
الملك وإعادة ترسيم البوصلة ؛ د. حازم قشوع
الشعب نيوز:-
على الرغم من حالة السجال الدبلوماسي والعسكري عبر نموذج المناورة بالذخيرة الثقيلة الدائره بين طهران وتل ابيب، الا ان هذه المناورات العسكرية تستهدف تمكين الطرفين في الأراضي العربية التي قضيتهم الأولى فلسطين، وهي القضية التي وصفها الملك عبدالله في ستراسبورغ باعتبارها بوصلة المنطقة وعنوان السلام منطلق الأمان والاستقرار، فلا سلام بدون دولة فلسطين ولا امن اقليمي إلا بالتحرر والتحرير.
وهذا ما يعني أن أيا ما كانت نتيجة هذه المناورات العسكرية الدائرة ب “الضربات الترجيحية الجوية” فإن نتائجها ستدور لمصلحة هذا الطرف بالتمكن أو ذاك الطرف بالتمكين، وهى النتيجة التى قد لا تؤدي لوقف الحرب غير الإنسانية التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة ووقف عمليات التمشيط التي تقوم بها آلة الحرب العسكرية فى القدس والضفة.
وهى العمليات التى تتم عبر نماذج استحكام تشرع بموجبها قوات الاحتلال بإيجاد أرضية أمنية لضم القدس والضفة، وهى تقوم بعزل مناطق وقرى الضفة بعضها عن بعض وابعادها أمنيا عن مركز القيادة والسيطرة حيث الحكومة الفلسطينية في رام الله، كما تقوم بذات السياق على إغلاق كل المنافذ الحدودية على قطاع غزة بهدف تركيع سكانها وتطويعهم ليكونوا في برنامج عمل الحكومة الإسرائيلية القاضي بتشكيل قوات فلسطينية تابعة لها بمنأى عن السلطة وعن حماس، وهذا ما يعني أيضا إيجاد أرضية أمنية وإدارية تسمح بإعادة احتلال غزة بالتعاون مع الادارة الامريكية التي مازالت ترى في غزة من دون سكانها منطقة استراتيجية تنموية وعسكرية.
واستنادا لهذه المعطيات فإن نتائج المناورة العسكرية الايرانية الإسرائيلية ستبقى لا تحمل قيمة يمكن الاعتداد بها لا من الناحيه السياسيه ولا حتى من الناحيه الانسانيه، لاسيما وان طرفي النزاع يدافعون عن مصالحهم الاستراتيجية وليس عن القضية المركزية للأمة التي حملها خطاب الملك عبدالله في البرلمان الأوروبي عندما بين أهمية العودة بالبوصلة إلى مكانها المركزي.
فان إغلاق الستار على المشهد الفلسطيني بالمناورات العسكرية الدائرة لا يعنى حسم المسألة لصالح قوات الاحتلال، كما أن تسليط الضوء على المناورات العسكرية الدائرة لا يعنى التسليم بالواقعية السياسية و بشرعية الاحتلال الذى مازال يقوم بانتهاك صارخ لكل الأعراف الدبلوماسية والمواثيق الإنسانية، وهو يمارس سياسة التجويع التي تقود للتهجير في قطاع غزة كما يذعن بسياسة الاستفزاز التي تقود للترحيل في الضفة، وهي سياسات غير مقبولة على كافة الأصعدة سيما وهو يقوم بتجفيف الموارد المالية للسلطة لتصبح عاجزة عن الإيفاء باحتياجاتها المعيشية وغير قادرة لتسيير حياة المواطن الفلسطيني.
الأمر الذى بات بحاجة لاعادة تشكيل البوصلة السياسية لتكون صوب القضية الفلسطينية التي تم إدخالها في خانة الظل حتى يتم إخضاع الشعب الفلسطيني للبرنامج الإسرائيلي في الحل، الذي يقوم على كانتونات إدارية صغيرة يتم إدارتها محليا واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية منظمة غير شرعية كما السلطه لا حول ولاقوة لها فى السيطرة على الأحداث ومجريات الأمور، تلك هي المحصلة التي أراد أن يرسيها الملك عبدالله فى ستراسبورغ فى بيان خطابه تجاه إعادة ترسيم البوصلة !.