معركة الدولة بين الميدان والدبلوماسية ! د. حازم قشوع

الشعب نيوز:-

تعيش المنطقة وقضيتها المركزية فلسطين معركة حقيقية محتدمة عسكريا وسياسيا، من فاصلة من يريد ترسيم خطوط اسرائيل الكبرى ضمن حدود جغرافية فلسطين التاريخية بحدود نفوذ مرتبطة معها بذات الجملة السياسية، حيث يتم تنفيذ ذلك ميدانيا بأيادي إسرائيلية وغطاء أمريكي داعم بينما يتجه العالم بأسره بقيادة أممية وعربية بخوض معركه مصيريه بموقعه الدولة الفلسطينية عنوانها يقوم على سيادة القانون الدولي والحق الانساني، فإما ان تكون الامم المتحده بيت القرار فى مقر نيويورك، او تكون واشنطن وحدها من تمتلك القرار الدولي فى البيت الأبيض وليس من على متن سيادة القانون الدولي والإنساني الذي أصبح يقف بالكامل مع صوت العدالة إلى درجة الاشتباك مع الحكومة الإسرائيلية في موضوع فلسطين الدولة ليأتي ذلك على أساس المرجعيات الدولية، وهذا ما جعل من شهر أيلول شهر فاصل كونه تنعقد فيه الجلسات الدورية للجمعية العمومية وعلى جدول أعمالها الرئيس إقرار عضوية فلسطين !.

وفى هذه الاثناء تدخل القوات الإسرائيلية الى موقعه مدينة غزة لحسم الحرب ميدانيا قبل اجتماع الجمعية العمومية فى منتصف أيلول القادم، والذي من المنتظر أن تسبقه جولات وحوارات بين الدول الأعضاء سيما وان عضوية دولة فلسطين تم إقراره فى العام الماضى ليكون على أجندة الجمعية العمومية لهذا العام، وهذا ما يجعل أيلول القادم شهر الإعتراف بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي يعني ضمنا أن الجمعية العمومية ستكون في مواجهة مجلس الأمن الدولي والمعسكر الاسرائيلي الامريكي الذي يمتلك الفيتو إذا ما بقي خارج إطار المنظومة الدولية ولم يحدث اختراق فعلي يؤدي إلى صيغة توافق بين المعسكرين، وهذا ما جعل من الرئيس الأمريكي ترامب يحث نتنياهو على انهاء معركة غزة بشكل سريع قبل دخول الجميع لمناخات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن ذلك أيضا يتوقف على قدرة آلة الحرب الإسرائيلية على إنهاء الحرب ميدانيا وتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عسكريا لتجبر الجميع على التقيد بنظرية ما يسقط على قطاع غزة يجب أن يسقط على القدس والضفة، وهى العبارة التى تقوم بتنفيذها حكومة الاحتلال “غريبة الأطوار” على حد تعبير أطلقته استراليا ونيوزيلاندا اضافه لفرنسا، وهى الدول التى ينتظر أن تقود الهجمة مع الأردن ومصر والسعودية واضافه للمنظومة العربية والدولية ضمن حاضنة إجماع دولي تقر بعضوية فلسطين باستثناء اسرائيل وامريكا.

ولعل معركة التسابق مع الزمن الحاصلة فى المعسكر الاسرائيلي جعلت من حكومة تل أبيب ترتكب جرائم غير قانونية في مسألة التجويع، كما جعلت من الة الحرب الاسرائيلية تزحف بهمجية متعجرفة لحسم معركة مدينة غزة ميدانيا وبطريقه سريعه رغم التحذيرات من خطورة ذلك لطبيعة الاكتظاظ السكاني والذى من شأنه أن يسقط أرواح مدنية كثيرة كما هو متوقع لكون الة الحرب الاسرائيليه ستستخدم كما هو متوقع وسائل غير تقليدية من أجل حسم هذه المعركة ميدانيا قبل دخول الجميع في معركة أيلول الدبلوماسية، والتى بدأ التحضير لها بجهد مكثف من قبل المنظومة الأممية التي أخذت تدافع عن القانون الدولي ومرجعياته، كما هي مطالبة بالدفاع عن الحقوق الإنسانية وعن صون المحكمة الدولية بشقيها العدلية والجنائية في ظل العقوبات التي فرضها البيت الأبيض على بعض رموزها القضائية.

وبناءا على هذه المعطيات التحليلية الواقعية بالتصور والطرح، فإن العمل لإطلاق مبادرة تأييد للحقوق الفلسطينية من اجل اقامة الدولة أصبحت بحاجة الى جدول اعمال يعمل باتجاهين، الأول يذهب تجاه دعم صمود الشعب الفلسطيني انسانيا من اجل ردع موضوع التهجير والترحيل إثر التدخل العسكري الذي سيحدث ميدانيا من قبل آلة الحرب الإسرائيلية، والثاني يقوم على التواصل الوجاهي مع الدول المناصرة لحق إقامة الدولة عبر مؤتمر يعقد لهذه الغاية يسبق انعقاد الجمعية العمومية، وهذا ما يمكن أن تبدأ نواته من الأردن لتكون مرتكز تحرك عربي ودولي بعد الزيارة الهامة التي قام بها الملك عبدالله لولي العهد السعودى، وما تبعها من زيارة قام بها الرئيس السيسي مدينة نيوم السعودية تحمل ذات العناوين من تنسيقية مواقف، وهذا ما يجعل من أيلول يحمل منعطف مفصلي حاد بين مؤيد لمشروع الدولة وآخر مناهض لها والذي سيكون فيه العالم بأسره فى مواجهة حالة الاستقواء الإسرائيلية على القانون الدولي كما يندرج الاصطفاف.

إن الأردن وهو يهيب بالاداره الامريكيه ضرورة وقف حالة التصعيد الحاصله لتجنيب إنسان هذه المنطقة ويلات الحروب والغلو التي مازالت تعيشها المنطقة منذ أكثر من 14 عام وعلى وجبات فصلية متنوعه الأوجه ومتعددة الاتجاهات، إنما ليحذر الجميع من انزلاق المنطقة إلى مواجهات مباشرة شاملة في أية لحظة في ظل ازدياد أجواء التصعيد وعندها سيصعب السيطرة على مجريات الاحداث، فان الاردن ومن وحى استدراكه لمجريات الأمور ليحمل المجتمع الدولي كامل مسؤولياته والتبعات الإنسانية والسياسية لتداعيات مجريات الأحداث التي ينتظر أن تؤثر على الأردن ومصر مع اشتعال موجة المواجهات الحاسمة والتى ينتظر أن يحدث عنها عناوين التهجير القصري او الابعاد الطوعى .

فان الاردن ومصر والمنظومة العربية لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه مناخات الابادة الجماعية بالتجويع التى تشرع بتنفيذها حكومة تل أبيب، وهو ما حذر منه الملك عبدالله بطريقة مباشرة عندما بين الخطوط الحمراء التي يجب على إسرائيل توخيها وعدم تجاوزها في معاركها العديدة وهي ترسم محددات جديدة لها فى مساحات المنطقة وفضاءاتها، فالأردن سيبقى كما كان دائما الحريص على السلم الإقليمي والأمين على السلام الدولي والحريص على سيادة القانون الدولي الداعم لفض الصراعات بطريقة سلمية، فإنه من باب عدم الإنصاف تحميل المقاومه الفلسطينيه كامل المسؤولية والشعب الفلسطيني يقبع تحت الاحتلال وجور الحصار ما يتم من تداعيات احداث لأن ذلك لا يخدم مطلقيها كما لا يخدم توسيع المظلة الدبلوماسية الداعمة لإقامة الدولة، فمن حق الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال مشاريع التهجير وسياسات التجويع ومن الواجب على كل الدول دعم حركة النضال الفلسطيني التي كفلها القانون الدولي في مقاومة المحتل حتى نيل الاستقلال وقيام الدولة .

قد يعجبك ايضا