العبث الإيراني والصراخ الطائفي.. محمد حسن التل

4٬253
الشعب نيوز:-

 

منذ أن وصل الخميني “بثورته” إلى طهران وسقط نظام الشاه بتواطؤ كبير من دول العالم وصمتها وأعلن الرجل عن نيته بتصدير الثورة إلى كل المنطقة، ساعتها اتضح للجميع أنه يعني المذهب الشيعي.. هنا تموضعت الأطراف كلها في مواجهة هذا الهدف سياسيًا وعلى مستوى الشعوب، واستحضر الكثيرون من السياسيين والمفكرين وحتى العامة الحالة الفاطمية التي سيطرت تقريبًا على كل المنطقة لمدة 300 عام من المغرب العربي إلى مصر إلى بلاد الشام وأجبروا الناس على التشيع، وكان من الطبيعي أن يقع في ضوء هذا الهدف الإيراني الصدام الطائفي، ثم جاءت الحرب العراقية الإيرانية واعتبر العراق نفسه حارسًا للحدود العربية الشرقية، يقف ضد المد الشيعي الذي كان يهدد اجتياح المنطقة.

بعد انتهاء الحرب بعام، وما تبعها من مآس على المنطقة واحتلال العراق للكويت ثم سقوط الدولة العراقية، تفجر الصراع الطائفي في العراق بعد أن كان الشعب العراقي يعيش لقرون طويلة حالة وئام لايفرقه المذهب وكان السنة والشيعة يتناسبون ويتجاورن ويتشاركون وآلاف العائلات كان بها الأب شيعي والأم سنية وكذلك العكس ، ونتيجة النفخ الإيراني في كير الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وقع الخلاف، دفع العراقيون ثمنه دماء كثيرة، وتدخلت إيران بشكل مباشر في العراق على أسس طائفية، الأمر الذي عمق الفجوة بين الناس هناك، وزاد الأمور تعقيدًا أن فرض على العراق نظام المحاصصة، واستطاعت الدولة العراقية الجديدة بعد عدة سنوات من المعاناة أن تعيد ترتيب الأوراق في البلاد
في الوقت الذي كانت فيه إيران تعبث بالعراق، كانت أيضًا قد أوجدت لنفسها موطئ قدم في لبنان، وأقامت هناك شبه دولة تابعة لها من خلال حزب الله، الذي دعمته بالمال والسلاح، وحولت لبنان إلى ساحة مستباحة لمشاريعها وورقة ضغط في مفاوضاتها مع الغرب لأجل مصالحها، الأمر الذي أدى إلى إفشال الدولة في لبنان لفترات طويلة، الحال الذي عاد على اللبنانيين بالمآسي الكبيرة، وتحول الصراخ الطائفي هناك إلى حالة صدام في كثير من المواقف والمنعطفات.

ثم تحولت إيران إلى اليمن، وحدث ما حدث فيه، ولا زال يعاني من الواقع الذي غرق به، حيث لعبت بورقة الحوثيين، ناهيك عما فعلته في سوريا، وجعلت الصدام بين الطوائف هناك سمة البلاد لمدة 15 عامًا.

تعتبر إيران وراء كل ما يحدث في المنطقة من صراخ طائفي يتحول عادة إلى صدام، كل ذلك تفعله إيران، تحقيقًا لهدف الخميني في تصدير الثورة والمذهب إلى دول وشعوب المنطقة، فهذا الهدف أو الحلم أدخل المنطقة منذ ما يقارب الخمسين عامًا في حالة من الشد والتأهب وإفساح المجال للتدخل من الخارج، ورغم كل ما تخفيه طهران خلف الدبلوماسية الناعمة، إلا أنها في لحظة واحدة وفي المواقف الفاصلة تكشف عن نواياها من خلال خطابها الطائفي بكل وضوح، وإلا ما الذي يجعلها تثور وتغضب عندما ينزل العقاب بأحد مواطني دولة عربية من المذهب الشيعي خرج عن القانون، وتعتبره اعتداء عليها؟! ذلك لأنها نصبت من نفسها راعية للشيعة في كل المنطقة وكل العالم ..هذا الحال يوضح الموقف والنية، وكم هو تفكير إيران قائم على الطائفية.

في المجمل، إيران هي التي تتحمل المسؤولية في حالة الصراخ الطائفي الذي اجتاح المنطقة والذي يتحول في معظم الأحيان إلى حالة صدام بشعة كما حدث في الساحل السوري مؤخرًا، التي لم تكن بعيدة عنه.

إيران هي من تتحمل مسؤولية هذا الواقع المرير في المنطقة وإذا انفلت الصدام الطائفي من عقاله، ساعتها ستغرق المنطقة في حالة صدام لا تبقي أحدًا بعيدًا عن نارها، لكل هذا يجب مواجهة مشروعها بكل حزم وفعالية حتى نجنب أنفسنا النار، وحتى نضع حدًا للشر القادم من الشرق، وهذه الدعوة بالتأكيد ليس المقصود بها الشعب الإيراني فهذا الشعب يعاني منذ نصف قرن من الظلم والتضيق والتهميش والفقروالعزلة عن محيطه والعالم، نتيجة سياسات الحكم في طهران لذلك يعتبر أول المتضررين من الواقع الذي أوجده نظام ولاية الفقية في ايران..

قد يعجبك ايضا