برامج “تشغيل” شبعنا تنظير.. بدنا عمل!

452
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –

تُكرّر الحكومات البرامج ذاتها التي أثبتت عقم نتائجها على مدار سنوات، فقد أطلقت الحكومة برنامج التشغيل الوطني 2022 “تشغيل”، الذي من المتوقع حسب الرئيس والخطة “أن يوفر 60 ألف فرصة عمل للأردنيين والأردنيات في القطاع الخاص”.
المشكلة أن القطاع الخاص يعاني، وقد دفع تكاليف أزمة كورونا أكثر من الحكومات التي استمرت في الاقتراض والدَيْن من الخارج ومن الضمان الاجتماعي.
كل ما تفتح الحكومة بوابةً لمعالجة البطالة التي ارتفعت في فترة كورونا 4 % إضافة للارتفاعات التي تَوَّجَها تقرير للبنك الدُّولي بأن نسبة البطالة بين الشباب تحت سن 25 عاما تصل إلى 50 %، أتذكر أفلام وزراء عمل سابقين كيف وفَّر أحدهم 30 الف فرصة عمل فر منها (على ذمة الوزير) نحو 7 آلاف شخص (أردني).
كما أتذكر قبل سنوات عندما أعلنت أمانة عمان الكبرى حاجتها لتعيين عمّال وطن، اتصل بي صديق يطلب وساطة من أجل تشغيل أخيه عامل وطن لدى الأمانة، استغربت جدًا من الطلب، لكنّني اتصلت فورًا مع أحد الأصدقاء ممن لهم دالة على الأمانة بحكم العمل، وطلبت مساعدته، الغريب أكثر أن صديقي قال لي: إن الاسم الذي اعطيته إيّاه رقمه 40 في الطلبات التي وصلته تريد المساعدة في الحصول على الوظيفة.
يومها؛ مشاعر متناقضة أصابتني، فرحت ان الشباب الأردنيين، فعلًا لا قولًا، غادروا ثقافة العيب، وأصبح العمل لهم في أية مهنة ليس عيبًا، لكنّني صدمت لأن البطالة وصلت أيضا إلى عمال الوطن، بعد ان توسعت في معظم القطاعات، برغم الأرقام الرسمية التي تتحدث عن انخفاض نسب البطالة. الأمانة طلبت تعيين 250 عامل وطن، فتقدم للتعيين 9500 شاب أردني، اللجنة المعنية بالتعيين قابلت في اليوم الثالث 1000 شاب.!
منذ سنوات والخطاب الرسمي يرى: “أن التصور المستقبلي للاقتصاد الأردني يستهدف تمتين أسس الاقتصاد وتحقيق الاستقرار القائم على تعزيز قيم الانتاج والاعتماد على الذات، وصولًا الى تحقيق التنمية الشاملة الدّائمة، ما سيخلق فرص عمل للأردنيين ويَحُدُّ من مستويات الفقر، ويؤدي إلى تأمين الحياة الكريمة والمستقبل المشرق لأبناء وبنات أردننا الحبيب”.
هذا كلام جميل، لكنه لا يهبط على الأرض، اذ لا يرى الشاب ثائر في خرجا، وأمينة في ياجوز، وسعيد في مخيم البقعة، وخلف في السماكية، وعبدالفتاح في ماحص نتائج إيجابية لهذا الخطاب النظري، وإنما يَرَوْن ارتفاعات في مستوى المعيشة، وغلاءً في معظم السلع، وعدم شعور بالأمان في العمل، واستحالة تأمين وظيفة لخريج جامعي ينتظر منذ سنوات على قوائم الخدمة المدنية، ولا يفتح القطاع الخاص أبوابه إلّا بصعوبة بالغة.
يحتاج هؤلاء وغيرهم في مدننا وقرانا وبوادينا ومخيماتنا إلى مشروعات إنتاجية حقيقية توفر فرص عمل، وتحسِّن الأوضاع العامة في هذه المجتمعات، فهل يستطيع رئيس الوزراء والفريق الاقتصادي ان يدُلّوننا على مشروع إنتاجي أقيم خلال العشر سنوات الماضية في محافظاتنا غير العقبة، وفّر فرص عمل لأبنائنا؟.
هل يستطيع القائمون على صندوق تنمية المحافظات أن يُطلِعوننا على ما حققه هذا الصندوق من إنجازات اقتصادية ملموسة، غير المؤتمرات وورشات العمل التي تُعقد لشرح أهداف هذا الصندوق؟.
هل يستطيع الفريق الاقتصادي ان يكشف لنا عن المزايا الإيجابية لقانون الاستثمار الذي لا يجذب مستثمرا، بل يطرد ــ من خلال التعقيدات التي لا تنتهي ــ الاستثمار الموجود؟.
لا أحد ينكر صعوبة الأوضاع الاقتصادية ليس في الأردن وحده، بل في المنطقة والعالم، لكن تعبنا من الاستماع الى خطوات التصحيح الاقتصادي، والتزامات صندوق النقد.
البطالة والفقر هما الحاضن الرئيس للفكر المتطرف، ومن جيش العاطلين او المتعطلين من العمل، تلتقط الجماعات المتطرفة عناصرها.
الدايم الله…

قد يعجبك ايضا