
بين ترامب والنوبل ساعات تحكمها غزة..بسام محمد أبو رمان
الشعب نيوز:-
إلى أين تتجه الأمور في ضوء الخطة الأمريكية الحالية ومباحثات شرم الشيخ؟ وهل تمثل الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب تغيراً حقيقياً في الموقف العالمي أم أنها مجرد تهدئة استراتيجية لها ما بعدها؟ علينا أن نعي ابتداءً بأن الأمور لا تقاس إلا بغاياتها. فمن كان منا يعتقد بأن من شأن الخطة الانتهاء المباشر الى إعلان ميلاد فلسطين ضمن منظومة الأمم المتحدة، وخلال الأيام المعدودة القادمة، سأنصحه بقليل من “الزهد” في تلك التوقعات؛ ولا نبالغ بالتوكل على الله القادر المقتدر رب العالمين. إلا أن هذه المقالة ستقوم بإعادة صياغة التسلسل المنهجي الأكثر واقعية تجاه هذا الطموح. بالإضافة الى التركيز على الخطوات العملية الواجب اتباعها من قبل كلٍ منا كي لا نقصر بالأخذ بالأسباب قبل التوكل.
من حيث المعطيات، نستهل بتحليل الخطة من عنوانها وهو قاصر صراحة على “إنهاء حرب غزة” لا اجتثاث أسبابها ضمن قواعد الشرعية الدولية! فلنعد تقييم الخطة، ورد المقاومة على بنودها، ضمن الهدف والغاية المصرح بهما من طرحها كما يلي: خطة ترامب من شأنها حفظ ماء الوجه لجيش الدفاع الصهيوني المهزوم خاصة بعد فشل قدراته العسكرية عن تحقيق أي إنجاز يذكر بالميدان ناهيك عن تحرير الرهائن! وهي المرحلة التي نفاخر فيها بقدرات المقاومة على مثل ذلك الصمود، إلا أنها تؤكد في ذات الوقت على محاصرة هذا الجيش المهزوم والحد من خياراته تجاه الإمعان في الإبادة الشاملة، دون استثناء أو حياء من شعوب العالم أجمع. إذن ببساطة، جاءت الخطة كمخرج دبلوماسي له ما له من قدرة على تحقيق ما عجز عنه العتاد الإسرائيلي؛ بينما يتابع البيت الأبيض لتحقيق المكسب الخاصة بتحرير الرهائن- باعتبار أنها ما سيعلق بذاكرة الشعوب بصرف النظر عما بعدها.
أجاد الفلسطينيون بالمقابل، التقاط الرسالة الأمريكية واستثمارها؛ بأن قاموا بتقديم موافقتهم الدبلوماسية الحريصة على ما قد يشبع رغبات ترامب بجائزة نوبل. بل وأجادوا أيضا المراهنة على الدبلوماسية العربية، الحاضرة في مواجهة الخطة الأمريكية، عند إحالتهم كافة بنود الخطة الأخرى لنصوص الشرعية الدولية واستعدادها للمفاوضة بشأنها تباعا. إذن وباختصار، تعي المقاومة أنها فاضلت بذكاء بين متابعة القتال الى الحد الذي تخسر فيه ورقتها الأكبر، المتمثلة بالرهائن بين القتل أو التحرير تحت وطأة الحصار والدمار، وبين الرهان على الدبلوماسية العربية الإسلامية ومن والاها من قيادات العالم الحر وشعوبه. هي بذلك بداية تغير حقيقي لا تعتمد إلا على ضمان استمرارية مصدر الضغط المتمثل بالدبلوماسية المدعومة بالرأي العام العالمي والغربي تحديدا، إلا أي يشاء الله.
أما عن دورنا وما يتوجب على كافة شعوب العالم المؤمن بالإنسانية ومعاني النضال وأشكاله على تعدادها، فأوجز بما يلي: من كان يؤمن بدور المقاومة الفلسطينية وقدراتها، عليه أن يعي تباعا أن المقاومة موجودة من قبل السلاح، وإن عززت عن وجودها بموجبه، وبأنها مستمرة بالوجود أبداً في ايديلوجية المؤمن بحقهِ بالنصر. لخطة ترامب ما بعدها عند إتمام المرحلة الأولى بتسليم السلاح ووقف الحرب. حيث أن لبني صهيون ما يملكون من قدرة على إعادة تزييف الحقائق وافتعال أسباب القتال. وهو مبدأ تقره السياسة بصرف النظر عن رأينا فيه. الجميع يتلاعب والرهان على من يملك مفتاح استمالة الرأي العام العالمي واستدامة القدرة الدبلوماسية على الضغط.
وفي هذا الخصوص، لا أقل من ضرورة توحيد الكلمة حول الجهود الفاعلة والقيادية الملتزمة التي مارسها ولا زال جلالة قائد البلاد على الصعيد الدولي. وجهوده في الإصرار على تفعيل الخطوات اللازمة للتمسك بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 19/7/2024 وإقرار حل الدولتين على الرغم من واقع الحال على الأرض. هي الجهود التي يجب على الجميع القياس عليها عند الحديث عمن يملكون الصفة الرسمية و/أو القدرة الشعبية على التأثير. هي جهود ليس بقاصرة على قادة الدول بل تشمل قادة الفكر والباحثين والمؤثرين وكل من موقعه، خلف القيادة الهاشمية. جهود لا نملك التنازل دونها كي لا نصبح على ما فعلنا بين من ساهم في إطفاء بصيص الأمل. ولندرك جميعا استحالة النصر على من لا يملك شيئا ليخسره. ولتعلم غزة بمن فيها أنها تساهم في تحرير العالم من طغيانه بالمقابل.
خبير القانون الدولي والمحلل السياسي
بسام محمد أبو رمان