات مبيعات التجزئة والانتاج الصناعي لشهر كانون الثاني التي صدرت نهاية الأسبوع الماضي  وأظهرت انخفاضا حادا في مبيعات التجزئة بأكثر من التوقعات حيث تراجعت بنسبة  0،8% بدلائل على تراجع انفاق المستهلكين بفعل انخفاض مبيعات السيارات ومراكز خدمة الوقود والعواصف الثلجية التي اجتاحت الولايات المتحدة مقابل توقعات بتراجعها 0،1% وبما يعكس تباطؤ الضغوط التضخمية ، وتراجع طلبات اعانات البطالة وسط مرونة بسوق العمل الأميركي ، وارتفاع مؤشر أسعار المنتجين الصناعيين 0،3% بأكثر من المتوقع  البالغ 0،1% وانعكس ذلك الارتفاع على تراجع مؤشرات الأسهم الأميركية . 

وحسب رئيسة صندوق النقد الدولي في الثاني عشر من الشهر الجاري ، فان الاقتصاد العالمي سيتجنب الركود والفائدة ستبدأ بالانخفاض اعتبارا من منتصف هذا العام ، الذي يواجه مخاطر التضخم والفائدة والمديونية المرتفعة ومخاطر بيئية والتغير المناخي والأوضاع الجيوسياسية .

وبنظرة على الاقتصادات الأوروبية والاسيوية ، انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0،3% في الربع الرابع 2023 ودخل في ركود تقني بنهاية 2023 بعد انكماشه لربعين متتاليين الأمرالذي يعزز الرهانات على أن بنك انجلترا المركزي سيتخذ خطوات لتيسير سياسته النقدية ، واستقر معدل التضخم في كانون الثاني عند 4% ويماثل كانون الأول  مع ارتفاع مبيعات التجزئة بأكبر وتيرة منذ عام 2021 مدعومة بنمو الأجور .

أما بنك اليابان المركزي فيستبعد  رفع أسعار الفائدة بشكل مستمر وسريع حتى بعد انتهاء السياسة التيسيرية المرنة      ولا زال متمسكا بأسعارالفائدة السلبية .

و انكمش الاقتصاد الياباني بنسبة 0،1% في الربع الرابع 2023 ولربعين متتاليين ودخوله في الركود التقني أيضا ، مع ضعف الطلب المحلي  وتراجع تصدير السيارات لعدم قدرتها على منافسة السيارات الكهربائية الأميركية والصينية  وتراجع الين  الى 150مقابل الدولار حيث يقيم  حجم الاقتصاد بالدولار وبلغ 4،2 تريليون دولار بعد التقييم وهو تقييم حسابي أكثر منه حقيقي منخفضا عن حجم اقتصاد ألمانيا البالغ 4،5 تريليون دولار ، ونتيجة لذلك تجاوزت ألمانيا اليابان لتصبح أكبر ثالث اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة التي تحتل المرتبة الأولى عالميا منذ 120عاما والصين في الثانية وتراجع اليابان الى المركز الرابع .

وعلقت المستشارة الاقتصادية للبيت الأبيض على ذلك بقولها  ، أن الاقتصاد الأميركي يتحرك في مسار مختلف جذريا عن  بريطانيا واليابان وأقوى ، وأن الظروف جيدة جدا بالنسبة للولايات المتحدة رغم دخول بريطانيا واليابان في حالة ركود ، ولا تتوقع أن يفقد الدولار مكانته المهيمنة كعملة احتياطية عالمية قريبا والبدائل المنافسة محدودة وقليلة وأن الدولار لا يزال ” مخزنا للقيمة ” ويهيمن على 60% تقريبا من الاحتياطيات العالمية في 2022 فيما أقرب منافسيه وهو اليورو يستحوذ على 20%  .  

وفي روسيا استقر التضخم عند 7،4% في كانون الثاني على أساس سنوي  وثبت المركزي الروسي  معدل الفائدة عند مستويات 16% ، وحقق الاقتصاد الروسي أرقاما قياسية في عام 2023 فمعدل البطالة سجل أدنى مستوى 2،3% مدعومة بانتعاش الصناعات العسكرية في مقابل أزمة نقص عمالية بسبب الحرب ونما الاقتصاد الروسي بنسبة 3،6% رغم العقوبات والحرب .   

وتعهدت الصين بتشديد القيود في محاولة لانقاذ سوق الأسهم الناتج عن تأثر أسهم الشركات العقارية و البيع الضارعلى المكشوف ، وللمرة الأولى منذ شباط 2021 سجلت الصين انكماشا في الأسعار .

أما الهند فتشق طريقها بقوة بين كبرى اقتصادات العالم .

وفي فرنسا يحتج المزارعون أمام مقر الاتحاد الأوروبي في وقفات مطالبين بالدعم الحكومي نتيجة التضخم وارتفاع  أسعار الطاقة والتغير المناخي وطغيان أسواق على أسواق أخرى .

فيما أعلن المركزي الأوروبي أن البيانات الاقتصادية في الأونة الأخيرة أشارت الى أن التضخم يتباطأ في منطقة اليورو ويتجه عائدا الى المستوى المستهدف كما هو متوقع  وأن خفض أسعار الفائدة في أوروبا خطوة غير مضمونة في 2024 ويحذر من مخاطر التحرك متأخرا لخفض أسعار الفائدة  ، وصعدت الأسهم الأوروبية مدعومة بنتائج  مجموعة من أرباح الشركات المعلنة عن عام 2023 والتي جاءت أفضل من المتوقع .

وفي أسواق الطاقة ، فتشهد تراجعا في الأسعار بعد زيادة المعروض  وضعف الطلب وارتفاع مخزونات الخام الأميركية  بمقدار 12 مليون برميل في أسبوع وأكثر من المتوقع بحوالي 2،6 مليون برميل  مما أثار مخاوف بشأن الطلب في أكبر اقتصاد في العالم وأكثر دولة مستهلكة للنفط  .

 و تتوقع منظمة أوبيك بلس  نمو الطلب العالمي على النفط  في 2024 أي الزيادة في الاستهلاك  العالمي بمقدار 2،2 مليون برميل يوميا ليصل الى 103،8 مليون برميل يوميا ، وفي المقابل تتوقع وكالة الطاقة الدولية التي عادة    على نقيض و تختلف في بياناتها وتوقعاتها عن أوبيك نمو الطلب العالمي على النفط الى 1،2 مليون برميل يوميا وأن نمو الطلب العالمي على النفط سيفقد زخمه هذا العام .       

وفيما يتعلق بأزمة البحر الأحمر ، فقد حدثت تغيرات في خريطة امدادات النفط العالمية بسبب توترات البحرالأحمر .

وترى وكالة موديز أن انعكاس اثار المخاوف حولها سيستمر على الأسعارلمعظم السلع بما في ذلك النفط والغاز، وأن النمو الاقتصادي المتعثر الى جانب الطاقة النفطية الاحتياطية الكبيرة سيحد من ارتفاع الأسعار .

أما تأثير حرب غزة على الاقتصاد العالمي فتكمن في ارتفاع تكاليف الشحن وتقليل عبور السفن في البحر الأحمر. 

وحسب شركات الملاحة العالمية ، فان الشحن الدولي في خطر وخارطة الشحن العالمي تشهد تحدي الزمن والمسافة و أسعار شحن السفن عبر البحر الأحمر تضاعفت ثلاث مرات عن أدنى معدل تم تسجيله في العام الماضي وأقساط التأمين الاضافية وعلاوة الحرب ، وأن مدة الابحارالناتجة عن تغيير مسار السفن بعيدا عن البحر الأحمر وقناة السويس لعشرة أيام  أخرى تكلف وقودا اضافيا بمبلغ مليون دولار للسفينة الواحدة ذهابا وايابا عدا عن الأجور الاضافية     للطواقم البحرية والتأخر في الوصول والتسليم  .

وبسبب اضطرابات البحر الأحمر، أعلنت العديد من مصانع السيارات العالمية عن تخفيض مستويات الانتاج، وارتفعت أسعار الواردات الأميركية في كانون الثاني بأعلى مستوى منذ عامين، ووفق وزارة النقل الأميركية  فان شركات شحن تتوقع تكدس البضائع في الموانئ الأميركية بسبب أزمة البحر الأحمر .

وتأثر الاقتصاد الايطالي بالحركة التجارية عبر قناة السويس التي تمثل نحو 40% من اجمالي التجارة البحرية لايطاليا حيث زادت فترات الملاحة بمقدار 10-12يوما والتكاليف تضاعفت خمس مرات ، وفق الحكومة الايطالية .  

 وفي مجال الشركات الناشئة ، يقول مؤسسون أن السوق أصبحت صعبة بالنسبة للعديد من الشركات الناشئة خصوصا بأميركا التي اغلق فيها 3200 شركة في 2023 بحجم تمويل 27 مليار دولار ، وأن 90% من الشركات لا تتمكن من الاستمرار ، حيث 10% توقف أعمالها خلال السنة الأولى و70% توقف أعمالها خلال سنتين الى خمس سنوات .   

وتعود أسباب اخفاق بعض الشركات وعدم الاستمرار حسب المؤسسين الى نفاد التمويل أو سوء تقدير الطلب أو ضعف الفريق أو المنافسة أو التكلفة والتوقيت .

 وبدأت المفوضية الأوروبية في اعداد تقييم لتأثير عواقب فوز ترمب بالانتخابات الأميركية على الاقتصاد والسياسة ، وحديث الرئيس بوتين في الثاني عشر من شباط الحالي أنه يفضل فوز بايدن لأنه يتوقع منه أفعاله وتصرفاته أكثر من ترمب وأن حلف الناتو لم يعد ضروريا بعد الان وأن استخدام الدولار كأداة للسياسة الخارجية واحد من أكبر الأخطاء الاستراتيجية التي أرتكبتها أميركا ، وتصريح الأمين العام للأمم المتحدة أن مجلس الأمن الدولي يواجه أسوأ انقسامات على الاطلاق وأن الوضع في غزة يمثل مأزقا وصلت اليه العلاقات الدولية .

وتحذر منظمة العمل الدولية من ارتفاع البطالة العالمية ، فيما تشير منظمة أوكسفام البريطانية وهي غير ربحية معنية بمكافحة الفقر واجراء  دراسات وأبحاث حوله  أن نحو 5 مليارات شخص في العالم أكثر فقرا وأنه لن يتم القضاء على الفقر في العالم قبل 229 سنة أخرى ، وأن العالم  قد يسجل أول تريليونير في غضون 10 سنوات وأن خمس مليارديرات ضاعفوا ثرواتهم .

وفيما يتعلق  بالمتغيرات في اقتصادات  دول شمال أفريقيا ، فان تونس  تواجه أزمة  اقتصادية ومالية  وخفضت وكالة فيتش  درجة التصنيف الائتماني من BBB-  الى  CCC-  وأنها قد تتخلف عن  سداد أقساط ديونها هذا العام نتيجة أزمة التمويل وعدم قدرة الدولة على حشد الأموال لتوفير احتياجاتها المالية ، و حقق الاقتصاد التونسي  نسبة نمو بنحو 0،4% خلال كامل سنة 2023 وستطلب الحكومة التونسية في 2024 تمويلا مباشرا من البنك المركزي التونسي بمبلغ 2،250 مليار دولار .

 وتتوقع المغرب تباطؤ نمو اقتصاده في الربع الأول 2024 الى 2،4% ، وارتفعت البطالة الى أعلى مستوى لها في 22 عاما بسبب الجفاف ، وستعمل على نقل الكهرباء النظيفة عبر الكابل البحري من الصحراء المغربية الى بريطانيا ،  وتتطلع لحصد 9 مليارات درهم من طروحات حكومية في 2024 ، وقد انتعش القطاع السياحي المغربي في 2023 بما فاق التوقعات وسرعة تعافيه من تداعيات الجائحة بجذب 14،5مليون سائح في العام الماضي والعمل على هدف دخول نادي أول 15 وجهة سياحية في العالم بحلول 2030 وتوقعات باستقبال 17،5مليون سائح بحلول 2026 و26 مليونا بحلول 2030 . 

 وتصدرت الجزائر التي تعتمد  في اقتصادها ومواردها المالية على النفط والغاز قائمة أكبر مصدري الغاز المسال في افريقيا لعام 2023 وسجلت أعلى مستوى في صادراته  بتاريخها على مدار ستة عقود ماضية ، وسمح انخفاض امدادات الدول السبع الافريقية المصدرة للغاز بتصدر الجزائر القائمة وانتزعت ذلك من نيجيريا وتقوم بمشاريع واستثمارات كبيرة لرفع انتاج وتصديرالغاز المسال .

 وحسب الرئيس الجزائري فان بلاده تسعى لتدشين مناطق حرة مع دول جوارها موريتانيا والنيجر ومالي وتونس وليبيا خلال 2024 لتعزيز التبادل التجاري ومكافحة التهريب  .

وفيما يتعلق بمكافحة الفساد في الجزائر ، تقول السلطة العليا للوقاية من الفساد هناك أن 50% من قضايا الفساد المبلغ عنها في القطاع العام وهو أمر طبيعي أن تشكل بلاغات الفساد في ذلك القطاع النسبة الأكبر بأي بلد لتماسه المباشر     مع المواطنين ، ومعظم قضايا الفساد المالي سببها التسيب والمحسوبية والبيروقراطية ، وأكثر من خمس هيئات رسمية في البلاد لمجابهة ظاهرة تفشي الفساد وقد تراجعت مؤشرات الفساد في البلاد خلال عام 2020 بنسبة 40% . 

قد يعجبك ايضا