“عاصفة الرنتاوي..” وثقافة التسامح .. أسامة الرنتيسي

918
الشعب نيوز:-

هدأت العاصفة العشواء التي تعرض لها الزميل الكاتب المحترف عريب الرنتاوي، بخسارة وجوده عضوا فاعلا في “لجنة الإصلاح”، نتمنى أن لا نخسره كاتبا استراتيجيا في “الدستور”.
ليست كتابة متأخرة عن قضية عريب الرنتاوي، لفتح الموضوع مجددا، فما جرى مبالغة شديدة، لتفسير غير موجود في المقالة ولا في ذهن الكاتب، لكن.. الدايم الله.
أعجبني جدا تعليق من صديقة “الأول نيوز” فدوى خصاونة على مقالة الدكتور ذوقان عبيدات “الحملة على عريب الرنتاوي”..
تقول فدوى: عندما نتعمق في سطحيات الأمور لتأخذ حيزا وحجما أكبر من حجمها فإن هذا دليل على أننا نغرق ولا نجد إلا قشة نتعلق بها ؛ والتعلق بالقشة هو إشارة إلى الفشل وعلامة على السقوط الحتمي .
معركة الكرامة نحن نعلم والعدو يعلم أننا سجلنا فيها نصرا أذهل العدو الذي أراد أن يحتسي كوبا من الشاي على جبال السلط -الشامخة بأرضها وشعبها -احتفالا بنصره .
وليس ثمة كلام ولا مقال يغير من حقيقة النصر الذي ما زال جدارا ومظلة نتفيأها لتمنحنا الضوء للبقاء والاستمرار على الثوابت .
وأخيرا انا لم أجد بمقال الرنتاوي ما يستحق كل هذا الصخب وكل هذا الضجيج ، ومن العقل والحكمة التأني والحذر ، ولنخمد نار الفتنة لتبقى الكرامة والوطن والإخاء .(إنتهى الاقتباس).
أكثر ما ينقصنا في منظومة الأخلاق العامة هذه الأيام فقدان معاني التسامح، وغياب ثقافة الصبر، وهما برأي أحد الأصدقاء القيمتان الأساسيتان في الحياة، ومن يتقنهما ويتقن التعامل بهما يعرف جيدا أين يضع قدميه، ويعرف مآلات قراراته.
التسامح وتعلم ثقافة الصبر، تمنحان صاحبهما مساحة من الطمأنينة، كما تمنحانه فرصة إغاظة أعدائه، بحيث يحارون في أمره، وأمر قراراته، ومسار حياته.
بعد انتشار ظاهرة العنف والتطرف في معظم مجتمعاتنا العربية، باتت ثقافة التسامح إحدى أهم الضرورات الإنسانية والأخلاقية في الواقع المعاصر، وهي الوحيدة القادرة على تجاوز محن الشعوب من ويلات القتل والتدمير والإرهاب.
في الأزمات التي حولنا لا يمكن ان تجد مخرجا لها إلا من خلال ثقافة التسامح، فما الذي يلغي من العقول دوامة العنف والقتل في سورية سوى الوصول الى لحظة التسامح بين جميع الاطراف، والبدء بالجلوس حول طاولة الحوار لتثبيت ميثاق أخلاق جديد يحكم العلاقة بين الطرفين.
رسالة التسامح لا تكون على حساب الحقوق الإنسانية الأصلية كحق الحياة وحق الأمن، ولا يُعبّر التسامح بأي شكل من الأشكال عن حالة ضعف بل لحظة قوة نادرة، ولا يزال مشهد الأم الإيرانية التي قررت في لحظة تنفيذ حكم الإعدام في قاتل ابنها الاقتراب منه، وصفعه على وجهه والاكتفاء بذلك، والسماح عنه مسيطرا على عقول من رأى هذا المشهد، متعجبا من القوة الداخلية التي تتمتع بها تلك الأم العظيمة.

إن انتشار لغة العنف يؤدي إلى إلغاء الآخر، أما لغة التسامح فهي تكرس حقيقة الاعتراف بالآخر، كما انّ الشخص المتسامح يكون أكثر انتاجا وأكثر طاقة لأنّه يرفض التصرفات الهوجاء أو التفكير بالانتقام، وإذا كان التسامح يعترف برفض ثقافة العنف فإنّه يفتح المجال لفهم آراء الآخر، لا بل ويؤثر فيها وفق أسس عقلانية.
بعض الأنظمة الحاكمة مثل نظامنا في المئوية يسجل في تقويمها أنها أنظمة متسامحة مع معارضيها، وليست دموية، ولا حقودة، وهذا يمنح مواطني تلك الدول تكريس ثقافة التسامح في مجمل حياتهم اليومية.
لنتذكر في قضية “الرنتاوي” والتحشيد الذي حصل، المصير الذي ناله أحد أهم كُتّاب الأردن قبل سنوات الشهيد ناهض حتر، الذي خسرناه بفعل التحشيد والمبالغة غير المبررتين، وهو المصير الذي خسرت فيه مصر والأمة العربية المفكر فرج فودة قبل سنوات.
الدايم الله…

قد يعجبك ايضا