الصحفي عبدالله بني عيسى يكتب .. “وداعا متعب”

الصحفي عبدالله بني عيسى يكتب .. “وداعا متعب”

يموت متعب في خضم موت يتوالى كمواسم الحزن الطويلة في بلادي. يموت متعب في غمرة انشغالنا بصناعة التروس لصد ذات المآل، أملاً في تأجيل الرحيل ولو قليلا، فقط لغايات إحصاء الموتى، أو لحزن غالباً لا يسعفنا الوقت لنُجلّله بما يكفي من النحيب.
يموت صوت الوطن الدافئ والمجروح في آن. يا صوته المفتوح دوماً على بهجة التعاليل في أفراح البسطاء في القرى البعيدة والقريبة، يا من ارسلت الفرح في اغنيات سحبتها النايات والقرب المزركشة إلى العجائز في مقاعدهم، فتدب بهم الحياة، وينهضوا تاركين وقارهم ليتراقصوا طرباً وحباً وفرحاً. في صوت متعب أسرار لا يعرفها إلا من لوّحت وجهه شمس حوران في موسم حصاد القمح، أو من شبّ على “سموم القيظ” في غياهب الصحارى، أو من كان الحزن حرفته في المواويل على امتداد الجغرافيا المحيطة من العراق وبادية سوريا إلى فلسطين ولبنان.
لترقد بسلام أيها الفنان “القرامشي” الملتصق بنا نحن “العاديين جداً” لترقد بسلام فلربما وجدت في الموت راحة بعدما تعبت من الجحود والنكران.