عبدالله النسور و”الثعلبة السياسية”!

563
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –

 مع أن الدكتور عبدالله النسور غادر الدوار الرابع منذ نحو 10 سنوات إلا أن أخباره وتحركاته تحتل موقعا متقدما في الرأي العام، ويقفز في مرات كثيرة ليكون ترند الأخبار والسوشيال ميديا في الأردن.

قبل سنوات وتحديدا في 20 مارس 2013، وأمام قيادات الأحزاب السياسية الأردنية وخلال لقاء مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، نحت رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالله النسور مصطلحا جديدا فقال: المرحلة الجديدة بحاجة إلى صفحة نظيفة لا علاقة لها بـ” الثعلبة السياسية”.

بعد هذه السنوات ثبت فعلا أن المرحلة التي نعيشها لا تحتاج إلى “الثعلبة السياسية” بل إلى الوضوح والمكاشفة، لأن حجم القلق والارتباك الذي تمر به المؤسسة الرسمية حيال تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد، وفي المحيط العربي، ظاهر للعيان، وبدأ يطفو على السطح بكل وضوح.

والقلق في كيفية ترتيب البيت الداخلي بما يتوافق مع استمرار النهج المحافظ ذاته والسياسات الاقتصادية نفسها، من دون تقديم أي استحقاقات ضرورية تذكر، بضاعة لم يعد يشتريها أحد.

فالتصدي للمديونية وعجز الموازنة لا يكون حسب الإجراءات الرسمية، إلا برفع أسعار المواد الأساسية، التي لا غنى عنها للمواطنين، مثل المواد البترولية والكهرباء والمياه، وربما الطحين، وما يتبع كل ذلك من توالي الارتفاعات على المواد الاستهلاكية، وبعد كل هذه القرارات تجاوزت المديونية الأردنية الخطوط الحمر وهي في طريقها إلى أن تصل فوق 100 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي، حيث تضاعفت المديونية في الفترة الزمنية بين حكومة الدكتور عبد الله النسور والفترة الحالية ( من 21 مليار دولار الى 41 مليار دولار) حيث ينظر مراقبون واقتصاديون بقلق شديد إلى هذه الارتفاعات.

لقد فات وقت طويل، أصرت فيه المؤسسات الرسمية للحكم على عدم الاستجابة لإصلاحات جادة شاملة للمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهذا هو الطريق الوحيد المضاء للخروج من ظلمة أزمات الفقر والاحتقان السياسي وغياب المشاركة الشعبية في صنع القرار.

الغريب أنه برغم  المتغيرات كلها التي وقعت وتقع يوميا داخل البلاد وفي المحيط العربي، إلا أن هناك إصرارا على تجاهل التعامل مع استحقاقاتها، لا بل يُجرى الالتفاف عليها وإحكام القبضة المركزية على  مفاصل الحياة السياسية كلها.

عدم النظر إلى التداعيات الاجتماعية للفقر والبطالة، وعدم الالتفات إلى معالجات وطنية جادة لأزمة المديونية والعجز، يؤثر  في استقرار البلاد، والسير بها الى المسارات الخطرة.

في الأيام القليلة الماضية، شاخت الحكومة، وهرمت كثيرا، وتوقع كثيرون أن تتراجع عن قانون الجرائم الإلكترونية، بعد أن شعرت بحجم الغضب  في صدور الأردنيين، ومع كل هذا، فإن حجم التفاؤل بالتغيير في العقلية التي تدار بها السياسات الرسمية في أدنى مستوياته، لان التجارب السابقة قاسية، والحكومات في السنوات الأخيرة كانت بلا دسم سياسي، ولا يتعدى دورها تصريف وإدارة أعمال الدولة.

لن نتجاوز المرحلة الحالية إلى بر الأمان من دون استراتيجية إصلاحية شاملة في برنامج الحكومة، وعقل الدولة، وإنجاح خطة وطنية اقتصادية، تنتشل البلاد من أزماتها الخانقة وتحررها من شروط أدوات الرأسمالية العالمية، وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين.

الدايم الله…

قد يعجبك ايضا