الحكومة والنواب..إكرام الميت دفنه!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
من دون أي تحامل، انتهت الصلاحية الكاملة للحكومة والنواب، ولم يعد لهما تأثير أو للدقة أكثر وجود في الحياة العامة.
فالحكومة “لابدة على الاخر”، ومجلس النواب معطل، وهذه الحالة ليست جديدة، فكلما كان الامر يحتاج إلى عقد جلسات نيابية، لكي تلتقي الحكومة والنواب، كان الحل الاسهل تعطيل المجلس وتغييبه.
لم يعد بقاء الحكومة والنواب مفيدا لأحد، وحتى الوزراء تشعر أن بعضهم أستسلم لترك الدوار الرابع، ولم يعودوا متحمسين لفعل شيء، حتى الرد على هواتفهم.
كما أن النواب باتوا يشعرون انهم حِمْل على الحالة السياسية، ولم يعد بأيديهم شيء، وأكثرهم عاد إلى مناطقه الانتخابية لجمع الأصوات من جديد، لعل وعسى تشفع له بالعودة مجددا إلى تحت القبة، أو التحق بحزب ما، لكي يضمن رقمه ضمن الارقام الثمانية الأولى للقائمة خاصة عند الاحزاب صاحبة الحظوة، أو رقم واحد أو أثنين عند أحزاب الترضية.!
وقضية النائب عماد العدوان المعتقل في الكيان الصهيوني إذا تطورت أكثر، في الافراج السريع عنه، أو إطالة بقاءه محتجزا في الكيان، فأنها تسببت بحرج كبير للمجلس، فهو لن يستطع رفع الحصانة عنه إذا تطلب الامر محاكمته في الاردن، ولا يستطيع البقاء صامتا إذا طال إعتقاله.
لن ننتظر كثيرا رحيل الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة، فساعات الحكومة أصبحت معدودة، وليس مهما الاختلاف على تسميات الحكومة المقبلة “حكومة تمثيلية، حكومة وحدة وطنية، حكومة شخصيات، الخ … “.
قبل نحو شهرين، في جلسة نيابية صاخبة تعدى غضب النواب الاحتجاج على رفع أسعار مواد الوقود، وعلى الحالة الصعبة من الفقر والعوز التي يعيشها الأردنيون، بل وصلت القناعات إلى حالة العجز الشديد الذي يمر به النواب في مواجهة قواعدهم الانتخابية، وأنهم لا يستطيعون أن يفعلوا لهم شيئا لتخفيف الفقر والبطالة، بعد أن حولتهم الحكومة إلى مسهلي الإعفاءات الطبية.
أكثر من نائب طالب بالصوت الواضح حل البرلمان، لأنه أصبح عاجزا عن أن يفعل شيئا للبلاد والعباد، وباتوا يشعرون أنهم حِمْل على الحالة السياسية، ولم يعد بأيديهم شيء، وأكثرهم أصبحوا يشعرون بالخجل إذا عادوا إلى مناطقهم الانتخابية.
الآن؛ بعد أن انتهت صلاحية الحكومة والنواب، أصبح إكرام الميت دفنه، لعل وعسى تتشكل حكومة جديدة بقيادة موثوقة وطَنيًا ببرنامج إصلاح جِدِّي، ومقبولة من الطيف السياسي الوطني، وتحوز على بعض الرضى الشعبي.
منذ سنوات والمواطنون يطالبون بتغيير نهج تشكيل الحكومات، بعد فشل الاستشعار السياسي والأمني على التنبؤ بحجم الغضب في صدور الأردنيين.
لقد تعب الشعب الأردني ولم يعد تنطلي عليه الممارسات ذاتها، وتدوير الوجوه من دون تغيير حقيقي، واكتشف ألا أحد يقف معه، ولو رحلت الحكومة اليوم، فسيعود نصفها في الحكومة القادمة، وإذا حُل البرلمان فبعد ثلاثة أشهر يعود 70% من النواب السابقين، وإذا أعيد تشكيل مجلس الأعيان فالتركيبة معروفة.
هذه اللعبة لم تعد تنطلي على أحد، ولا حل إلا بتغيير النهج، في السياسات والرؤى للمستقبل، وهذا ما ينتظره الأردنيون الذين لا مصلحة لهم في بقاء الحال على ما هي عليه، فليست القضية في اسم رئيس الحكومة، ولكن في النهج السياسي والاقتصادي الذي تقوم عليه الدولة في تشكيل الحكومات ومحاربة الفساد.
بالمناسبة؛ أحد الاصدقاء (وهو رقم 2 في إحدى الوزارات) عاتبني مرة على الكتابة حول رحيل الحكومة، وقال إنكم بهذا تعملون على إطالة عمرها، أتمنى أن لا يكون عتب الصديق دقيقا، لأن هذا في العرف السياسي كارثة، وإطالة عمر الحكومات يجب أن يرتبط أولا وأخيرا بعملها وإنجازاتها، لا بملحوظات السياسيين والاعلاميين والكتاب عليها.
الدايم الله…..