الرداد يكتب: هل كانت الضربة الايرانية لإسرائيل مسرحية ومؤامرة؟
الشعب نيوز:-
عمر الرداد
مؤكد أن الجدالات التي تتفشى في أوساط النخب العربية، بما فيها الأردنية لن تتوقف في تقييم وتحليل الهجوم الايراني على اسرائيل بواسطة الصواريخ والمسيرات، لا سيما وأن هذه الضربة الايرانية طرحت العديد من التساؤلات حول حجمها وتوقيتها ناهيك عن الإبلاغ عن موعدها ،فيما تتراوح التقييمات بمرجعية نتائج الضربة و حجم الضرر الناجم عنها في الجانب الإسرائيلي، ولعل القاسم المشترك في كل هذه الجدالات انها “معلبة” وجاهزة قبل وقوع الضربة.
فقد برز تيار واسع يشكك بالضربة الايرانية ويطرح جملة من الشواهد والأدلة حول تنسيق مسبق بين طهران وواشنطن حولها ، وهو ما أكدته تسريبات إيرانية وامريكية، بالاضافة لتاكيدات الوسطاء وصناديق البريد ممثلة بمسقط وانقرة، غير ان عدم وقوع خسائر بشرية اومادية مؤثرة في الجانب الإسرائيلي، تؤكد ان اتفاقا ما تم ابرامه بين واشنطن وطهران، على غرار الاتفاق الذي اعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق بعد مقتل قاسم سليماني في بغداد أوائل عام 2020، وطلب ايران ان ترد بصواريخ استهدفت قاعدة”الأسد” الجوية في العراق، لم تسفر حتى لو عن جرح جندي امريكي، وبالتزامن مع ذلك فقد شكل عدم الرد الاسرائيلي الفوري على الضربة مؤشرا قويا على “صفقة” ابرمت مع طهران.
مقابل هذا التيار، هناك فريق من مؤيدي “الممانعة” يضم كتابا واعلاميين ومحللين استراتيجيين ، يبذل جهودا لاثبات صدقية ايران ، ويرى ان مجرد توجيه ضربة لإسرائيل يعد تغييرا في قواعد الاشتباك وانتصارا وتحولا في موازين القوى والردع ،بمعزل عن حجم الخسائر البشرية والمادية في إسرائيل، وذهبت تحليلات لابعد من ذلك تتضمن ان هذه الضربة فتحت الأفق لامكانية ضرب إسرائيل باي وقت، وان إسرائيل قاب قوسين او ادنى من هزيمة عسكرية غير مسبوقة، وانه لولا المساندة الغربية بقيادة واشنطن لتم القضاء على إسرائيل بين عشية وضحاها.
وبالتزامن مع هذين الفريقين، اصبح واضحا ان هناك فريقا ثالثا، غير مؤدلج ولا يحظى بدعم عواصم هنا او هناك، ولا تملى عليه خطط العمل والتحريض التي يتلقفها البعض عبر التطبيقات الالكترونية، ويقدم هذا الفريق الثالث موقفا مضمونه انه لا يقبل ان تكون الدول العربية ساحة لحرب عبثية متفق على تفاصيلها بين إسرائيل وايران وبرعاية امريكية، وهو لا يرى في الأردن او اية دولة عربية مليشيات ولا هي مجرد ساحات ، تخضع لحسابات مغامرة ومتهورة، تخوض حروبا يقطف ثمارها هذا الطرف او ذاك، ويتم توجيه اتهامات مفاصلة عفا عليها الزمن، بانك اذا كنت ضد ايران وتشكك بها فانك بالضرورة مع نتنياهو، فتلك رومانسية مقبولة من الشارع ومبتدئي السياسة، لكنها حتما تطرح علامات استفهام كبرى حينما يروج لها من هم محسوبون على النخب.
اعتقد ان جمهور الممانعة وكتابها واعلامها في ورطة وصدمة من الموقف الإيراني، اذ كانوا ياملون منذ السابع من أكتوبر ان تدخل ايران بكل قوتها الجبارة الحرب ضد إسرائيل” كما تم الاتفاق باجتماعات بيروت بين الحرس الثوري وحزب الله بالإضافة لحماس والجهاد الإسلامي”، فقد أعلنت طهران منذ انطلاق طوفان الأقصى ان مفاهيمها للامن القومي الإيراني فقط مرتبطة بحدود وجغرافية ايران، وانها لم تخطط ولا تعلم عن هجوم حماس على إسرائيل، فيما قال اقرب حلفاء ايران في المنطقة السيد حسن نصر الله بان انتصار حماس سيكون لصالح جماعة الاخوان المسلمين في المنطقة، وترددت تسريبات المح اليها قادة حماس حول “غدر” ايران بحماس، وان المطلوب من الممانعة اكثر من ذلك، ومع ذلك فقد شكلت الضربة الصاروخية وبالمسيرات الايرانية قبل يومين، محطة جديدة بعد نصف عام من الحرب على الموقف الإيراني الحقيقي تجاه القضية الفلسطينية وحرب غزة، فالضربة لا علاقة لها بمساندة المقاومة ولا بحرب غزة ، ولم تحدث الا في اطار الدفاع عن النفس “الايرانية” بعد الضربة الإسرائيلية على مقر القنصلية الايرانية في دمشق واغتيال قادة بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس.
لقد كان لافتا للنظر ان بعض النخب من اعلاميين وكتاب في الأردن، تغاضوا عن كل تلك الحقائق، وذهبوا بحملة تبرير لإيران في وقت اعلن فيه الحرس الثوري الإيراني ان الأردن هو الهدف التالي، فيما تعمقت حملات التشكيك بالأردن “الدولة” وحقها في الدفاع عن اجوائها ومواطنيها، واستكثرت بعض تلك النخب على الأردن اسقاط دفاعات الجيش العربي الصواريخ والمسيرات، بصرف النظر عن هويتها وأهدافها، وطالت حملة التشكيك تلك كل صوت وطني، وبصورة استكملت منظومة هتافات تم ترديدها في مظاهرات الكالوتي، تطال الأردن وتشكك بمواقفه، وانحرفت عن التضامن ومساندة اهل غزة المنكوبين ، وكأن المطلوب من الأردن جره الى معركة “مليشيات”، متناسين ان الأردن ليس مليشيا ولا ساحة.