
إلى صديقي عبدالهادي راجي المجالي : لسنا تسعة.. ولسنا غرباء بقلم ماجد ابورمان
الشعب نيوز:-
عبد الهادي ياصديقي
قرأت نصك الذي وُجه إلى خليل النظامي، فسمعت فيه صوتك المعتاد، الموجوع، الغاضب… لكنني سمعت فيه أيضًا شيئًا أخطر: نغمة استسلام متنكر في ثوب النبوءة.
تقول إن الإعلام الأردني اختُصر في “٩” أشخاص. حسناً. ولكن حين تختصر الوطن كله في حفنة منتفعة، فإنك تفعل بالضبط ما تريده تلك “الأقلية الذهبية”: أن نيأس، أن نغادر، أن نصدق أنهم الوطن ونحن فائضون عن الحاجة.
هل تظن أن البقية مجرد ديكور؟
ألا تعرف أن بين الـ1300 من كتب وفضح ودفع الثمن؟
ألم تقرأ عن صحفيين سُجنوا، طوردوا، أقصوا، لا لأنهم بلا قيمة، بل لأنهم كانوا يؤلمون؟
عبدالهادي
وأنت الخبير بشؤون الكواليس – نسيت أن تضيف طبقة جديدة تتحكم اليوم في الصورة: المؤثرين
أولئك الذين لا يكتبون، لا يبحثون، لا يُسائلون…
بل يرقصون، يسخرون، يبيعون التفاهة، ويُفتح لهم باب الديوان والوزارة بلا موعد.
أصبح “المحتوى الهابط” هو بطاقة المرور إلى النخب.
صار الانستغرامي أهم من الكاتب في هموم الوطن ووجعه
صار التيكتوكر أقرب من الأكاديمي.
وباتت الدولة، بحساباتها المغلوطة، تظن أن الوطنية تُقاس بعدد المتابعين.
فلا تقل لي إنهم “٩”، بل هم أكثر…
٩ يحتكرون القرار، و٩٠ يحتكرون “الترند”، والبقية – نحن – نحترق في الظل.
أنت تعرف اللعبة يا عبد الهادي. تعرف كيف تُدار، ومن يديرها، وكيف تُكافأ الطاعة ويُعاقب الموقف. لكنك أخطأت حين قلت إن هذا وطن “الـ٩”… لا يا صديقي، هذا وطننا. نحن الذين لم نجلس على طاولات السفارات، ولم نُمنح صكوك الولاء من مكاتب كبار المسؤولين
عبدالهادي
الذين يُدخِلون على مازن الفراية بدون إذن، سيخرجون من ذاكرة الناس بدون أثر. أما من يكتب وهو محاصر، من يصرخ في العتمة، من لا يُسمّى، هو من يدوّن للتاريخ.
لا تضع خليل في قائمة المبشّرين، ولا تضع نفسك في خانة البؤساء.
لسنا تسعة… ولسنا غرباء.
نحن الوطن حين يصمت الكذب.
#ماجدـابورمان