نداء من ابن الفنان الراحل رامي الخالد إلى الجهات الرسمية في الأردن بقلم: عاطف أبو حجر

الشعب نيوز:-

 

في بلدٍ يُفترض أن لا ينسى أبناءه… لماذا يُطوى حضور الفنانين الصادقين بمجرد أن يغيبوا؟
حين يرحل صوتٌ كان يُغني للأردن في مهرجاناته، ويملأ مسارحه حبًا وانتماءً، لا ينبغي أن يغيب معه التقدير، ولا أن يُترك خلفه طفل يتأمل صور أبيه في صمتٍ لا يليق بنا كمجتمع يُقدّر الإبداع ويحترم من قدّم له بإخلاص.
الفنان الراحل رامي الخالد لم يكن نجمًا عابرًا ولا وجهًا مرحليًا، بل صاحب رسالة عاش بها ومات عليها، دون أن يطلب مردودًا سوى أن يكون صوته صادقًا وضميره مرتاحًا. واليوم، ابنه الوحيد يرفع نداءً لا يبحث عن عطف، بل يُطالب بما هو حق: أن لا يُنسى من خدم بلده بالفن، وأن يُحتضن من بقي بعده بما يليق بتاريخ والده.
في الثالثة عشرة من عمره، وقف رامي على خشبة مهرجان جرش، مغنيًا للأردن، للأرض، للناس. كان صوته أكبر من عمره، وصدق إحساسه أوصل فنه إلى كل بيت. وعلى مدار 23 عامًا، ظل وفيًا لفنه ولبلده، متنقلًا بين المحافظات، ناشرًا الفرح، رافعًا راية الانتماء.
لم يكن باحثًا عن أضواء الشهرة، بل حاملًا لرسالة. ترك أثرًا في قلوب من سمعوه، لكنه لم يجد من يسمعه حين غادر.
وما يزيد الوجع عمقًا، أن التاريخ يُعيد نفسه؛ فكما عاش رامي يتيمًا، رحل وترك طفله مجد يعيش اليُتم من جديد. نداء هذا الطفل ليس شكوى، بل صرخة وفاء تطالب بما هو حق لا مِنّة.
إلى نقابة الفنانين الأردنيين،
إلى وزارة الثقافة،
إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون،
إلى إدارة مهرجان جرش،
إلى رئاسة الوزراء،
وإلى الديوان الملكي الهاشمي…
هذا النداء ليس طلبًا عابرًا، بل واجب إنساني وأخلاقي.
أين التكريم؟ أين الرعاية؟ أين التقدير لفنان أعطى ولم يأخذ، خدم فنه وبلده بصمت، ثم رحل في صمتٍ أشد؟
لا نطلب المستحيل… فقط نطلب أن لا يُدفن الصوت الذي غنّى للأردن دون أن يُمنح التقدير الذي يستحقه.
نطلب أن يُحتضن “مجد” ليس بالمال، بل بالرعاية، بالاعتراف، بالدعم المعنوي، بالحبّ الذي يليق بابن فنانٍ لم يُقصّر يومًا.
نطلب أن يُعاد الاعتبار لفنانٍ رحل كما عاش… مظلومًا، كريمًا في عطائه، نبيلًا في فنه، صادقًا في انتمائه.
رامي الخالد لم يكن مجرد صوت… بل كان ابن هذا البلد، وصوتًا من أصواته التي لا يجوز أن تُنسى.
في زاويةٍ من زوايا الغياب، يقف طفل صغير يُقلب صور أبيه، يبحث عن صوته في تسجيلات قديمة، يتأمل خشبة مسرحٍ لن يعتليها مجددًا… ثم يرفع عينيه نحو السماء ويسأل:
“هل يسمعني أحد؟”
فهل يعجز بلد بحجم الأردن أن يحتضن دمعة طفل؟
وهل ننتظر رحيلًا آخر حتى نتذكّر من منحنا عمره بصمت؟
إن تكريم رامي اليوم، هو تكريم للوفاء، وتقدير لمستقبل طفل يستحق أن ينشأ في بيئة عادلة، لا تنسى أصواتها الصادقة حين تصمت.

قد يعجبك ايضا