توقعات مسار الاقتصاد الأميركي في 2025
الشعب نيوز:-
زياد الرفاتي
يعتبر الاقتصاد الأميركي أكبر وأقوى اقتصاد في العالم يليه الاقتصاد الصيني ثم الاقتصاد الألماني في المرتبة الثالثة ،ويشار اليه بشكل أساسي كباروميتر لقياس صحة الاقتصاد العالمي واتجاهات نموه أو تراجعه .
وبعد طي عام 2024 وما شهده من ظروف وتحديات اقتصادية امتدادا لعامي 2022 ( بداية ظهور التضخم ) و2023 أثرت على الاقتصاد الأميركي من خلال اتباع سياسة التشديد النقدي برفع معدلات الفائدة بشكل تدريجي وصلت لأعلى مستوى لها منذ عقدين وبقائها مرتفعة لفترة أطول ، يتوقع رئيس الفيدرالي استمرار الاقتصاد الأميركي والدولار بمسار الحفاظ على قوته في 2025 مع خفضين للفائدة بدلا من أربعة .
وقد دفع اعادة تقييم مسار الفائدة الدولار نحو تسجيل أقوى أداء سنوي له منذ 2015 بفضل قوة اقتصاد أميركا والتوقعات بابطاء وتيرة خفض الفائدة .
كما يتوقع الرئيس ، أن يظل الاقتصاد الأميركي ” مستقرا ” في 2025 وهو الان في وضع “جيد جدا ” ولا يوجد ما يمنعه من الاستمرار بهذا المستوى مع تحديات تضخمية رافعا توقعاته الحذرة لمعدلات التضخم لعام 2025 الى 2،5% وقد تؤثر على معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي المقدر لذلك العام بنسبة 2،1% المقارب لعام 2024 ، ويحرز تقدما بشكل متواصل في محاربة التضخم ويرجح خفض الفائدة مرتين فقط خلال العام .
أما صندوق النقد الدولي فيتوقع أن يتصدر اقتصاد أميركا أداء مجموعة دول السبع الكبرى ، وأن اقتصادات ” بريكس ” ستسهم في النمو العالمي أكثر من مجموعة السبع وأن الحصة الكبرى من نمو الاقتصاد العالمي في السنوات الخمس المقبلة ستأتي من اقتصادات ” بريكس ” الكبرى ، وأن يزداد النمو الاقتصادي للبلدان المصدرة للنفط ، والصراع في الشرق الأوسط زاد من حالة عدم اليقين ، ويؤكد التزامه بدعم جميع الاقتصادات في الشرق الأوسط ، وأن الظروف مواتية لدول العالم لتحسين مالياتها العامة والتحوط ضد الصدمات واعادة بناء موازناتها وتخفيض نسبة الدين التي ارتفعت ابان جائحة كورونا .
أما الاقتصادات الخليجية فيتوقع الصندوق أن يتسارع النمو فيها الى 4،2% في 2025 مقابل 1،8% في 2024 .
وتتوقع وكالة ستاندرد أند بورز استمرار ضغوط التضخم في الولايات المتحدة في 2025 بسبب تحول السياسات وتترقب الأسواق سياسات ترمب التجارية خلال العام الجاري وتبعاتها وتأثيرها في الاقتصاد الأميركي والتي تهدف الى تحفيز الانتاج المحلي وخفض المستوردات الصينية والأوروبية لتخفيض العجز التجاري من خلال فرض رسوم جمركية اضافية عليها وقد تؤدي الجمارك لنزاعات تجارية تؤثر على تدفق السلع والأسعار اضافة الى اتباع سياسات مالية لخفض الضرائب داخل الولايات المتحدة الذي يثير مخاوف زيادة عجز الموازنة العامة وتفاقم الديون ، وعودة ترمب قد تشكل تحولا كبيرا في الاستراتيجيات البيئية ودعم الصناعات النفطية الذي يأتي على حساب الالتزامات المناخية .
ويهدد ترمب أوروبا بفرض رسوم جمركية اذا لم تزد شراء النفط والغاز الأميركي في سعيه لخفض العجز التجاري معها وتعتبر الولايات المتحدة أكبر موردي الغاز المسال لأوروبا وروسيا بالمرتبة الثانية ، وأعد حزمة اجراءات لفرض قيود على السيارات الكهربائية الصينية حيث تحتل الصين الصدارة العالمية في سوق السيارات الكهربائية التي شهدت في عامي 2023 و2024 تراجعا للطلب عليها وفقا للتقارير .
كما شهدت أوروبا عام 2024 تراجعا في مبيعات السيارات التي تعمل على البنزين وسط طفرة الهجينة وفرضت الهيئات التنظيمية تعرفات جمركية ضد السيارات الكهربائية الصينية ، وتراجع مبيعات تسلا السنوية التي يملكها الملياردير الأميركي ايلون ماسك لأول مرة منذ أكثر من عقد .
وقد دافع الرئيس بايدن عن سياساته بقوله أن خطط ترمب تهدد النمو الاقتصادي الأميركي ، فيما يحذر مستشار الأمن القومي الأميركي السابق ابان حقبة ترمب الأولى من مخاطر ” أزمة دولية كبرى ” خلال ولاية ترمب الثانية .
و تتوقع جامعة ميشيغان أن الاقتصاد الأميركي قد يشهد تباطؤا طفيفا مع استمرار خلق فرص عمل وتباطؤ التضخم ، فيما ترى جامعة كامبريدج أن تغيير الادارة الأميركية للسياسات المالية والتجارية والهجرة سيجعل تحليل الأسواق أكثر تعقيدا للمستثمرين .
كما تتوقع بنوك استثمارية أميركية عدة أن الاقتصاد الأميركي في طريقه للتفوق على توقعات الاقتصاديين مرة أخرى في 2025، وأن الرسوم الجمركية والمخاطر الجيوسياسية أكبر تحديات 2025 وأن الوضع العالمي شديد الضبابية ويحمل الكثير من التقلبات وتنصح المستثمرين بتنويع محافظهم الاستثمارية في 2025، وتوقعاتها في العام الجديد بارتفاع أسهم البنوك الأميركية بدعم صناديق التحوط التي تقبل على الشراء وتتوقع ضغوطا على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى ، فيما يترقب متداولو السندات والأسهم عام 2025 المليء بالتحديات .
وارتفعت حالات التخلف عن سداد قروض بطاقات الائتمان في أميركا لأعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 ، ويتخلف الأميركيون نتيجة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة عن سداد نحو 46 مليار دولار مستحقة من قروض بطاقات الائتمان البالغ اجماليها 1،1 تريليون دولار .
وأعربت رئيسة المركزي الأوروبي عن تفاؤلها باعتدال التضخم في منطقة اليورو والوصول الى مستهدفه البالغ 2% العام الجاري ومواصلة الجهود لضمان استقرار التضخم بشكل مستدام عند الهدف على المدى المتوسط والنقاش مع واشنطن يجنبنا حربا تجارية قد يخسر فيها الجميع .
و حذرت فرنسا وهي ثاني أكبر اقتصاد أوروبي بعد ألمانيا من أن أي اضطراب مالي أو سياسي طويل الأمد قد يؤدي الى زعزعة استقرار منطقة اليورو ، وتعاني البلاد من ارتفاع معدل البطالة الى 7،5% وتزايد أعداد العاطلين عن العمل بالتزامن مع ارتفاع التضخم في ظل أزمة اقتصادية تعاني منها وتعهد الرئيس الفرنسي بخفضها الى 5% بحلول نهاية 2027 مع اقبال 4 من كل 10 فرنسيين على بيع الهدايا التي تردهم .
ويتم تداول اليورو مقابل الدولار دون مستويات محورية ويتراجع أمامه الى أضعف مستوى منذ 2022 ، وتتوقع الأسواق استمرار خسائر العملة الأوروبية في 2025 .
وتظهر التوقعات تباطؤ نمو أسعار الذهب في 2025 بفعل التوقعات المعقدة لمعدلات الفائدة بنمو اقتصادي دون المستوى والحروب التجارية المحتملة التي ترافق الولاية الثانية للرئيس ترمب ، وتشير توقعات البنوك الاستثمارية العالمية لأسعار الذهب بنهاية 2025 أن يتراوح ما بين 2900- 3000 دولار للأونصة .
وقد تسجل أسعار الذهب ارتفاعات كبيرة في 2025 في حالتين وفقا لمجلس الذهب العالمي وهما :-
ا- انخفاض كبير بمعدل الفائدة .
ب- تدهور الأوضاع الجيوسياسية .
وفي قطاع الطاقة ، فان عدم ديمومة المصادر والكلفة وضخامة الاستثمارات المطلوبة من أهم التحديات والعقبات أمام قطاع الطاقة المتجددة ، حيث تشير التقارير أن حجم الاستثمارات المطلوبة في الطاقة المتجددة تصل الى 31 تريليون دولار .
وفي بريطانيا ، يشير بنك انجلترا الى أربع تخفيضات في معدلات الفائدة في 2025 اذا تباطأ التضخم .
وفي الاقتصاد الصيني فان توقعات مؤسسات تصنيف دولية وبنوك استثمارية بتباطؤ نمو الاقتصاد في 2025 بنسب متباينة بينهما تتراوح ضمن نطاق 4%- 4،8%، أما اقتصادات أسيا فيتوقع صندوق النقد الدولي نموها بنسبة 4،4% في 2025 .
وفي تركيا ، دخل الاقتصاد في مرحلة ” ركود تقني ” في الربع الثالث من 2024 لانكماش الناتج المحلي الاجمالي للمرة الثانية على أساس فصلي ، وقد بلغت معدلات الفائدة 47،5% والتضخم 44% وسعر الصرف 35 ليرة مقابل الدولار كما في نهاية كانون الأول 2024 ، ويرى المحللون أن ما وصل اليه الاقتصاد التركي ليس مفاجأة بل تأخر ظهور النتائج نتيجة التأخر في الاجراءات الاقتصادية والنقدية بالسنوات السابقة .
وقد شهد الاقتصاد التركي ارتفاعا حادا في أسعار الفائدة منذ عام 2023 لاحتواء التضخم .
وسيعود الرئيس التركي في 2025 لرؤيته بأن خفض الفائدة يؤدي الى تقليل التضخم على عكس النظرية الاقتصادية وبعد أن منح الفرص الكافية في سنتين حسب رأيه لصناع السياسة النقدية لتطبيق النظرية ودعا الشعب التركي لمقاطعة من وصفهم ” بالانتهازيين ” الذين يرفعون الأسعار ، وتتجه الأنظار الى العام 2025 كتوقيت حاسم لتطبيق رؤيته الاقتصادية وتحقيق الاستقرار .
وقلص البنك المركزي التركي عدد اجتماعات السياسة النقدية لعام 2025 الى ثماني اجتماعات فقط .