شعب استهلاكي بإمتياز برغم البؤس العام!

371
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –

برغم الأوضاع الصعبة كلها، والبؤس العام، والأرقام الصادمة عن البطالة، والمديونية، والعجز، وفقر الدم عند السيدات، فإننا شعب استهلاكي بامتياز، وسلوكنا العام لا يستقيم مع أية دراسات ومؤشرات اقتصادية.

تذهب إلى أي مول  في عمان الغربية أو الشرقية، وتسمع كذلك عن مولات إربد والزرقاء وغيرهما من المدن، أن الزحمة من أبرز خصائص التسوق في المولات، وتشاهد العجب عند افتتاح أي مول حيث يتسبب بأزمة مرور غير طبيعية،  فعلى ماذا، وما الشيء الذي توقعه أي مواطن أوقف سيارته وهرول باتجاه المول ليلتقط قبل غيره ما يستطيع من المواد المعروضة، إن كانت ضمن العروض التي يشتهر بها هذا المول، وأبرزها ثلاث علب فول بدينار.

أذكر قبل أشهر نظم المركز الوطني للبحوث الزراعية، مهرجان الزيتون الوطني ومعرض منتجات المرأة الريفية، لمدة 10 أيام، كان عدد الحاضرين لهذا المعرض لافتا للنظر، حتى نادت أصوات بتمديده، والمفاجأة أن مبيعات المهرجان تجاوزت الثلاثة ملايين دينار، فماذا اشترى المواطن الأردني من زيت وزيتون ولبنة ومعجنات ومخللات بهذه الثلاثة ملايين ؟!

نتذكر فيلم “بلاك فرايدي”  قبل شهر تقريبا كيف ازدحمت المولات والمحال التجارية وأُغلقت الشوارع بعد أن توجّه الناس بشكل غريب إلى هذه الأماكن حتى لا تضيع عليهم فرصة تنزيلات ذلك اليوم.

أمام الصور الاستهلاكية التي نشاهدها فإن أكثر ما يقلق الأردنيين في هذه الأيام الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وبعيدا عن لغة الأرقام الجوفاء، والتقارير المدبلجة بحبر لا تفوح منه رائحة الوجع، ثمة في مجتمعنا، بشر يوشكون على استنفاد آخر قطرات الحياة من أنفسهم، من جرّاء وصولهم إلى مرحلة الفقر الذي حطم كل “خطوط” التصنيفات الرسمية، من مدقع ومطلق.. وصولا إلى (عيش سريري).

لا تحتاج أوضاع المواطنين المعيشية الصعبة إلى شواهد، فالحال مكشوفة للجميع، والضغط المتوالي على لقمة العيش أصاب الفئات جميعها، المسحوقة أصلًا، وقد سَحَقت سَنَتا كورونا ما تبقى من الطبقة الوسطى، حتى طبقة الـكريما 5 % المنعمة، بدأت تتململ، حالها حال المسحوقين، وباتت لديها شكاوى بأشكال مختلفة.

أعترف؛ أنني أكتب ولدَيَّ قناعات داخلية باللاجدوى، وأن فعل الكتابة “أصوات في البرية”، ولا شيء يُحدث تغييرا سوى “الدق على جدران الخزان”.

الدايم الله…

قد يعجبك ايضا