عاجل

الراوي يكتب : ماذا لو قطع الشريان من ايران الى لبنان؟

الشعب نيوز:-

د . حازم الراوي – كاتب عراقي

منذ قبل ما يناهز العقدين من الزمن استشعر جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين خطر التغلغل الإيراني عبر العراق وسوريا الى لبنان بتصريحه الى الواشنطن بوست أوائل شهر ديسمبر كانون أول عام ٢٠٠٤م..والذي أشار فيه الى تخوفه من بروز هلال ايراني خطير ما يدعو إلى التفكير الجدي في مستقبل استقرار المنطقة، ويمكن أن يحمل تغيرات واضحة في خريطة المصالح السياسية والاقتصادية لبعض دول المنطقة..وها هو واقع الحال يؤكد خطورة ذلك الاستشعار.. فايران تمكنت من الهيمنة على العراق ودفعت بمليشياتها الى سوريا وتواصلت مع حزب الله في لبنان وحققت هذا الهلال الخطير على عموم المنطقة مما أدى إلى خلق أمراض المجتمع في هذه الدول والمتمثلة في الفقر والجهل والمرض والفوضى والقتل والتشريد وانتشار التفاهة والخزعبلات والمخدرات والانهيار الاقتصادي والقيمي والانحدار التعليمي والثقافي، ناهيك عن فقدان ابسط الخدمات الأساسية لكل من المجتمع العربي في العراق وسوريا ولبنان.
وبالطبع فان المشروع الإيراني هو مشروع قومي ينطوي على التعكز على إشاعة الطائفية لتحقيق هدف استراتيجي بما يسمى (الإمبراطورية الفارسية)، فأخذت ايران تتبنى استكمال هلالها في دائرة كاملة لتطويق اقطار الامة فاستولت على اليمن بذراعها الحوثي..وما زالت تنظر وتخطط باعتمادها على نظرية( التقية السياسية) والمراوغة والمناورة وبالتدريج لمواصلة زحفها وسيطرتها على المزيد من ارض العرب.
ولم تتوفر قوة قادرة على مجابهة هذا التحدي الخطير سوى رفع الأكف تضرعا الى الله تعالى من قبل هذه الشعوب المغلوب على أمرها والتي لا حول لها ولا قوة للخلاص الا بالارادة الالهية وفقا لما أقره تعالى بقوله سبحانه( وتلك الأيام نداولها بين الناس).
ويبدو ان اللحظة التأريخية تطل علينا الآن بعدما أعمى الله بصر وبصيرة هذا المشروع الخبيث بظهور متغيرات فرضت اتخاذ اجراءات وتدابير خارجية لمجابهة هذا التحدي والمتمثلة بالآتي:
أولا. ان الانتشار الواسع للمليشيات الموالية لايران على الأراضي السورية وارتباطها شرقا مع المليشيات العراقية ومع حزب الله غربا قد جعل ناقوس الخطر يدق في اسرائيل.
ثانيا.انتبهت اسرائيل الى أن الشعار الذي يردده الأطفال والشباب والذي غرسته إيران في نفوسهم( الموت لامريكا والموت لاسرائيل) هو الآن لا يتعدى تحريك اللسان ولكنه بعد زمن سيكون جزء أساسي من عقيدة راسخة فالاطفال يكبرون والشباب يشيبون وسيستلم هؤلاء السلطة في ايران بعد زمن لا يتعدى العقدين أو الثلاثة من الزمن وهم يحملون عقيدة راسخة لترجمة شعارهم.
ثالثا. إن التغاضي عن البرنامج النووي الإيراني الذي من المؤمل أن يتمكن في آذار مارس القادم ٢٠٢٤م من إنتاج رؤوس حربية نووية يمكن تركيبها على منظومة الصواريخ ارض ارض الباليستية من نوع شهاب ٣ وقيام ١ وغيرها ذات المديات البعيدة التي تصل إلى ارض فلسطين المحتلة سيؤدي الى الخطر الأكبر على الوجود الصهيوني في العقود القادمة بعد تولي أصحاب عقيدة ( الموت لاسرائيل) دفة الحكم في ايران.
ومما ورد آنفا نجد ان دعوات المظلومين التي ليس بينها وبين الله حجاب قد بدأت تتحقق بالتخطيط لقطع شريان ذلك الهلال الذي نبه اليه جلالة الملك عبد الله منذ أمد بعيد لبعيد الاستقرار بدل الفوضى الى المنطقة.
ان الأسلحة والمعدات والذخائر التي تتدفق من ايران الى المطارات السورية هي تحت نظر القمر الاصطناعي الإسرائيلي( آرو – السهم) الذي سرعان ما يوجه الطائرات والصواريخ لضربها في المطار قبل تخزينها في عملية إسرائيلية لتحقيق الحصار الجوي عليها. وفي حال نشر القوات الامريكية على الحدود العراقية السورية فذلك يعني تحقيق الحصار البري لمنع اي تدفق تسليحي الى حزب الله في لبنان والمليشيات في سوريا.وهذا الانتشار وحده يكفي لقطع الشريان بين ايران ولبنان وتهديم جدار الهلال الإيراني للعودة الى الاستقرار دون حرب أو قتال.
وهنا لايران خيارين..اما الرضوخ والحفاظ على كيانها وإصدار الاوامر الى اذرعها بالالتزام بالخطة الامريكية الاسرائلية وإيقاف نشاطاتها.. وان اي من فصائل المليشيات الولائية سواء في العراق أو سوريا أو حتى حزب الله ان قام باستهداف القوات الامريكية فان رد الفعل سيكون مدمرا لها
اما الخيار الثاني لايران فهو الاستمرار في غيها ومشروعها وبذلك تفتح أبواب الصراع المسلح الذي لا يمكن إلا أن تخسره بموجب معطيات توازن القوى. وبالطبع فان الخيار الثاني سيسيب اهتزاز كبير قبل اتخاذه في المنظومة السياسية الايرانية لينشب الصراع الداخلي بين الحكومة واطلاعات من جهة وبين الحرس الثوري من جهة اخرى..
وبين هذا وذاك وفي الخيارين لا مستقبل للمشروع القومي الايراني فلا إمبراطورية فارسية على ارض العرب ولا يصح الا الصحيح ..(للهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرج المؤمنين الصابرين من بينهم سالمين غانمين)..
والله المستعان

قد يعجبك ايضا