
جزارون في “كيان” الدم (( 13 )) … “البروبوغاندا”.. العصا السحرية للقوة الإعلامية الصهيونية
الشعب نيوز:-
أدرعي.. وجه “الكيان” وصوته الناطق بالعربية لاختراق العقل العربي
التزييف والإنكار والمراوغة تكتيكات الناطق باسم الاحتلال بمخاطبة الإعلام العربي
استخدام مكثف لـ”الغوبلزية” لتبرير أفعال “الكيان” العدوانية ومجازره
تعاليم التوراه وفلسفة نيتشه والأساطير المؤسسة للبروباغندا الصهيونية
أدرعي.. امتطاء العربية للتطبيع وتلميع الصورة الذاتية وشيطنة الخصم
عبد الرحمن أبو حاكمة
تُظهر البروباغاندا الصهيونية، المدعومة بمبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” لنيكولو مياكافيلي المفكر والفيلسوف والسياسي الإيطالي في القرن السادس عشر، والمستندة الى مقولة “اكذب واكذب حتى تُصدق”، لوزير البروباغاندا النازية جوزف غوبلز في زمن هتلر، محاولات يائسة لتزييف الحقائق وتوجيه الرأي العام العربي والعالمي باستخدام تكتيكات إعلامية متقدمة، يسعى الكيان الصهيوني عبرها إلى تبرير أفعاله العدوانية في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، مستخدمًا مصطلحات مضللة مثل “الدفاع عن النفس” و”الإرهاب”، وهو ما يوضحه المحلل السياسي الفلسطيني أنيس محسن في مقال له بعنوان (بروباغاندا إسرائيل وأميركا: “الغوبلزية” في خدمة تدمير غزة) بقوله: ان “هذه البروباغاندا وهذا المبدأ ليسا جديدين على الذهنية الصهيونية، فعلى سبيل المثال ولتبرير إنشاء “إسرائيل”، شاعت مقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، لتبرير الاستيطان الصهيوني، فضلاً عن ادعاءاتهم بأن “اليهود في فلسطين يدافعون عن أنفسهم في وجه العرب الذين يريدون قتلهم، وأن الفلسطينيين هجروا بخيارهم، وهو ما يكشفه الكاتب إيلان بابيه في كتابه “عشر أساطير حول إسرائيل”.
البروباغاندا الصهيونية.. التأثير على الرأي العام وتزييف الحقائق
وفي هذا السياق، يُستخدم الإعلام الصهيوني لتوجيه الرسائل التي تدعم الرواية “الإسرائيلية” وتُقلل من معاناة الفلسطينيين، ويتم استخدام وسائل الإعلام الناطقة بالعربية بشكل خاص للوصول إلى الجمهور العربي، ولترسيخ ذلك، تم تجنيده لخدمة القضايا “الإسرائيلية” بشكل عام، وتوجيهه ليقف مع الأهداف السياسية والقومية التاريخية للصهيونية بشكل خاص .. من هذه الرؤية لقوة الإعلام في التأثير على المتلقي في العالمين العربي والغربي، انطلقت البروباغاندا الصهيونية لتلعب دور “الحاوي السياسي” الذي يعرف كيف يتلاعب بالألفاظ السياسية والمصطلحات الإعلامية بهدف خدمة الأجندة الصهيونية وقضاياها، وكثف الاحتلال من حربه الاعلامية من خلال وسائل اعلامه الناطقة بالعربية ليبث سمومه وحربه النفسية للوصول للجمهور الفلسطيني والعربي للتأثير عليه، وهو ما يعمل عليه الناطقون باسم الاحتلال ومن ابرزهم (أفيخاي أدرعي) المتحدث الرسمي الأول لجيش الاحتلال الذي بات بعتبر في الاونة الاخيرة وجه الكيان وصوته للعالم الناطق بالعربية حيث يتوجه للجمهور، معتمداً على اطلاع واسع على الثقافة العربية والعادات والتقاليد وفهم عميق للتعابير المألوفة لدى العرب، ولا يكتفي بذلك، إذ يستخدم أمثالاً شعبية، وآيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية وبيوتاً شعرية، لبناء تواصل مع المشاهد فضلاً عن توظيف الاستشهادات بعد تحريف سياقها في خدمة سرديته، مكرسا مقولات غوبلز كقاعدة ذهبية يعتمدها في مخاطبته العرب وبخطوات مدروسة ومتقنة.
رسائل ادرعي لتحقيق التطبيع وتمرير روايات الاحتلال
ويطل أدرعي رئيس قسم الإعلام العربي، والناطق باسم الجيش عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات العربية التي تستضيفه لاستطلاع موقف جيش الإحتلال حول القضايا الراهنة، ويوظّف العربية التي ينقل بوساطتها الأحداث الراهنة بعيون صهيونية، لإرسال رسائل علنية وأخرى ضمنية، ولخدمة أمرين، الأول: تحقيق التطبيع الشعبي مع الجماهير العربيّة والناطقة بالعربيّة من المسلمين، ويُمهّد لذلك باعتياد التعامل والتفاعل مع شخصية صهيونية عسكرية، أما الثاني فهو تمرير روايات الاحتلال عامة، وفي أثناء المعركة خاصة، وذلك في إطار الحرب النفسيّة والإعلاميّة التي تجنّد لها دولة الاحتلال ميزانيّات طائلة، كما يتفاعل مع متابعيه ويحتمل ما يأتيه منهم من انتقادات وشتائم وإهانات، كشكل من أشكال الدبلوماسية لتحقيق هدف واضح يرمي إلى كسر الحاجز النفسي بين المتابعين العرب والتطبيع مع العدو، وعند التدقيق في خطاب أدرعي نجد لديه مصطلحات وتعابير من شأنها أن تترك انطباعات معاكسة للحقيقة، ونلحظ بدون أدنى شك استخدامه لكلمتي “الإرهاب” و”المخربين” بكثرة، مستخدما أساليب مختلفة من اللغة والخطاب العربي، مع التدليل عليها ببعض الأمثلة، لا سيما من معركة “طوفان الأقصى”.
وفي حال واجهه مذيع ما ببعض الحقائق، يتهرب من الإجابة بطريقة ذكية، عبر قوله “الجيش يحقق في الحادثة، ونحن بانتظار النتيجة”، وبهذه الطريقة يلتف على الإجابة ويغيّر مسار الحديث، ومن واجبات ادرعي الأساسية أيضاً تأكيد فكرة أن “الكيان لا يستهدف المدنيين، ولا أماكن العبادة أو المرافق العامة”، على حد زعمه، كما لا يخلو حديثه من استعرض “الإنجازات العسكرية” للجيش ومنظومات سلاحه المتطورة، مؤكدا باستمرار وبمناسبة وبدون أن (إسرائيل) “قوة إقليمية رائدة وجيشها لا يقهر”، ومن الأدوات التي يعتمدها ادرعي “صاحب النصف ابتسامة”، طرح أسئلة على محاوره، ليظهر أنه متقدم عليه، ويحرص على الظهور دوماً بالزي العسكري، تأكيداً على انضباطه وترسيخ هذه الصورة لدى المشاهد، كما يعتمد لغة حاسمة في صياغته بياناته على قاعدة “وقد أعذر من أنذر”، وفي حديث لـ “جيروزاليم بوست”، يقول إن “التحدث إلى وسائل الإعلام العربية مهمة معقدة، فغرف الأخبار هنا قد تكون أكثر عداءً من نظيراتها الغربية، وحتى لو لم تكن معادية.
اساليب مكشوفة معززة بالادلة لزيادة حجم التفاعل
ويستخدم المتحدث باسم الاحتلال عدة أساليب مع التدليل عليها ببعض الأمثلة، بحسب الاستاذة الجامعية والمتخصصة بالادب والنقد د. إيناس محروس بوبس، حيث يعتمد اللغة التهكمية فهي بوّابته لزيادة حجم التفاعل معه عبر منصات التواصل، منها السخرية من قيادات المقاومة التي “تختبئ” في الأنفاق، أو في فنادق قطر، على حد تعبيره، اما أسلوبه الثاني فهو التكرار واللغة التوكيدية إذ يركّز على مصطلحات وأفكار ويكررها باستمرار، فمن بداية معركة 7 اكتوبرلا يكرر إلصاق صفة الداعشية بالمقاومة، تناغما مع فكرة رهاب الإسلام “الإسلاموفوبيا”، التي يستخدمها الغرب كما يصف جيش الإحتلال بـ”جيش الدفاع” لجعل المتلقي مهيأ نفسيا للشعور أن ما تفعله “إسرائيل” ردّ فعل فحسب.
كما يعتمد أسلوب الثنائيات الضدية حيث يتّكأ على المبالغة والتَّهويل من جهة، والتّهوين والتّحقير من جهة ثانية، ولا يفتأ الاعتماد على المبالغة والتهويل في وصف قدرات الجيش، بعرض صور للقبة الحديديّة ووصفها “فخر الصّناعة الإسرائيليّة وإرادتنا أقوى من الحديد”، مقابل ذلك يعتمد التهوين عند الحديث عن المقاومة، ويعمد إلى استخدام لغة تحقيرية لتسخيف إنجازاتها على الأرض، مثل “صواريخ عبثية”، في حين يلجأ الى تسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية كأسلوب اخر حيث يطلق المسميات ويكررها بهدف التصالح، لتلميع الصورة الذاتية، وشيطنة الخصم والعدو، اما الأسلوب الخامس فهو التخويف والترهيب اذ يحرص على استخدام لغة تتسم بالحزم والقوة لجانب الناعمة التي يستخدمها بكثرة، ف”الترهيبيّة” تؤثر في المعنويات وجزء من الحرب النفسيّة.
استغلال شعارات “الشعب المختار و”الحرب المقدسة”
ويؤكد مستشار الاعلام والاتصال المؤسسي السعودي فهد بن وازع بن نومه القحطانى، “ان الحركة الصهيونية عملت منذ البدء على إقامة كيان صهيوني، وكانت دعايتهم تقوم على السبل التي تؤدي إلى هذا الهدف، الذي ظل محور الدعاية الصهيونية، لذلك نظمت اساليب مدروسة لتناسب عقليات وعواطف الجماعات المختلفة التي وجهت اليها رسالتها الإعلامية”، وهنا لا بد من الاشارة ان ادرعي اعتمد واتقن استخدام مصادر الدعاية الصهيونية، والتي يرى الباحث رهيف حجل انها اتخذت عدة مصادر منطلقا لها، وهي التوراة التي تعد تعاليمها من اهمها وذلك باستغلال شعارات مثل (الشعب المختار او الاستقلال الذاتي لليهود والحرب المقدسة واسرائيل التوراتية) وغيرها المبررة للعدوان والتوسع، بالاضافة الى فلسفة نيتشه واراء المفكرين العنصريين حيث استحوذت فلسفته على كثير من المثقفين والطلاب اليهود، وقد نهج زعماء
الصهيونية نهجه وعنصريته وكرسوها في كتبهم ومقالاتهم واعمالهم.
كما يعتمد ادرعي ايضا الافكار الاشتراكية الصهيونية وشعاراتها المزيفة، فضلا عن الاراء الفلسفية للصهيونية الثقافية وبهذا الخصوص يقول -احاد هاعام- وهو لقب اشتهر به الكاتب اليهودي تسيفي هيرش كينتسبرك “سيسود شعبنا اليهودي على الشعوب الأخرى، اسرائيل هي الأمة العليا التي ستصبح سيدة العالم، دون النظر الى ما يمكن ان يكلف هذه الشعوب الاخرى الأدنى مقاما لان الامة العليا وحدها هي زهرة البشرية وذروتها، وما خلقت الأمم الأخرى إلا لتخدمها”.
ويقسم الباحث محمود اللبدي الأساليب الاعلامية الصهيونية الى: (الاستعطاف والإثارة، التشبيه بالشعوب وخاصة المتحضرة منها، التعظيم للذات، الابتزاز والتهديد، التهويل بصورة العدو وبشاعتها والتشنيع بالخصم، التزوير، التكرار، والمناورة والمراوغة)، وكل هذه الاساليب يعتمدها ادرعي في البروبوغاندا التي يقدمها والتي تعتبر العصا السحرية للقوة الإعلامية الصهيونية.
ويصنف الكاتبان غازي السعدي ومنير الهور أساليب الإعلام الصهيوني بـ: الدعاية بالكلمة: وتعتمد على إغراق العالم بالدعايات المكتوبة والمرئية والمسموعة، ودعاية الحركة الهادئة داخليا وخارجيا التي تمتاز باستغلالها للعلاقات نتيجة الدراسة العميقة للنفس البشرية، ودعاية العنف والإرهاب حيث يحفل التاريخ الحديث بالأمثلة على أساليب هذه الدعاية التي استخدمها الكيان، سواء ضد الزعماء أو المفكرين أو ضد المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، ومن الأمثلة على ذلك ما اقترفته بحق المستشار النمساوي كورت فالدهايم، الكونت برنادوت والفيلسوف روجيه جارودي.
