تحقيق التوازن بين المسؤولية والمساءلة في مجلس النواب,, د. أيمن محمود أبوهنية
الشعب نيوز:-
يشكل دور النائب البرلماني جزءًا أساسيًا من المنظومة الديمقراطية حيث يُنتدب النواب لحماية مصالح المجتمع ونقل هموم وقضايا المواطنين
والمساهمة في صنع وإتخاذ القرار وإقرار القوانين والتشريعات ومراقبة أداء الحكومة .
ومع ذلك يثار الكثير من الجدل حول الحدود التي يجب أن يتحرك فيها النواب خاصة عندما يتعلق الأمر بتوجيه الاتهامات واستباق التحقيق الشفاف وتركه لأصحاب الاختصاص والأذرع الأخرى للدولة القائمة على إحترام الحقوق
ويعتبر البرلمان الجهة المسؤولة عن مراقبة الحكومة و مؤسساتها وأجهزتها التنفيذية المختلفة
و يتمتع النواب بصلاحيات واسعة تتيح لهم تقييم أداء السلطة التنفيذية ومساءلتها عن أي تجاوزات أو أخطاء
ولكن يأتي هذا الدور مع مسؤولية كبيرة حيث يجب أن تتم الرقابة مع الدستور ومعايير قانونية وتشريعية وأخلاقية والسير نحو ذلك ضمن الأطر التي تضمن الحفاظ على حقوق الجميع وعدم الاستباق بتوجيه الاتهامات إلى المؤسسات الوطنية قبل استكمال التحقيقات مما قد يخلق انطباعات سلبية ويؤثر سلبًا على سمعة وأداء تلك المؤسسات سواءا على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي و هذه الممارسات قد تؤدي إلى تسرب الثقة وانعدامها بين المواطنين ومؤسسات الدولة ما ينعكس سلبًا على المناخ الاستثماري ويؤثر على التنمية الاقتصادية
يمثل التعرض للتهديدات والإملاءات تحديًا حقيقيًا للنواب والأحزاب ففي ظل هذه الضغوط قد يشعر البعض بأنهم مجبرون على اتخاذ مواقف معينة أو تقديم تنازلات قد تضر بمصالحهم ومصالح الناخبين الذين يمثلونهم هذا النوع من الضغط قد يؤدي إلى تآكل القيم الديمقراطية حيث تُعطى الأولوية لتلبية الطموحات الشخصية لبعض الأطراف على حساب المصلحة العامة للدولة
إن محاولات توجيه الإملاءات وترهيب النواب والأحزاب تتطلب منا وقفة تأمل لفهم تداعياتها وآثارها ليست فقط تحديًا للديمقراطية بل هي أيضًا دعوة للتأمل في السلوك السياسي وهنا يجب أن تتضافر الجهود لكسر الحلقة المفرغة التي تؤدي إلى تفكيك الثقة بين المواطن ومؤسساته.
على النواب أن يتحلوا بالشجاعة والالتزام بالمصالح العامة وعدم الرضوخ للضغوط التي قد تسيء لسمعتهم وتعزز من الإرباك في الساحة السياسية.
إن بناء سياسة قائمة على الحوار والتفاهم وألراي وألراي الآخر هو الطريق لتحقيق مجتمع متماسك ومتعاضد وموحد ينظر إلى المستقبل بعين الأمل وخاصة في هذه المرحلة الحرجة سياسيا وإقتصاديا التي تتطلب من الجميع التكاتف للنهوض برفعة أردننا الغالي والحفاظ على مكتسباته وإستقراره وازدهاره والابتعاد عن التشكيك والسلبية التي أشار لها جلالة الملك في عدة مناسبات
فلابد هنا من تحقيق التوازن بين المسؤولية والمساءلة
و يجب على النواب أن يتجنبوا المبالغة في توجيه الاتهامات وأن يكونوا داعمين للشفافية خصوصًا عند ظهور قضايا تتطلب تحقيقًا و الانتظار لاستكمال ذلك التحقيق لحساسية الأمر حتى تظهر نتائج التحقيقات فيُعتبر سلوكًا مسؤولًا حيث يتيح للنواب دراسة الحقائق والتأكد من أن أي تصريحات أو اتهامات يجب أن يكون مبني على أدلة قوية فإذا اثبتت صحتها فلا تهاون بمحاسبة كل فاسد وعابث في مقدرات الوطن والمواطن والحرص على تطبيق العقوبة التي يقرها القانون وعدم التهاون بهذا الأمر
إن السمعة الجيدة للمؤسسات الوطنية عربيا وعالميا هي أساس الاستثمار والتنمية الشاملة والمستدامة
وبالتالي على النواب أن يحرصوا على دعم استقرار هذه المؤسسات والحرص على عدم وجود ممارسات استباقية فإن الحفاظ على سمعة المؤسسات يعزز من جاذبية البلاد للاستثمارات المحلية والأجنبية مما يساهم في تحقيق النمو الاقتصادي ودفع حركة السوق
وتشغيل أبناء الوطن الذي يعاني من معدلات بطالة مرتفعة فيجب أن يدرك النواب الكرام أن دورهم يتطلب توازنًا دقيقًا بين الرقابة والمساءلة وعدم استباق التحقيقات أو توجيه الاتهامات بدون أدلة واضحة.
إن تعزيز المساءلة هو ضرورة في النظام الديمقراطي لكن يجب أن يأتي ذلك مع مراعاة حقوق الأفراد والمبادئ القانونية لضمان عدم الإضرار بهيبة المؤسسات ودورها الحيوي في المجتمع وأن نكون دولة جاذبة لا طاردة للاستثمار
لنكن صوتًا واحدًا في بناء وطن يعكس القيم العليا للكرامة والحوار والعدالة والموضوعية ونتخذ من التقدم والازدهار هدفًا نعمل من أجله جميعًا
اللهم احفظ الأردن منيعا في ظل راية سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين وبارك في جهود قيادتنا الحكيمة آللهم آمين