على الفقراء أن يشدوا الأحزمة من جديد !
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
حتى الآن لم نسمع تعليقا رسميا يفند التحذير الذي أعلنه البنك الدولي للشعب الأردني بجميع مكوناته من “صدمات محتملة” كما سماها، مقبلة في الطريق من دون الكشف عن الماهية التفصيلية لتلك الصدمات.
وتوقع تقرير دوري عن نسبة الفقر في العالم أن يزداد عدد الفقراء والمعوزين في الأردن خلال السنوات المقبلة، معتبرًا أن الظروف قد تصبح أسوأ أو مماثلة لما حصل خلال عامي فيروس الكورونا.
تعترف الحكومة أن نسبة الفقر 24 %، مع أن مشاهد الفقر في البلاد بطولها وعرضها أكثر ألما مما قد تحفره هذه النسبة العالية، وكثير من الفقراء لا يزالون يرتدون البدلة وربطة العنق وهم لا يملكون قوت يومهم، وعليهم قروض لعشر سنوات مقبلة.
شكرا للحكومة التي اعترفت بهذه النسبة، في الوقت الذي راوغت الحكومة السابقة كثيرا، وكثيرا جدا في الاعتراف بنسب الفقر، وكان رئيس الحكومة السابق قد وعد في 10 آذار 2019 بأنه سيعلن خلال أسبوعين عن نتائج مسح خط الفقر، وغادر منصبه بعد نحو عام ونصف العام في 3 أكتوبر/تشرين ألأول 2020 من دون أن يعلن عن ذلك.
لم تعد فقط المعارضة وبالذات اليسار في الساحة السياسية هم الذين يهاجمون سياسات ووصفات صندوق النقد الدولي، ويعتَبِرون برامجه التصحيحية للاقتصاد الأردني هي السبب الرئيس في اختلال الأوضاع الاقتصادية، بل انضم إليهم مسؤولون حكوميون كانوا في فترة ما يتعاملون مع أوسع شريحة من الفقراء في الأردن.
الالتزام الرسمي بوصفات وسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين ليس جديدا، برغم ما أصاب اقتصادنا من اختلالات نتيجة سياسات الصندوق، ولكن الجديد هو التجرؤ المستمر الذي لم يكن موجودا سابقا حول الاتفاقات مع الصندوق وآثارها الإيجابية في أوضاع الأردن الاقتصادية.
كانت زيارات وفود الصندوق ولقاءاتهم مع المسؤولين الأردنيين تتم في السابق بكل سرية، ولا أحد يتجرأ على الكشف عنها، أما الآن فإن زيارات ممثلين عن الصندوق لبعض الوزارات يتم الإعلان عنها بالخبر المكتوب والصور المشتركة لكل هذه اللقاءات وتتصدر عناوينها واجهات الصحف وأخبار التلفزة.
في مرات قليلة اعترفت الحكومات أن قرارها رفع الأسعار – وبالذات أسعار المواد البترولية – جاء نتيجة ضغوط الصندوق وجولة محادثات معه، أما رفع الأسعار لأكثر من سلعة في السنوات الماضية جاء توطئة بهدف إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي.
على الفقراء – إن تحملت عظامهم بعد أن فقدوا اللحم – أن يشدّوا الأحزمة من جديد، فنحن تحت رحمة وصفات صندوق النقد وإملاءاته ولا أحد يدري إلى اين ستصل الأمور.
الدايم الله…