فعلا.. نحن شعب استهلاكي بامتياز !..أسامة الرنتيسي

652
الشعب نيوز:-

برغم الأوضاع الصعبة كلها، والبؤس العام، والقلق الذي وصل حده إلى أربعة رؤساء وزراء سابقين، والأرقام الصادمة عن البطالة، والمديونية، والعجز، وفقر الدم عند السيدات، فإننا شعب استهلاكي بامتياز، وسلوكنا العام لا يستقيم مع أية دراسات ومؤشرات اقتصادية.
يوم الخميس، افتَتَح مول كبير في البلاد، فرعه رقم (51) في مدينة الفحيص، بالله العظيم أزمة المرور التي تسبب بها حفل الافتتاح لا يمكن أن تُصدَّق، فعلى ماذا، وما الشيء الذي توقعه أي مواطن أوقف سيارته وهرول باتجاه الفرع ليلتقط قبل غيره ما يستطيع من المواد المعروضة، إن كانت ضمن العروض التي يشتهر بها هذا المول، وأبرزها ثلاث علب فول بدينار.
كثيرون من أهالي الفحيص إحتجوا على فكرة افتتاح المول على الشارع الرئيسي والأزمة المرورية التي يعاني منها الشارع قبل المول، فكيف ستكون الحال بعد المول (أبي العروض)، فما الذي تغير حتى كان الافتتاح بهذا العدد الكبير من الناس؟!.
قبل أيام قلائل، نظم المركز الوطني للبحوث الزراعية، بالتعاون مع وزارة الزراعة، مهرجان الزيتون الوطني الحادي والعشرين ومعرض منتجات المرأة الريفية، لمدة 10 أيام، كان عدد الحاضرين لهذا المعرض لافتا للنظر، حتى نادت أصوات بتمديده، والمفاجأة أن مبيعات المهرجان تجاوزت الثلاثة ملايين دينار، فماذا اشترى المواطن الأردني من زيت وزيتون ولبنة ومعجنات ومخللات بهذه الثلاثة ملايين ؟!
نتذكر قبل نحو شهر وفيلم “بلاك فرايدي” كيف ازدحمت المولات والمحال التجارية وأُغلقت الشوارع بعد أن توجّه الناس بشكل غريب إلى هذه الأماكن حتى لا تضيع عليهم فرصة الحصول على تنزيلات ذلك اليوم.
أمام الصور الاستهلاكية التي نشاهدها فإن أكثر ما يقلق الأردنيين في هذه الأيام – عدا تداعيات جائحة كورونا والموت الذي يلفنا من كافة الجهات ونشتم رائحته في كل مكان – الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وبعيدا عن لغة الأرقام الجوفاء، والتقارير المدبلجة بحبر لا تفوح منه رائحة الوجع، ثمة في مجتمعنا، بشر يوشكون على استنفاد آخر قطرات الحياة من أرواحهم، من جرّاء وصولهم إلى مرحلة الفقر الذي حطم كل “خطوط” التصنيفات الرسمية، من مدقع ومطلق.. وصولا إلى (عيش سريري).
لا تحتاج أوضاع المواطنين المعيشية الصعبة إلى شواهد، فالحال مكشوفة للجميع، والضغط المتوالي على لقمة العيش أصاب الفئات جميعها، المسحوقة أصلًا، وقد سَحَقت سَنَتا كورونا ما تبقى من الطبقة الوسطى، حتى طبقة الـكريما 5 % المنعمة، بدأت تتململ، حالها حال المسحوقين، وباتت لديها شكاوى بأشكال مختلفة.
أعترف؛ أنني أكتب ولدَيَّ قناعات داخلية باللاجدوى، وأن فعل الكتابة “أصوات في البرية”، ولا شيء يُحدث تغييرا سوى “الدق على جدران الخزان”.
الدايم الله…

قد يعجبك ايضا