الكونجرس يتنمر على القانون ؛ د. حازم قشوع
الشعب نيوز:-
بصورة تثير السخرية وتجعل من حكماء الفقه القانوني ومؤيدي النهج المدني الليبرالي ومناصري قوة القانون وسيادته يستهجنون موقف الكونجرس الأمريكي وقراره، الذي يدين فيه قرار الجنائية الدولية ولا يعترف به بمكانتها الدولية بالشكل والمضمون، ويوصى الدول بعدم الاستجابة لقرارها وعدم الانصياع لقرار المحكمه الجنائيه الدوليه إذا تعلق الأمر بمواطني أمريكا وحلفائها، وهذا ما جعل من الكابيتول الذي من المفترض أن يشرعن للقانون ويحرص على صيانته يقوم بالتنمر عليه ويحرص على وجود حالة استثنائية قائمة تستثنى المواطن الأمريكي وحلفائه، كما تجعل من بيت الكونجرس أعلى مكانة في سياسته وقراراته من المرجعية الأممية والمحاكم المنبثقة عنها الدولية منها والجنائيه.
الأمر الذى جعل جميع المراقبين يتساءلون في حيرة عن حالة الاستعلاء الذي أخذ الكونجرس الأمريكي انتهاجها في ظل قراراته التى تعلن حالة التنمر على القانون الدولي وهيئاته، وهي المنظمات التي من المفترض أن تنطق بحال لسان صوت العدالة التي تعبر عنها محكمة العدل الدولية والمحكمه الجنائية الدولية في ملاحقتها لصاحب الحظوة نتنياهو ووزيره غالنت نتيجة ادانتهم بالأدلة والبراهين بارتكابهم لجرائم حرب ضد الإنسانية بصورة واضحة، شهدها العالم أجمع عبر فضائياته وانتفضت لأجلها شوارع نيويورك ولندن وباريس وبرلين، كما الجامعات الأمريكية العريقة عبر اعتصامات طلابية كانت أحد عناوين إسقاط الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة.
وهذا ما يجب أن يكون معلوم عند الحزب الجمهوري، الذي يمثل صوت الأغلبية في حالة الكونجرس الجديدة كما عند إدارة الرئيس ترامب الذي تعهد بوقف إطلاق النار ووقف سياسة الاستقواء التى تنتهجها الحكومة الاسرائيلية، التي أرهقت الجميع بسياساتها التعسفية والحلول العسكرية بشنها حربا مسعورة على الشعب الفلسطيني الأعزل، وعدم استجابتها لنداءات وقف إطلاق النار وتغولها على القانون الدولي وسيادة.
أن الكونجرس الأمريكي وهو يتخذ قرار سياسي ضد مرجعية قانونية تمثلها المحكمة الجنائية، إنما يسجل سابقة خطيرة ضد القانون الدولي وهيئاته، والذي يقود للاستهجان أن هذا القرار غير صادر عن الإدارة الأمريكية التى من المفترض أن تقود النظم السياسي، بل انه يصدر عن هيئة الكونجرس التى من المفترض أن تدافع عن الهيئات الدولية وتستجيب فورا لتطبيقها، سيما وان القانون الدولي ومركز قراره تستضيفه نيويورك التى لا تبتعد عن واشنطن سوى أميال كما تعتبر أمريكا الدولة الأكثر نفوذا وتأثيرا في بيت قرار الأمم المتحدة، والتي يؤمها قادة العام فى اجتماع الجمعية العمومية السنوي، الأمر الذي كان من المفترض أن يجعل من الكونجرس أكثر حكمة بالتعاطي مع مسائل جوهرية كهذه، والابتعاد عن سياسة الكيل بمكيالين.
ان اجازة الكونجرس الأمريكي لقانون يفرض عقوبات على الجنائية الدولية، يعد سابقة خطيرة تستدعى كونها تتم فى أول جلسة يعقدها المجلس الجديد و باغلبية 243 مقابل 140 وقد صوت كل من الحزب الجمهورى مع 45 من الحزب الديموقراطي على هذا التشريع، الذي أقر بمعاقبة “كل أجنبى يحقق او يعتقل او يحجز مواطنين أمريكيين، أو من دول حليفة غير أعضاء في المحكمة منهم إسرائيل” وهو ما يعد “استثناء عنصري” غير منسجم مع الأسس السياسية والانسانية التي أنشئت بموجبها الأمم المتحدة، كما يجعل من بيت القرار فى الكابتول أعلى منزلة من الأمم المتحدة وهيئاتها، وهو استهلال للاداره الجمهورية يحمل صيغة استفزاز غير مقبوله للقانون الدولي وهيئاته، وتستدعي من الأمين العام غوتيريس دعوة الجمعية العمومية لحماية المقررات الدولية وصيانه هيئاتها لوقف حالة التنمر السائده.