
الأحزاب وديوان المحاسبة.. مخالفات بالجملة!
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –
مرت الملحوظات التي أطلقها تقرير ديوان المحاسبة، الخاصة بالأحزاب السياسية مرور الكرام، كأن لا كارثة حقيقية تعيشها هذه الأحزاب.
التقرير سجل مخالفات وملحوظات مالية على 29 حزبًا سياسيًا من أصل 35 حزبًا خضعت للتدقيق، في حين تم تدقيق 6 أحزاب من دون إبداء أي ملاحظة.
التقرير رصد مخالفات جوهرية تمثلت في عدم إيداع أموال وتبرعات بعض الأحزاب في البنوك الأردنية، في مخالفة صريحة لأحكام قانون الأحزاب، إضافة إلى عدم إشراك موظفين في الضمان الاجتماعي، خلافًا لنظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية.
إذا كان هذا هو واقع الأحزاب الآن وهي في مرحلة التشكيل والتكوين والتجويد، وفيها هذا الحجم من المخالفات، فكيف سيكون حالها عندما تستلم السلطة؟!
كل مجسات الدولة وأجهزتها وأدواتها ولجانها، لم تتوقف لحظة عند نتيجة استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية قبل سنتين، عندما أعلن أن 1 % من الأردنيين مهتمون بالأحزاب وقد يفكرون بالانضمام إليها.
هذا يعني أنه بعد أكثر من عام على لجنة التحديث السياسي وإقرار قوانين إصلاح الحالة السياسية ضمن قانوني الانتخاب والأحزاب، وبعد أكثر من عام على الضخ الإعلامي والتحشيد وتشكيل الأحزاب وتنقلها بين محافظات المملكة تأتي النتيجة 1 % من الأردنيين مهتمون بالأحزاب.
ويعني أكثر أننا بحاجة لمئة عام أخرى حتى نقنع الأردنيين بجدوى الأحزاب ودورها في التغيير.
هذا لا يعني أننا بحاجة إلى أن يتحزب المجتمع الأردني كله، نحن بحاجة إلى أن يقتنع المجتمع بجدوى الأحزاب وجدية التوجه نحو الحياة الحزبية، والأهم من هذا كله أن يقتنع المواطن الأردني بأن عقل الدولة بدأ يؤمن بالحياة الحزبية، وتغيرت نظرته للأحزاب وتغيرت قناعاته المعروفة سابقا للناس بأنه ليس مع الأحزاب المعارضة والمُوالِية.
ما جرى ويجري في تشكيل الأحزاب الجديدة ليس له علاقة ببناء أحزاب حقيقية ببرامج وهُوية وفكر، فقليلون من التقطوا فكرة التحول نحو الحياة الحزبية، وفهموا أن أولى خطوات الحياة الحزبية، هي “تحزيب الانتخابات” من أجل البناء عليها لتأطير وتعظيم وتجويد الحياة الحزبية.
الخطوة الأولى في هذه العملية، كان البحث عن القواسم المشتركة والأفكار المتقاربة، والمبادىء العامة، والرؤية والرسالة لكيفية “تحزيب الانتخابات” من أجل الشروع مستقبلا في بناء برامج الحزب وهُويته السياسية.
الاعتماد على الوسائل والطرق القديمة في بناء الأحزاب، من خلال جمع هُويات لمؤسسين، والانشغال ببناء منظمات قطاعية ومهنية وشبابية، والانخراط في اجتماعات ومؤتمرات عديدة، من دون التفكير في وسائل وآليات ومقومات جديدة تربط السياسة بالاقتصاد بالتنمية، لن يقود إلى نجاح في الانتخابات ولا بناء أحزاب قوية.
تدفعنا الأحوال العامة للأحزاب السياسية عموما إلى فتح قانون الأحزاب من جديد، فلا الأحزاب الجديدة بخير ولا أحوالها تبشر بأنها تسير بالاتجاه الصحيح، ولا الأحزاب القديمة سليمة ومعافاة، وأوضاعها صعبة في معظمها.
الدايم الله…