عبدالكريم الكباريتي .. الاقتصاد في عيون سياسية – بورتريه

249
الشعب نيوز:-

كتب هشام عودة

دخل ميدان العمل السياسي في صفوفه الأولى، بدون مقدمات، هكذا يمكن وصف حركة الرئيس عبد الكريم الكباريتي الذي تسلم حقائب وزارية عديدة أبرزها حقيبة الخارجية فيما استلم كذلك حقيبتي السياحة والآثار والعمل في حكومات متعاقبة، قبل أن يتسلم مفاتيح الدوار الرابع في منتصف التسعينات، فالرجل كان تحت المجهر الذي كشف عن مواهبه وإمكاناته التي أهلته لدخول نادي رؤساء الحكومات منذ وقت مبكر.

من السياسيين القلائل الذين عرفوا دور الإعلام ووظيفته في ترويج الأفكار والمواقف، ومن القلائل الذين أفردوا مساحة مهمة من وقتهم لرجال الإعلام، ما ساعده في نسج علاقات طيبة مع الصحافيين من مختلف المسارب والاتجاهات .

لا يمكن الحديث عن فترة إقامة الرئيس أبي عون في الدوار الرابع، دون الحديث عن التحديات الكبيرة التي واجهت حكومته، لعل أشهرها ما بات يعرف في الأجندة الشعبية باسم «ثورة الخبز، لكن دهاء السياسي المتمرس ساعده في اجتياز تلك العقبة بأقل الخسائر.

وفي فترة إقامته في الدوار الرابع أيضا، عمل أبو عون على كسر واحد من التابوهات التي كان الشارع يعتقد أنها ثابتة، حيث تحولت البوصلة السياسية الأردنية رسميا باتجاه دول الخليج العربي بشكل عام والكويت بشكل خاص، بعد أن كانت مثبتة في اتجاه بغداد، وهي مهمة لم تكن سهلة على الرئيس الذي كان المطلوب منه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، رغم كل العثرات التي تعترض طريقه، وإذا كان الرئيس عبد الكريم الكباريتي لم ينجح تماما في مسعاه في تلك المرحلة، إلا انه استطاع بمحاولته هذه كسر الكثير من الحواجز التي أقيمت في طريق العلاقة بين عمان والكويت.

ولأنه رجل مختلف، كما ينظر إليه زملاؤه من كبار رواد النادي السياسي في الأردن، فقد عرف جيدا أسرار العلاقة الوثيقة بين بوابتي السياسة والاقتصاد في الحياة العامة، لذلك قادته خبرته ورؤيته وقدماه عند مغادرته لهيلمان السلطة في الدوار الرابع إلى العمل في قيادة إحدى أهم المؤسسات المصرفية في البلاد، التي تعرف اتجاهات البوصلة السياسية وحجم تأثيرها ، فكان البنك الأردني الكويتي.

الرئيس أبو عون الذي ولد في عمان عام ۱۹٤٩ بدأ حياته الوظيفية في القطاع المصرفي الخاص فيما عمل مستشارا ماليا لعدة سنوات في نيويورك قبل أن يعود إلى عمان ويدخل ميدان العمل السياسي فيها.

خصوم أبي عون وأصدقاؤه على حد سواء ، يعترفون بأن الرجل نجح في كسر العديد من التابوهات في السياسة الأردنية، وقدم نفسه نموذجا مختلفا عن الذين سبقوه، مؤكدا أن السياسة يصنعها رجال الدولة المجربون.

رغم الحدبث عن ” عقباوية” الرئيس أبي عون وجنوبيته البعيدة، إلا ان الرجل قدم نفسه عماني بامتياز، حين صار احد اهم صانعي القرار السياسي والاقتصادي في الاردن.

عبدالكريم الكباريتي ما زال قادرًا على إثارة الأسئلة حيثما حل، وهي اسئلة تتخطى حدود المحرمة أحيانًا، رغم ان الرجل يملك الاجابات التي يعتقد آنها شافية.
لم يقطع خطوط اتصاله مع الأشخاص والقوى التي تقاطع معهم في المواقف و الاجتهادات، ومؤمنًا أن الحوار قادر دائما على تقريب المسافات وتحطيم الحواجز النفسية، ويصفه المقربون منه محاور جيد، ومستمع جيد أيضا، لإيمانه بأن الحقيقة ليست ملكًا بطرف دون غيره.
يحرص على هندامه دائمًا، لذلك لا يظهر أبو عرن في الاماكن العامة إلا أنيقًا، وهي صورة ارتبطت بالرئيس الشاب الذي دخل بقوة لدار الرئاسة في منتصف العقد الماضي.

درس علم الجيولوجيا في الجامعة الأميركية في بيروت ولم يكمل دراسته فيها فذهب لدراسة إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، ولم تكن فترة إقامته في العاصمة اللبنانية مريحة تماما ، وقد حسم الرجل . موقفه السياسي منذ وقت مبكر، وظلت عمان حاضرة في وعيه رغم ابتعاده عنها، لذلك عاد عبد الكريم الكباريتي وهو يعرف أن طريقه للسلطة بات معبدا وعليه اختيار البوابة التي يدخل منها، فكان مجلس النواب المحطة البارزة في حياة السياسي الشاب المفعمة نفسه بطموح غير محدود، حيث حجز مقعده في المجلسين الحادي عشر والثاني عشر، وشكل حكومته عندما كان نائبا.

رغم ابتعاده عن مقدمة المشهد السياسي الراهن إلا أن الرئيس عبد الكريم الكباريتي، لم يغادر ميدان المعركة، وظل حاضرا برأيه ومشورته وموقعه في مجلس الأعيان مسهما بشكل واضح في رسم السياسة الاقتصادية لوطن يسعى لتكريس موقعه اللائق تحت الشمس.

قد يعجبك ايضا