متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟” رحاب القضاة

هذه العبارةُ تُذكّرنا بأنَّ الحقوقَ والكرامةَ المهنيةَ قيمٌ أساسيةٌ يجبُ صونُها والحفاظُ عليها. إنَّ تعزيزَ المهنةِ الطبيةِ وتنظيمَها ليسَ خيارًا، بل ضرورةٌ لحمايةِ الأطباءِ والمجتمعِ على حدٍّ سواء.

إنَّ الحاجةَ إلى إطارٍ قانونيٍّ وتنظيميٍّ للإعلانِ الطبيِّ تُعدُّ خطوةً محوريةً لمواجهةِ التحدياتِ المتزايدةِ في القطاعِ الصحيِّ، وخاصةً فيما يتعلقُ بضبطِ الإعلاناتِ الصحيةِ على منصاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ. ومعَ ذلكَ، فإنَّ أيَّ جهودٍ تُبذلُ في هذا الإطارِ يجبُ أنْ ترتكزَ على أسسٍ عادلةٍ، توازنُ بينَ حقوقِ الأطباءِ والمصلحةِ العامةِ، دونَ أنْ تُثقلَ كاهلَ أيٍّ من الأطرافِ.

إنَّ تنظيمَ الإعلاناتِ الصحيةِ عبرَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ يستلزمُ تفعيلَ القوانينِ القائمةِ، مثلَ المادةِ (62) من قانونِ الصحةِ العامةِ، التي تشترطُ موافقةَ الجهاتِ المعنيةِ على الإعلاناتِ الصادرةِ عن المهنِ الصحيةِ. هذا التفعيلُ يتطلبُ تعاونًا جادًا بينَ النقابةِ والجهاتِ الحكوميةِ ذاتِ العلاقةِ، بدلًا من فرضِ أيِّ أعباءِ إضافيةٍ على الأطباءِ الذينَ يلتزمونَ بمبادئِ المهنيةِ وأخلاقياتِ المهنةِ.

منَ الضروريِّ أنْ تُبذلَ الجهودُ لإقرارِ نظامِ الإعلامِ والإعلانِ الطبيِّ، الذي تمَّ تقديمُ مشروعهِ منذُ عامِ 2011، لضمانِ ضبطِ هذهِ الإعلاناتِ وفقَ معاييرَ مهنيةٍ وقانونيةٍ واضحةٍ. تأخرُ إقرارِ هذا النظامِ يُظهرُ الحاجةَ الملحّةَ لتسريعِ الإجراءاتِ التشريعيةِ والإداريةِ التي تحفظُ حقوقَ الأطباءِ والمواطنينَ على حدٍّ سواء.

إنَّ رسومَ الترخيصِ المقترحةِ على صفحاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ للعياداتِ يجبُ أنْ تكونَ جزءًا منْ منظومةٍ تنظيميةٍ شاملةٍ، تُطبَّقُ بشفافيةٍ وعدالةٍ، بحيثُ تضمنُ الالتزامَ بالمعاييرِ المهنيةِ دونَ أنْ تتحوّلَ إلى عبءٍ إضافيٍّ على الأطباءِ. كما أنَّ وضعَ شعارِ النقابةِ على الإعلاناتِ الصحيةِ يُعدُّ خطوةً إيجابيةً تُسهمُ في توجيهِ المواطنينِ نحوَ الإعلاناتِ الموثوقةِ، معَ ضرورةِ متابعةِ ومحاسبةِ المخالفينَ منْ غيرِ الملتزمينَ بالقوانينِ.

ختامًا، إنَّ حمايةَ المهنةِ الطبيةِ تتطلبُ شراكةً حقيقيةً بينَ جميعِ الأطرافِ المعنيةِ، والعملَ بروحِ المسؤوليةِ لضمانِ بيئةٍ مهنيةٍ سليمةٍ تحمي حقوقَ الجميعِ، وتعززُ منْ مكانةِ القطاعِ الصحيِّ في الداخلِ والخارجِ.