فعلا.. “حياة على ذمة الموت”!

235
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي  –

أعترف بداية؛ أنني أكتب ولدَيَّ قناعات داخلية باللاجدوى، وأن فعل الكتابة “أصوات في البرية”، ولا شيء يُحدث تغييرا  سوى “الدق على جدران الخزان”.

ومع أنّ خيبة الأمل لا تصنع سياسةً، لكنّ المتابع للحياة السياسية في الأردن يشعر بخيبة أمل من كل شيء. فالأداء مرتبك، ولا يدري المرء إلى أين تسير الأمور؛ الكل في حالة انتظار وترقب، والكل يضع يده على قلبه من قابل الأيام.

وما دامت السياسة في بلادنا تُصنع من دون خطط وتقاليد وأعراف، مُطّلع عليها المواطنون، ويعرفون أهدافها وآلياتها واستراتيجياتها، فلن يستطيع أي محلل سياسي أو خبير استراتيجي الاجابة على سؤال أي مواطن، لِمَ يُخرَج زيد من موقع المسؤولية ويؤتى بعمرو؟ وما هو البرنامج الذي سينفذه عمرو، ولم يستطع زيد تنفيذه؟، ولِمَ تبقَ التعيينات والاستقالات والإقالات والتغييرات في بلادنا على هذا النحو؟!.

ليعترف الجميع أن بوصلة الأوضاع العامة في البلاد مرتبكة، حائرة، ضبابية؛ تنفيذ بطيء، والعمل بالقطعة ويوم بيوم، والأخطر الجلوس في مقاعد الانتظار. فبأي اتجاه تسير الأوضاع العامة الآن؟

على الأكتاف جُملة من القوانين التي وعد بها الشعب، وهذه الودائع القانونية، مثل قوانين البلديات، والأحزاب واللامركزية، ومن بعدها القانون المحوري (الانتخاب)، تحتاج إلى أجواء عامة إيجابية لإنجازها في مجلس النواب.

في هذه المرحلة، الأجدر أن نتيقظ إلى:

الإسراع في إنجاز القوانين السياسية والاجتماعية الناظمة للحريات ومعيشة المواطنين، وعدم الجلوس على مقاعد الانتظار وتحليل ما جرى في الأسابيع الماضية، لأن الضامن الوحيد لاستقرار الوضع العام في البلاد هو المبادرة إلى الانفتاح على قوى الشعب وتنفيذ حزمة الإصلاحات العامة.

أكثر ما يقلق الأردنيين هذه الأيام عدا تداعيات جائحة كورونا والموت الذي يلفنا من كافة الجهات ونشتم رائحته في كل مكان، الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وبعيدا عن لغة الأرقام الجوفاء، والتقارير المدبلجة بحبر لا تفوح منه رائحة الوجع، ثمة في مجتمعنا، بشر يوشكون على استنفاد آخر قطرات الحياة من أرواحهم، من جرّاء وصولهم إلى مرحلة الفقر الذي حطم كل “خطوط” التصنيفات الرسمية، من مدقع ومطلق.. وصولا  إلى (عيش سريري).

في رمضان تحديدا؛ السؤال عن المحتاج والبحث عنه والاكتراث بأحواله الصعبة لا يكلف شيئا، بل يعيد إلى حياتنا وعلاقاتنا الإنسانية بعضا من روحها التي ذبلت في هذا الزمن الذي يزداد جفافا وتصحرا ويباسا.

أستعير عنوان رواية الروائي المبدع المرحوم جمال ناجي  “حياة على ذمة الموت”، بعد أن أصبحنا نشتم رائحة الموت في كل مكان، وأصبحت الحياة نضالًا من أجل البقاء فقط..

الدايم الله….

قد يعجبك ايضا