آثاريون ينسفون التاريخ التوراتي للصهيونية..خالد ابو الخير
الشعب نيوز:-
لم تكن الحقائق التي عرضها عالم الآثار “الإسرائيلي” الشهير يسرائيل فلنكشتاين في مقابلة مع مجلة “جيروزاليم ريبورت” العبرية، قبل أيام، والتي فكك بها مزاعم الصهيونية بأنّ فلسطين هي “أرض الميعاد” وعدم وجود أيّ صلة لليهود بالقدس وفلسطين المحتلة؛ شيئا جديداً، فقد توصل إلى هذه الحقائق العديد من الآثاريين المنصفين، وليس التلفيقيين، قبل ومع فلنكشتاين.
وجاء تأكيد فلنكشتاين، الاستاذ في جامعة تل أبيب، أن “علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخيّةٍ أوْ أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة بما في ذلك قصص الخروج، والتيه في سيناء، وانتصار يوشع بن نون على كنعان، ولم يكن هناك أيّ غزوٍ عسكريٍّ قاسٍ، فضلاً عن تشكيكه بوجود الشخصيتان التوراتيتان الأكثر إرتباطاً بالقدس داوود وسليمان، موضحاً انه لا وجود لاساس أو إثبات تاريخي على وجودهما.. كما لا يوجد أيّ شاهدٍ أثريٍّ يدل على أنّ الهيكل الذي بناه سليمان وفق التوراة، كان موجودًا بالفعل”، جاء ليدعم حقائق آثارية سبق أن توصل إليها العديد من العلماء والباحثين، على الرغم من إستمرار إسرائيل في الحفر في القدس، في محاولة مستميتة للتمسك بالأساطير والخرافات، التي قام عليها أساس الفكر الصهيوني ودولته.
وقال فلنكشتاين إنّ “وجود باني الهيكل، وهو سليمان بن داوود، مشكوك فيه أيضًا، حيث تقول التوراة إنّه حكم إمبراطورية تمتد من مصر حتى نهر الفرات رغم عدم وجود أي شاهد أثري على أن هذه المملكة المتحدة المترامية الأطراف قد وجدت بالفعل في يوم من الأيام”، بحسب أقواله.
ولفت إلى أنّه “وإنْ كان لهذه الممالك وجود فعلي فقد كانت مجرد قبائل وكانت معاركها مجرد حروب قبلية صغيرة، وبالتالي فإنّ قدس داوود لم تكن أكثر من قريةٍ فقيرةٍ وبائسةٍ”.
ويؤكد علماء أن المملكة اليهودية المزعومة لم يرد لها ذكر، ولا إشارة في المدونات المصرية وحضارات وادي الرافدين، رغم أن هذه الحضارات سجلت الكثير من الأحداث سواء في رسائل تل العمارنة أو المدونات الأشورية .
ووفقا لأبحاث علمية ودراسات وتنقيبات، لم يعثر على دليل واحد على صحة الروايات التوراتية المؤسسة للفكر الصهيوني.
ففي العام 1952 قامت عالمة الأثار البريطانية “كاثلين كينون “Kathleen M. Kanyon بحفريات أثرية في مدينة أريحا، وفي ذهنها ما ورد في العهد القديم عن مناعة أسوار أريحا التي سقطت على أصوات المزامير حين حاصرها يوشع بن نون.
خمس سنين من الحفر والتنقيب، أوصلت كانيون إلى قناعة مفادها، إنه لم تكن لأريحا أسوار في ذلك العهد! لأنها كانت تهدَّمت في القرن الـ 16 ق.م، أي قبل وصول يوشع اليها بقرون، وهو الذي “وصلها بحدود سنة 1195 ق م وفق الرواية التوراتية”.
والأنكى أن اريحا لم تكن حتى في ذلك العهد ذات أسوار عظيمة كما يصفها العهد القديم، لكنها أسوار بدائية، فهي لم تكن محصنة في يوم من الأيام، على حسب قول فولتير “فقد كانت عاصمة لشعب لا تجربة له في الميدان العسكري، وإلاَّ لما بنى عاصمته في وادٍ مفتوح، الأمر الذي أفقده إمكانية حمايتها”.
وبحسب هذه الحقائق الصادمة، وأخرى عن حفريات قامت كانيون بها، أثبتت ان أورشليم القرن العاشر ق.م على زمن داوود وسليمان، كانت هي نفسها المدينة الكنعانية التي احتلها داوود وأصبحت عاصمته، ولم يجر عليها أي تحسينات من توسع أو إصلاح أسوار.
وكانت مدينة صغيرة بقياس ذلك العصر، إذ بلغت مساحتها 4.5 هكتار، بينما نجد بعض المدن التي عاصرتها ذات مساحة تتراوح بين 60 إلى 100 هكتار، كما كان لها سور بدائي كنعاني، ولا يمكن أن يزيد عدد سكانها عن 2000 نسمة بأحسن الأحوال.
تساؤلات؟
“إذن أين قصور الملك سليمان ومنازل نسائه الألف المذكورة في التوراة، ناهيك عن خدمه وجيشه ومخازن غلاله واصطبلات خيله؟” كما تساءل الكاتب المختص بالدراسات الانثروبلوجية فراس سواح، بل وماذا عن الهيكل المزعوم؟
هذه الحقائق المتأتية من حقائق العلم، دفعت عالم الآثار الإسرائيلي “ديفيد اوسيشكين” للقول أمام جمعية علم الآثار التوراتي في سان فرانسيسكو “إنه ليصعب على روحي الرومانسية أن تقبل بهذه الوقائع، أرجو من الملك سليمان أن يسامحني…”.
ويقول عالم الآثار الإسرائيلي الأستاذ في جامعة تل أبيب زائيف هيرتسوغ، في صحيفة ها آرتس بتاريخ 28/11/1999: “إن الحفريات المكثفة في ارض إسرائيل خلال القرن العشرين قد أوصلتنا إلى نتائج محبطة، كل شيء مختلق، ونحن لم نعثر على أي شيء يتفق والرواية التوراتية، كما أن قصص الآباء في سفر التكوين هي مجرد أساطير، ونحن لم نهبط إلى مصر ولم نخرج منها. لم نته في صحراء سيناء ولم ندخل فلسطين بحملة عسكرية صاعقة”.
وتابع: “وأصعب هذه الأمور أن المملكة الموحدة لـداوود وسليمان، كانت في أفضل الأحوال إن وجدت مملكة قبلية صغيرة (مملكة المدينة). كما أن القلق سينتاب كل من سيعرف أن يهوه اله إسرائيل كان متزوجاً من الإلهة الكنعانية عشيرة. وأن إسرائيل لم تتبن عقيدة التوحيد على جبل سيناء وإنما في أواخر عهد ملوك يهوذا أي حوالي (600 ق.م).. أني أدرك بصفتي واحداً من أبناء الشعب اليهودي وتلميذاً للمدرسة التوراتية مدى الإحباط الناجم عن الهوّة بين آمالنا وبين الواقع، واني لأحس بثقل هذا الاعتراف على كاهلي، ولكني ملتزم بالأخذ بعين الاعتبار ما توصل إليه زملائي من نقد وتفسير جديد للوقائع”.
القدس ليست جزءًا من أرض إسرائيل
بل أن عالم الآثار الإسرائيلي “إسرائيل فنكلشتاين” نفسه، سبق أن نفى وجود أي صلة لليهود بالقدس، إذ أكد في تقرير نشرته مجلة جيروساليم ريبورت الإسرائيلية بتاريخ 5-8-2011 أن “علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية، تدعم بعض القصص الواردة في التوراة بما في ذلك قصص الخروج والتيه في سيناء وانتصار يوشع بن نون على كنعان”، مفككا بذلك وسيلة وزعما من أخطر الوسائل والمزاعم التي تلجأ اليها الدولة الصهيونية لترويج روايتها حول “يهودية المدينة المقدسة”، وهي تلك المتعلقة بثلاثية الأساطير المؤسسة للدولة الصهيونية؛ وهي: “أرض الميعاد”، و”شعب الله المختار” و”الحق التاريخي لليهود في القدس وفلسطين”.
ويعرض “البروفيسور شلومو ساند” أستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب في كتابيه (متى وكيف تم اختراع أرض إسرائيل؟)، و(متى وكيف تم اختراع الشعب اليهودي؟) لأهم أسس الدولة العبرية ومقوماتها، ويثبت أنها قائمة على غير أساس، كما تبني عمارة على الرمال.. دون أيّ أسس معقولة أو مقبولة .
وينفي وجود شيء يسمى أرض إسرائيل في التوراة. مشيرا الى أن هذا المصطلح “يظهر على أنه أرض مملكة إسرائيل الشمالية. والقدس التي في التوراة ليست جزءا من “أرض إسرائيل”.
وتعرض ساند بسبب كتابيه وآرائه إلى حملة منظمة ضده وهدد بالقتل، لكنه أوضح أن مؤرخين وعلماء آخرين يؤيدونه في آرائه، وقال له أحدهم: لست وحدك من يعتقد بذلك – أو أبدعه.. فقد سبقك إلى ذلك ديفيد بن غوريون نفسه!.