
قراءة في بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي “بي سي اي” المفضل لدى الفيدرالي الامريكي..د. فؤاد محيسن
الشعب نيوز:-
قراءة في بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي “بي سي اي” المفضل لدى الفيدرالي الامريكي لقياس التضخم، واثرها على اتجاهات تسعير الفائدة في الفترة القادمة.
د. فؤاد محيسن/ مستشار وخبير مصرفي.
تتجه الأنظار اليوم الأربعاء إلى مخرجات اجتماع يعقده الاحتياطي الفدرالي الأميركي (المركزي الأميركي) لاتخاذ قرار بشأن زيادة أسعار الفائدة على الدولار، وسط مصاعب اقتصادية متنامية.
ويتوقع قطاع عريض من السوق أن يرفع البنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00-5.25%، في زيادة ستكون العاشرة على التوالي اليوم ثم سيتوقف مؤقتًا عند المزيد من الارتفاعات في يونيو. على الرغم من المخاوف من أن هذه الخطوة يمكن أن تزيد من الاضطرابات المالية بعد سلسلة من حالات الفشل المصرفي الأخيرة.
فيما تتصاعد المخاوف الاقتصادية العالمية أن تزيد من الاضطرابات المالية بعد سلسلة من حالات الفشل المصرفي الأخيرة، مع توقعات بانهيار مصرف “فيرست ريبابليك” في الولايات المتحدة، إلى جانب التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وعلى الرغم من 10 زيادات على أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية في أميركا فإن التضخم لا يزال فوق مستوى 5%، فيما يريد الاحتياطي الفدرالي الذي يقوم بمهام البنك المركزي إعادة التضخم إلى هدفه المحدد بـ 2% خلال عام واحد.
مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي “بي سي اي”
بتاريخ 28/4/2023 صدرت بيانات المؤشر المفضل لدى الفيدرالي لقياس التضخم (مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي”بي سي اي”)، والتي من شأنها أن تساعد في توقع اتجاهات تسعير الفائدة الفترة القادمة.
ولقد ساهم انخفاض أسعار الطاقة إلى حد كبير في الحد من التضخم في آذار في الولايات المتحدة، لكن ذلك قد لا يكون كافياً لمنع الاحتياطي الفدرالي الأميركي من رفع معدلات الفائدة من جديد هذا اليوم الاربعاء.
وحسب مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي “بي سي اي” الذي نشرت وزارة التجارة الأرقام المتعلقة به الجمعة 28/4/2023، بلغ التضخم 4.2% في آذار في تراجع كبير عن الشهر الذي سبقه (5.1%) وأصبح في أدنى مستوى منذ سنتين. وخلال شهر واحد فقط، تباطأ ارتفاع الأسعار أيضا وبلغ 0.1% أقل من التوقعات التي توقعت صعوده بـ 0.3%..
لكن التضخم الأساسي ــــــ الذي لا يشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة ويُشكل البيانات التي يراقبها بشكل خاص الاحتياطي الفيدرالي ــــــ سجل انخفاضا بدرجة أقل إلى 4.6% خلال عام واحد، مقابل 4.7% في الشهر السابق، ويتجاوز الآن التضخم، وسجل مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي على أساس شهري ارتفاعًا إلى 0.3% وفقًا لتوقعات الخبراء، بعد أن سجل النسبة ذاتها الشهر الماضي.
ويرى خبراء أن “التضخم الأساسي يتباطأ بشكل طفيف لكنه ما زال أعلى بكثير من الهدف” الذي حدده الاحتياطي الفدرالي، وأن مسار الشهر الماضي ما زال غير كافٍ لدفع المؤسسة إلى انتظار ارتفاع آخر.
أسعار الخدمات مرتفعة
حتى الآن، كانت الأسعار مدفوعة بشكل رئيسي بالصدمات الخارجية وتأثيرها على المواد الخام والمواد الغذائية. وكان للطاقة خصوصا تأثير مباشر على الارتفاع الشامل.
لكن لم يعد الأمر كذلك. فقد انخفضت أسعار الطاقة بنسبة 10% تقريبًا في آذار وتباطأ ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل حاد ليبلغ 8% خلال عام واحد.
وبشكل أعم، عادت أسعار المنتجات إلى المستويات المقبولة بزيادة نسبتها 1.6% على مدى عام واحد.
ويتركز التضخم الآن على قطاع الخدمات التي ما زالت أسعارها تشهد تضخمًا بنسبة 5.5% وإن كان الاتجاه، هنا أيضًا، يتباطأ مقارنة بالشهر السابق (5.8%).
كل ذلك يفترض أن يدفع الاحتياطي الفيدرالي الذي ستجتمع لجنته النقدية اليوم الاربعاء إلى مواصلة رفع أسعار الفائدة التي تبلغ حاليا بين 4.75% و5%، مقابل ما بين صفر و0.25% منذ أكثر من عام بقليل.
تشير هذه البيانات الصادرة إلى أن الفيدرالي بحاجة إلى مزيد من العمل لخفض التضخم، إذ إن النسب جاءت أعلى من التوقعات على أساس سنوي وأقل بنسبة ضئيلة من القراءة السابقة. فيما لم تنخفض على أساس شهري وجاءت كالقراءة السابقة. مما يدل على أن الأسعار لم تنخفض بالصورة التي يرغبها الفيدرالي، إذ أن النسب ما زالت بعيدة عن مستهدف الـ 2%.
وكان الفيدرالي بتاريخ 22 مارس/ آذار 2023 قد اتخذ القرار التاسع على التوالي برفع معدلات الفائدة رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 0.25 نقطة مئوية ليصل إلى 5 في المئة.
وقد يحتاج الاحتياطي الفدرالي إلى بعض الوقت لتقييم تأثير التشديد السريع الذي كان يتبعه في ال18 شهرا الماضية قبل اتخاذ قرار بشأن مساره.
ومع نسبة تضخم الآن أقل من معدلات الفائدة، يدخل الاحتياطي الفدرالي مرحلة جديدة هي مرحلة التشديد النقدي الفعلي الذي قد يكون له تأثير أكبر على الاقتصاد. وهذا ما بدأ يظهر فعليا على كل حال.
وبالتأكيد ما زال سوق العمل قوياً جدا بمعدل بطالة يبلغ حوالي 3.5% لكن الاقتصاد الأميركي تباطأ في الربع الأول وارتفع بنسبة 1.1% بوتيرة سنوية هي الأدنى منذ الانتعاش الذي تلى وباء كورونا.
أحداث اقتصادية مهمة
في أوروبا، يعقد البنك المركزي الأوروبي اجتماعا يوم غدٍ الخميس، لتحديد مقدار الزيادة على أسعار الفائدة على اليورو، وسط توقعات بزيادة مقدارها 25 نقطة أساس، لتستقر عند 3.75% في حال صدقت التوقعات.
ومع نهاية الأسبوع الجاري يتوقع صدور تقارير مؤشرات مديري المشتريات في كل من السعودية والإمارات ومصر ومنطقة اليورو والصين والولايات المتحدة ودول أخرى، لمعرفة توقعات القطاع الخاص في هذه الدول بشأن أسواقها المحلية.
من المتوقع ايضاً ان تصدر اليوم الاربعاء بيانات البطالة في منطقة اليورو، إلى جانب بيانات في الولايات المتحدة بشأن مخزونات النفط الخام.
ويوم الجمعة المقبل، يصدر أحد أهم التقارير الاقتصادية الامريكية لهذا الشهر، وتتمثل في تقرير بيانات الوظائف الأميركية عن أبريل/نيسان، وسط توقعات بتراجع عدد الوظائف الجديدة بسبب مصاعب اقتصادية تواجهها السوق الأميركية.
الاقتصاد العالمي:
مرة تلو أخرى سيضع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي البنوك المركزية العالمية في ورطة رفع الفائدة، فلا خيارات لديها سوى مجاراة السياسة النقدية للولايات المتحدة حتى لو كانت المسايرة على حساب اقتصاداتها. حيث ان “الاقتصاد العالمي مترابط ببعضه البعض عبر العديد من الطرق المعقدة، وبالتالي فإن قرار رفع الفائدة في الولايات المتحدة اذا ما اتخذذ سيكون له العديد من التأثيرات متعددة الاتجاهات على اقتصاديات باقي دول العالم”.
كما أن اي زيادة جديدة في أسعار الفائدة ستجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة للعديد من الدول والمؤسسات، كما أنها قد تجذب أيضًا الأموال نحو الولايات المتحدة من البلدان ذات معدلات الفائدة المنخفضة، كما أنها يمكن أن تجعل الدولار الأميركي أكثر قيمة، وهذا يمكن أن يتسبب في تراجع الاستثمار والإنفاق في الولايات المتحدة.
أسواق الخليج العربي
ويُتوقع أن تعلن البنوك المركزية في دول الخليج العربي عن الزيادة ذاتها على أسعار الفائدة فيما اذا أقرها الفدرالي الأميركي.
البنك المركزي الاردني:
في الاردن، وبهدف المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي في المملكة سيستمر البنك المركزي الاردني برفع أسعار الفائدة بوتيرة تعكس مثيلاتها في الولايات المتحدة الاميركية حتى لو أظهرت بيانات التضخم المحلية استقراراً أو تراجعاً، فهدف المحافظة على هامش فائدة لصالح ادوات الدينار اقوى من أي هدف آخر لأن انعكاسته الايجابية مهمة ويحتاجها الاقتصاد الكلي ويتوقع ان يقوم البنك المرزي الاردني بهذه الخطوة انسجاماً مع ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق المالية الإقليمية والدولية.