
ُعقلاء لمنع الكوارث قبل وقوعها!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
نمرّ بمرحلة في غاية الحساسيَّة، لا ينفع فيها الجَلْد، وتوزيع الاتّهامات، وتحميل المسئوليات، إنّما نحتاج إلى رصّ الكتف إلى الكتف، لنخرج من الحالة السلبية التي نعيشها.
ليس فقط في الجوانب السياسية، بل في قضايا الإدارة العامة عموما، والقضايا المرتبطة بحياة الأردنيين خصوصا، فليس العدل أن نعالج الأزمات والكوارث التي تقع، إنما العدل أن نعمل على عدم وقوعها، وهذا الأمر يحتاج فعلا إلى عقلاء وأذكياء يقدِّرون الأمر قبل وقوعه.
كوارث كثيرة مرت علينا في السنتين الأخيرتين، لا ينفع معها لجان التحقيق، ولا من يتحمل المسئولية، حتى في هذه، عندما بدأنا نحمّل المسئول الأول فيضطر للاستقالة، ثم نراه بعد فترة بسيطة على رأس مؤسسة أخرى….(ما علينا)
في السياسي؛ فُتِحَ ملف الإصلاح، ( ويا ليته ما فتح) فانفتحت علينا الاتهامات والتشويش من كل حدب وصوب، وما زالت “كارثة الهُوِّية الوطنية الجامعة” تجذب متحدثين، ولم يقل أحد ممن اعتبروها كارثة ومؤامرة أين يكمن الخلل، وإنما أسئلة معلقة في الهواء “كيف طارت الأردنية من الهُوِّية الوطنية الجامعة؟”…يا لطيف.
إلى فتح ملف الوطن البديل من جديد عند كل مفصل حتى لو كان تسهيل الإجراءات على الجسور، مع أن معزوفة الوطن البديل اختراع إسرائيلي صهيوني بامتياز، قد تكون بكفالة أميركية، وقد تكون أيضا حلًا موهوما في عقول سياسيين في تلكما الدولتين، لكن حتى لو اتفقت الإدارتان الإسرائيلية والأميركية معا على هذا الحل، ورفضه الفلسطينيون والأردنيون، فكيف سيتحقق ذلك؟
الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، لا يغير هذا تقرير، ولا موقف بائس لأشخاص بائسين، وأتحدى أي شخص يعشق الحديث في هذه الفزاعة أن يجد فلسطينيا واحدا يمتلك الجرأة ليقول إنه يقبل بأي وطن آخر بديلًا عن فلسطين، او أردنيا يقبل أن يكون الأردن وطنا بديلا لأحد.
في هذا الوقت الصعب، نحتاج إلى عقلاء وحكماء ومخلصين، قلوبهم واجفة على الوطن، لا على أجندات أخرى، نحتاج إلى أصحاب آراء مخلصين منتجين، لا إلى أصحاب؛ “نعم سيدي”.
نحتاج إلى مخلصين وعقلاء وحكماء وخبراء في بطانة صانع القرار، أولوياتهم وطنية، وهمّهم المواطن ومستقبله، وثوابت بوصلتهم لا تخطئ، شخصيات سِجلّاتهم نظيفة، مترفعين عن التنفيع، والبحث عن المكتسبات الشخصية.
نحتاج إلى عقول سياسية، لا موظفين اقتصاديين ناجحين في مشروعاتهم الخاصة من دون أظهُر تسندهم، نجدهم مع الوطن إذا ناداهم، لا مع جنسياتهم الأخرى إذا ضُغط عليهم، وإلى إصلاحيين حقيقيين، لا أعداء للإصلاح، يقودون مسيرة الإصلاح، يمارسون الديمقراطية دائمًا، ليسوا من مشجعي الأحكام العُرفية.
هؤلاء العقلاء والحكماء ليسوا فقط في بطانة صانع القرار، بل نحتاجهم في المؤسسات الوطنية كلها، في الأحزاب والنقابات، في الحراكات ومؤسسات المجتمع المدني، في مفاصل حياتنا جميعها.
إن الحديث عن الإصلاح يبقى ناقصًا إذا لم يترافق مع إصلاح اقتصادي حقيقي يحمي حياة المواطنين المعيشية ، ويحفظ كرامتهم من العوز والحاجة، وهذا أيضًا لن يتحقق إذا لم نشعر جميعًا بأن محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين أولوية قصوى، يجب ألّا يتم التعامل معها بالقطعة وحسب الوزن.
نريد عقلاء يمنعون الكوارث قبل وقوعها، وقبل أن يُنقل المايكروفون من العقلاء إلى النشطاء في الشارع.
الدايم الله…