*فادي السمردلي يكتب : المُحَلِّل السياسي بعد الطلاق البائن**بقلم فادي زواد السمردلي*
الشعب نيوز:-
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
في عالم السياسة، يظهر مفهوم “المُحَلِّل ” ليصف تلك الشخصيات أو التحالفات التي تُستَخدم مؤقتاً كأدوات لتحقيق مكاسب محدودة، ولتمرير أجندات ذات أبعاد تكتيكية تهدف إلى استعادة السلطة او إعادة ترتيب السلطة أو تسهيل عودة قوى وشخصيات معينة إلى مراكزها السابقة ويعمل “المُحلل” في هذا السياق كجسر مؤقت، تتغير مواقفه بمرونة حسب الضرورة، دون أن يحمل نية حقيقية في تحقيق أهداف مستقرة أو الالتزام بقضايا ثابتة وفي كثير من الأحيان، ينخرط هذا النوع من السياسيين في تحالفات مرحلية أو مواقف محسوبة لتحقيق غايات ضيقة لصالح أطراف نافذة، متخلياً بذلك عن رسالته في خدمة المجتمع ومصالحه الوطنية.
السياسي( المُحلل )ليس مُلتزماً بالضرورة بأهداف حقيقية، بل يتحرك وفق متطلبات المرحلة الحالية أو ضغوط الجهات التي يقف وراءها، مما يُشعر المواطن أن السياسة أصبحت لعبة مصالح وتكتيكات، وليست ساحة لخدمة قضايا عامة أو تقديم حلول مستدامة وهذه المرونة الظاهرية التي يبديها المُحلل تُعد في حقيقتها مرونة موجهة لخدمة أجندات، حيث يستخدم خطاباً عاماً مشبعاً بالتبريرات المنطقية، بينما يبقى الهدف الحقيقي هو خدمة ترتيب سياسي مؤقت، وليس تحقيق مصلحة عامة.
ويؤدي هذا النمط من الأداء السياسي إلى خلق فجوة واسعة بين المجتمع وطبقته السياسية، حيث تتزايد مشاعر الإحباط وعدم الثقة بين المواطنين الذين يتابعون المشهد السياسي ويشاهدون نفس الأدوار تُعاد تكراراً دون تحقيق إنجاز حقيقي أو تغيير فعلي فأصبح هذا المُحلل في أعين المجتمع مجرد ممثل مؤقت في مسرحية سياسية تتكرر فيها الأدوار والشخصيات، بينما تعجز عن إحداث تغيير فعلي أو توفير حلول مستدامة.
الأخطر في هذا الدور التحليلي المؤقت هو انعكاسه السلبي على مفاهيم الديمقراطية والإصلاح السياسي، فبدلاً من أن تكون السياسة ساحة للتغيير، تصبح أدواتها ومفاهيمها مجرد وسيلة لخدمة أهداف قصيرة المدى، ويتحول الأداء السياسي إلى مجرد وسيلة لبقاء شخصيات أو تحالفات بعينها في دائرة الضوء وعندما تكرس الطبقة السياسية نفسها للالتفاف حول استراتيجيات التحليل والتحالفات المؤقتة، تُخسر السياسة مصداقيتها ومعناها الأصلي، ويتحول المشهد إلى لعبة مكررة لا تُعبر عن طموحات المجتمع ولا تواكب التحديات الفعلية.
لذلك، تبرز الحاجة المُلِحة لتجديد العمل السياسي نحو تكوين قيادات تؤمن بالالتزام طويل الأمد وتعمل باستقلالية لخدمة مصلحة المواطن والدولة فبغير هذا الالتزام، ستبقى السياسة أسيرة لأهداف ضيقة ولعبة ترتيبات مؤقتة، يغيب عنها الطموح الوطني والمصلحة العامة، ويظل الجمهور فاقداً للثقة بجدية التغيير وقدرة النظام السياسي على تلبية تطلعاته الحقيقية.