سيدة فلسطين ٠٠ لينا الجربوني قضت في سجون الأحتلال الأسرائيلي خمسة عشر عاما تتنقل بين زنازينه٠٠
الشعب نيوز:-
استقبل القاصرات والأمهات يأتين من ليالي التحقيق الطويلة
– رفضت سلطات الأحتلال الأسرائيلي عني في صفقة ٢٠١١ لكوني احمل هوية إسرائيلية
– توليت مسؤولية قيادة الفتيات وحًولت فوضى السجون إلى مدارس للتعليم٠
– مثلت مرحلة سجني من ألفها إلى ليائها رحلة عذاب ٠٠ اعترف أنني مازلت إلى الآن انهض فزعة على أثرها٠
– تلطمني الأسئلة الصعبة : ترى ماذا سيحدث؟ هل ستنتهي قضيتي؟
– عانيت من الأهمال الطبي لسنوات متتالية.
المقدمة:
في ” سجون الأحتلال الأسرائيلي” :لا نتعرف من خلالها على حياة الأسيرات الفلسطينيات وأسباب اعتقالهم، وإنما على حكايات السجن وقصصه، وهي تنسج مع الصورة الفوتغرافية أفقاً بصريّا رحبًا٠
هنا تغدو حكاية سيدة فلسطين لينا الحربوني صنعة بصرية ترصدها العين وتُساهم المخيلة في التقاط تفاصيلها ونتوءاتها٠
تعلمنا من حوارنا مع لينا الحربوني انه كلما مرت علينا السنين تضعف أبصارنا أما الرؤيا فأنها تصبح وضوحاً ٠٠ من ممارسات السّجان الإسرائيلي اتجاه الأسيرات الفلسطينيات٠
خلال حوارنا مع لينا أكدت أن الشعب الفلسطيني تعرض ومازال يتعرض لحرب إبادة منذ مطلع القرن الماضي٠
وهذا ليس بشيء غريب أو مستغرب، فحرب غزة الحالية التي تشنها القوات الإسرائيلية من حرب أبادة، هي عملية مستمرة ضد الأنسان الفلسطيني الذي عرى وجوده زيف ما يسمى ” الحضارة الغربية”٠
أننا نعيش درب جلجلة وصولاً إلى قيامة فلسطين٠
حوارنا مع لينا الجربوني هي قيامة فلسطين ٠٠
حاورها سليم النجار – غصون غانم.
حظيت بلقب ( سيدة فلسطين ) لعام ٢٠١٥م عميدة الأسيرات الفلسطينيات الأسيره المحرره لينا الجربوني أسيره فلسطينيه قضت في السجون الإسرائيليه خمسة عشر عامًا تتنقل بين زنازين الاحتلال …
اتهمت لينا بمساعدة رجال المقاومة في تنفيذ عملياتهم الفدائية داخل فلسطين المحتلة، وحكمت “١٧ عامًا” بالرغم أن الحكم كان حينها ثلاثة سنوات حيث حكم على أشخاص في نفس الخلية سنتين وثلاث لكن عقابها كان الأشد .
ولدتُ لينا في قرية “عرابة البطوف” القريبة من مدينة عكا الساحلية بالداخل الفلسطيني المحتل عام 48 وأنهت دراستها الثانوية عام 92، شرعت في العمل لتدرس السكرتارية الطبية كان طموحها أن تتعلم فن الطبخ لأنشاء مطعمًا بطابع معين لكن وضع أسرتها المادي لم يساعدها فقد تم اعتقالها قبل تحقيق الدراسة أو الطموح ، اما وهي في الثانويه كانت لينا تشارك في أحداث الانتفاضه الاولى في أي مسيرة أو مظاهرة أو وقفة تضامنية مع الفتيات والشبان الناشطين وأحيانًا يتم إغلاق المدارس عندما ارتكبت أحد المجازر في غزة منددين بالاحتلال وسياساته وشاركت في العديد من الفعاليات والنشاطات المشابهة لاسيما في يوم الأرض الذي يحظى بمكانة خاصة لدينا كفلسطينين، ففي عام ٢٠٠٢م اقتحمت قوة كبيرة من ما يُسمى بــ “حرس الحدود” منزلنا وعجّت ساحة البيت بالجنود الذين كانوا ملثمين وكسروا الأبواب بعنجهية ثم اقتحموا غرفتي وقاموا بتكبيلي ولم تنجح محاولات أمي في منعهم واعتقلوا معي أخي سعيد أيضا لكنه لم يكن أمر الاعتقال مفاجئا خاصة بعدما عرفت باعتقال العديد من الشباب في مجموعتي الثورية لكن وقع الاعتقال فقد كان قاسيا على العائله فبعد اعتقالنا اقتاد الاحتلال لسجونه أختي لميس أيضًا، وبقيت والدتي المريضة في البيت بمفردها ، وفي يوم المحكمة يبدأ يوم العذاب فالمكوث في سيارة “البوسطه ” مقيدة اليدين والقدمين بوضعية مؤلمة ليومين، والتنقل من بوسطة لأخرى مع تشديدات لا يمكن تحملها لا يمكن أن يمحى من ذاكرة المرء حيث لم يعد الاحتلال يستخدم التعذيب الجسدي بكثرة لأنه سرعان ما ينتهي بانتهاء علاماته فالتعذيب النفسي أشد وقعه على النفس، وهذا هو الأسلوب الذي اتبعته سلطات الشاباك فقد قضيت ثلاثين يومًا في غرف التحقيق بمعتقل الجلمة عايشت ويلات من العذاب الذي ما زالت آثاره رغم مرور كل تلك السنوات فغرف التحقيق سوؤها يفوق التوقع ذات جدران خشنة ومساحتها لا تتجاوز المترين تشمل الحمام ولا يوجد بها أي منفذ للهواء أو الشمس عشت فيها لحظات رعب عندما كانوا يتركوني لثلاثة أيام في الزنزانة لا أُميز الليل من النهار، تلطمني الأسئلة الصعبة: ترى ماذا سيحدث؟ هل ستنتهي قضيتي؟ ماذا يخططون لأجلي؟ هذه الأيام المظلمة مثلت رحلة عذاب من ألفها ليائها اعترف أنني ما زلت إلى الآن أنهض فزعة على إثرها وقد عانيت من الإهمال الطبي لسنوات متتالية فقد أصبت بالشقيقة وآلام المرارة وبقيت لا أقوى على تحمل شدّة الأوجاع التي لم يسمح الاحتلال بعلاجها إلا بالمسكنات حتى بلغ الألم ذروته بعد مرور عام على التهابات المرارة حتى أقرت مصلحة السجون إجراء عملية جراحية لاستئصال المرارة وبعدها لم أعد أقوى على خوض إضرابات طويلة ومفتوحة فقد خضنا نحن الأسيرات أول إضراب في نيسان/إبريل ٢٠١٤م ففي ذلك الوقت قامت الاسيره عطاف عليان بشرح معنى الإضراب ومدى تأثيره الصحي على المُضرِب، وخضنا إضرابًا جماعيًا مفتوحًا عن الطعام للمطالبة بفصلنا عن الأسيرات الجنائيات في السجن اللاتي كن يسببن لنا إزعاج وفوضى كبيرة، لمدة 6 أيام وكان له وقعه في حينها خاصة كونه جماعي، نقلتنا إدارة مصلحة السجون إلى سجن الشارون في قسمٍ خاص بنا وهذه السجون لا تعطي الأسرى حقوقهم بشكل كامل بينما تحاول ان تثبت للمجتمع الدولي أن أسراها ينعمون ببعض الحقوق والامتيازات والحقيقة أن إدارة مصلحة السجون لم توفر أكثر من 20% من الحقوق التي تنص عليها الاتفاقيات ففي السنة الأولى من الاعتقال كنا جميعنا أسيرات جدد نعتقل للمرة الأولى وكانت تعم السجن فوضى شديدة منعنا الكثير من حقوقنا جرّاء جهلنا بها وجرت بيننا وبين السجانات سجالات طويلة ودائمًا ما كان يتم عقابنا نتيجة أعمال الشغب استمر الأمر كذلك حتى اعتقلت عطاف عليان وجاءت لنا رحمة من رب السماء عرّفتنا على حقوقنا من موعد الفورة ومدة الزيارة والحاجيات المسموحة، ووضعت لنا البرامج التنظيمية لحياة المعتقل توليت مسؤولية قيادة الفتيات وحولّت فوضى السجن إلى جلسات تحفيظ وتفسير، ومطالعة، وأخرى للنقاش الحر وفق قضية معينة مثارة في الإعلام وأوقات محددة للتطريز والأشغال اليدوية فمرور الليالي القاسية لم يثننا عن الأهتمام بزميلاتنا الأسيرات فقد عملت جاهده على تحويل حياة “حديثات العهد” بالمعتقل إلى بؤر من العلم والثقافة وقد كنت أخرج صباحًا لتفقد الأسيرات باعتباري ممثلتهن أقف على باب كل غرفة لأستمع لهن، لتلتف الأسيرات في الغرفة حولي، حتى أن بقية الغرف لا تصبر ليأتي دورها فينادون : ” تأخرتِ يا لينا” كنت أعرف بقدوم الأسيرات للسجن الذي أقبع فيه سواء كان الرملة أو هشارون لاحقًا من خلال الاستماع للإذاعة وأنتظرهن وأستقبلهن بحرارة أحتضن كسرهن وحزنهن ومنهن القاصرات والأمهات يأتين متعبات من ليالي التحقيق الطويلة إذ أسعى جاهدة لأسد جزءا ولو صغيرًا من ذلك الفراغ القاتل وإذا ما سُئلت الأسيرات اللاتي أُسر معهن أحد أطفالهن فهم بالتأكيد في أحضان لينا ، ليتنافس الصغار على الجلوس بين يدي فحناني على الأطفال في الأسر كان له ثمنه فأنا أحبهم بطبعي إلا أن صغاري مثل يوسف ابن فاطمة الزق؛ وبراء ابن سمر صبيح؛ وعائشة ابنة عطاف عليان وغيرهم كنت أدرك أنهم سيخرجون آجلًا أم عاجلًا بسببهم عشت ليال طويلة من البكاء والاشتياق والافتقاد .
في عام ٢٠١١ جرت صفقة وفاء الأحرار بتبادل١٠٢٧ أسيراً فلسطينياً بالأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط وكان قد تم أدراج أسمي لينا الجربوني ضمن الصفقة التي شملت في اتفاقها كل الأسيرات الفلسطينيات لكن ما لم يكن في الحسبان هو أنني أحمل الهوية “الإسرائيلية” فسقط هذا الخطأ الفادح من المفاوض الفلسطيني الذي ترك لي صدمةً قاسية فقد جهزت نفسي مع الأسيرات للخروج وكنت أغني معهن في باحة السجن للحرية لكن المفاجأة التي أخفاها الاحتلال طوال تلك الفترة التي تمت فيها برتوكولاتها حتى موعد الخروج بثلاثة ساعات فقط هي عدم شمول الصفقة اسمي فكان وقع الخبر صادماً جداً علي وعلى الأسيرات معي اللواتي تلقينه بالبكاء والعويل والدموع والاعتصام الذي لم يُجد نفعاً وتركوني أكابد ظلمة المعتقل ولكن هذه المرة وحدي بين جدران فارغة ، وفي عام ٢٠١٥ كنت ما أزال لينا أقبع داخل الأسر مع أسيرات جديدات وبقيت حتى حظيت بحريتي .
في عام ٢٠١٥ وكانت ما تزال لينا تقبع داخل الأسر حظيت بلقب “سيدة فلسطين لعام ٢٠١٥ فكان سيدة الالقاب.