أرقام البطالة المرعبة.. هل من حليم ؟!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
أرقام البطالة الرسمية وغير الرسمية المرعبة في الأردن لا تحتاج إلى بحث فيها وتدقيق لأنك ترى أعداد العاطلين من العمل بالعين المجردة، فلا يكاد يخلو بيتٌ من خريج أو أكثر لا يجدون عملًا.
البطالة وصلت إلى معظم التخصصات، فلا تستغرب إن وجْدتَ شابًا خريج هندسة يعمل منذ أكثر من خمس سنوات سائقا في “أوبر أو كريم”. – أنا أتحدث عن مهندس أعرفه -،
أو تَجدَ شابا آخر خريج هندسة يعمل أمين صندوق )كاشير) في محل حلوى معروف وأسعاره خيالية، وعندما تمازح الشاب بأن راتبه بالتأكيد مرتفع نظرا للأسعار المرتفعة جدا التي حددها صاحب المحل، فيفاجِئْك بأن راتبه لا يتعدى 250 دينارا.
منذ أشهر وأنا أحاول أن أساعد طبيبا خريج الصين في إيجاد عمل يناسب شهادته، حيث يعمل منذ سنوات مشرفا طبيا في مول لا يعمل في مجال الطب أبدا وإنما يكتب إجازات للموظفين المرضى، يتحصل على راتب 400 دينار لأن له خمسَ سنوات خدمة في هذا المول، وللآن؛ وبرغم الاستعانة بأكثر من صديق إلا أن المحاولات كلها لم تنجح حتى الآن.
الصدمة التي قذفها في وجوهنا الزميل الصحافي غيث العضايلة عندما كتب منشورا حول شاب يعمل في محل لبيع القهوة يمسك صينية يهزها على طرف الشارع لكسب الزبائن، حيث كانت المفاجأة أن هذا الشاب يحمل درجة الماجستير.
في الأردن فقط، تحتاج وظيفة عامل وطن (مع الاحترام الشديد للعاملين فيها) إلى أكثر من وساطة للحصول على وظيفة في أمانة عمان أو البلديات، وباب التوظيف مغلق هذه الأيام.
قد لا يصدق أحدٌ أن تأمين وظيفة عامل وطن في أمانة عمان يحتاج إلى وساطة ثلاثة نواب أو أكثر وعضو في اللامركزية وعضو في مجلس الأمانة للحصول عليها حتى يوافق الأمين.
في يوم من الأيام طلبت الأمانة تعيين 250 عامل وطن، فتقدم للتعيين 9500 شاب اردني، اللجنة المعنية في التعيين قابلت في اليوم الأول 1000 شاب!.
نتذكر القنبلة التي فجرها البنك الدُّولي قبل أشهر عندما أعلن “أن معدلات البطالة بين شباب الأردن، وصلت نسبة غير مسبوقة، حيث بلغت 50%”. فكيف تصمد أية خطة اقتصادية لتحسين أحوال الأردنيين؟!.
المقدمة المرعبة الطويلة عن غول البطالة إستحضرْتُها وأنا أتابع منذ الخميس الماضي إمتحانا تحريريا لنحو 1700 خريج قانون نظمته نقابة المحامين من أجل الحصول على إجازة التدريب التي تستمر سنتين في مكتب محام مجاز.
سنتان من التدريب يتخلّلهما محاضرات وامتحانان كتابي وشفاهي، وبحث قانوني مع اشتراطات صعبة للغاية، حضور وملازمة في مكتب الأستاذ وعدم سفر وخلافه…
إمتحان الخميس كان حسب ما نشر وتفاعل المتقدمين على وسائل التواصل الاجتماعي والجروبات صعبا للغاية، والنجاح فيه لن يتحقق إلا بمعجزة، والرسوب يعني الانتظار ستة أشهر جديدة، خلاف الكلف المالية الباهظة التي يتحملها الطالب وأهله.
لو افترضنا أن الرقم المستهدف للناجحين من قبل النقابة يصل إلى 1000 متدرب، فإننا أمام شكل من أشكال البطالة المقنعة التي تعاني منها معظم المهن، إضافة إلى 700 خريج آخر سينضمون إلى صفوف البطالة الحقيقية.
الأوضاع مرعبة يا سادة، وغول البطالة والفقر يطحنان أحلام الشباب الاردنيين، فهل من صحوة حقيقية قبل أن تنفجر الأوضاع في وجوهنا.
الدايم الله…