الصراع يتمدد الى البحر الأحمر ويهدد الملاحة والتجارة العالمية

109
الشعب نيوز:-

زياد الرفاتي

مع اشتداد التصعيد العسكري في المنطقة والحرب على غزة وتداعياتها المستمرة منذ أكثر من 70 يوما والكلفة البشرية المروعة بسقوط عشرات الالاف من الضحايا والمصابين من المدنيين وتدمير المساكن والأنشطة الاقتصادية والبنى التحتية والخدمات الأساسية والنزوح والأزمة  الانسانية  المأساوية والتهافت على شاحنات المساعدات واستخدام  اسرائيل تجويع الفلسطينيين كسلاح في الحرب ووصول قوات أميركية الى المنتطقة ،و المخاوف من اتساع رقعة التصعيد في المنطقة والذي حذر جلالة الملك عبد الله الثاني مرارا من اتساعه وحديثه لقائد الجيش الأمريكي لدى استقباله بعمان في الثامن عشرمن الشهر الجاري أنه بامكان واشنطن أن تلعب دورا مهما في الضغط من أجل وقف اطلاق النار في غزة  .

فقد امتد التصعيد العسكري الى الممرات البحرية،ومع دخول العراق وسوريا ولبنان واليمن جميعافي خريطةالصراع من خلال  فصائل مسلحة تتواجد على أراضيها موالية لايران تتوعد بمواصلة الهجمات برغم التحذير الأميركي وشرعت بهجمات مختلفة استهدفت  قواعد أميركية في العراق وسوريا تنوعت بين استخدام الصواريخ والمسيرات المفخخة .

وحذرت الحكومة العراقية من مخاطر على العراق وتسعى لاقناع فصائل عراقية مسلحة  بمخاطر عملياتها ضد التحالف التي أعلنت مسؤوليتها عن 98 هجوما على القواعد والقوات الأميركية  في العراق وسوريا وتضع العراق في موقف حرج واعتبرت الاعتداء الذي وقع على السفارة الأميركية في بغداد هو اعتداء على أمن العراق وعززت حماية البعثات الدبلوماسية وأمنها خط أحمر وتسعى لمواجهة أي تداعيات للحرب الاسرائيلية على غزة .

بينما ردت واشنطن بضربات عدة استهدفت مواقع تابعة لايران في سوريا وبعثت برسائل حازمة بالرد على أي هجمات جديدة ضد قواتها ، وأعلنت واشنطن أن الهدف الاستراتيجي الأوسع  لهجمات الفصائل العراقية يتمثل في طرد الولايات المتحدة من العراق وسوريا وسنواصل العمل  بشكل وثيق مع الحكومة العراقية وغيرها لضمان عدم وقوع  مثل هذه الحوادث .

وتابعت أن هجمات الحوثيين مشكلة دولية تتطلب حلا دوليا وأعلنت عن تشكيل قوة  تحالف بحرية دولية  متعددة الجنسيات  من عشرة دول تضم الولايات المتحدة وثماني دول أوروبية والبحرين أطلق عليها ” حارس الازدهار ” تعمل تحت قيادة القوات البحرية المشتركة  وأن الانضمام اليها طوعيا وكل دولة تحدد مستوى مشاركتها ، لتأمين حرية حركة التجارة و الملاحة في البحر الأحمر ومهام المراقبة البحرية والدفاع عن السفن وتعزيز الأمن الاقليمي من خلال تنفيذ دوريات في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن وهناك طرقا كثيرة للمساهمة في العملية الجديدة لحماية الملاحة .ووجهت رسائل للحوثيين تطلب وقف هجماتهم على السفن وأن تلك الهجمات غير قانونية وخطرة ويجب معالجتها ولن نتردد  في اتخاذ اجراءات اذا تعرضت قواتنا للتهديد  وأن البنتاعون يدرس امكانية توجيه ضربة عسكرية  للحوثيينونعمل حاليا على مراجعة وضع الحوثيين  لكن لم نتخذ قرارا بعد بشأن تصنيفهم تنظيما ارهابيا ، واسقاط المدمرة الأميركية 14 طائرة مسيرة  أطلقها الحوثيون كما أسقطت مصر جسما طائرا قبالة السواحل المصرية وأعلن أن الحوثيين شنوا 100 هجوم على 10 سفن  خلال الفترة الماضية ، وأشار الى أن استهداف أي سفن تجارية في المنطقة يعد انتهاكا للقانون الدولي ونعمل مع المجتمع الدولي على معالجة ذلك، وتركيزنا ينصب على منع الصراع الحالي من التوسع و واشنطن ستردع أي دولة أو جهة تريد توسيع الصراع خارج غزة .

وحسب وزارة الخزانة الأميركية ، اذا اتسع نطاق الحرب في الشرق الأوسط فان الاقتصاد العالمي يمكن أن يتأثر .

 وايران ترد بالتحذير من تبعات تشكيل القوة البحرية مدعومة من الولايات المتحدة وستعرقلها ، فيما تقول القيادة العسكرية الحوثية أن هناك مرحلة ثالثة من التصعيد ضد اسرائيل ، وتحذيرات خبراء عسكريون أميركيون من مخاوف  توجيه ضربة عسكرية أميركية  للحوثيين قد يؤدي الى الانجرار في حرب مع ايران وأذرعها العسكرية في المنطقة .

ويهدد الحوثيون بمنع مرور السفن المتجهة الى اسرائيل الى أن يتم السماح بادخال الغذاء والدواء  لقطاع غزة ، واحتجزت سفينة شحن كانت تبحر في البحر الأحمر واقتادتها  الى السواحل اليمنية ، وأثار استيلاء الحوثيون على السفينة المخاوف الدولية  .

أما  الاتحاد الأوروبي ، فيحذر أن الهجمات المنطلقة من مناطق سيطرة الحوثيين باليمن تهدد الملاحة الدولية والوضع في خليج عدن والمنطقة  قابل للانفجار في أي لحظة واعتداء الحوثيون على السفن التجارية قد يؤدي لتفجر الوضع بالمنطقة ، وتحذير فرنسي من أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر لا يمكن أن تبقى  من دون رد وأن ايران تقف خلف تصعيد حزب الله ومن المهم جدا تمرير رسائل  حازمة  له وأن لبنان لن ينهض مجددا في حال وقوع حرب مع اسرائيل  وسط محاولات دبلوماسية للتهدئة ، مع طلب اسرائيلي ابعاد حزب الله اللبناني عن الحدود عشرة كيلو مترات الى ما بعد نهر الليطانيلانهاء التوترات مع لبنان للتوصل الى حل دبلوماسي وتلوح بالحرب على جبهة أخرى بغزو جنوب لبنان  ، والتأكيد الأميركي المتواصل والمشدد لاسرائيل أنها لا تريد وصول حرب غزة الى الداخل اللبناني . 

 وحسب مجلة الايكونوميست البريطانية ، فان اليمن ليس موقعا استراتيجيا لمهاجمة اسرائيل لكنه مثاليا لمهاجمة السفن في البحر الأحمر ، والحوثيون يملكون مخزونا من الصواريخ المضادة للسفن ما يجعلهم قادرين على تهديد أي سفينة  تعبر في مضيق باب المندب  .

وتحول البحر الأحمر الى ساحةلحوادث عدة تستهدف السفن ومسرحا للمزيد من الحوادث والاضطرابات وشركات الشحن توقف الابحار وحركة السفن في البحر الأحمر يهدد بفقدان الامدادات والتوترات تتصاعد في مضيقباب المندب الذي يتمتع  بأهمية استراتيجية بربط  بين خليج عدن والبحر الأحمر وأحد أهم مسارات الشحن العالمي ومنفذ البحر الأحمر للمحيط الهندي وسط مخاوف من تأثر سلاسل الامداد ويعبر المضيق  7،8 مليون برميل نفط يوميا  في أول11 شهرا من 2023 تشكل 12% من اجمالي النفط المنقول بحرا ويستحوذ على 8% من تجارة الغاز الطبيعي خلال الستة أشهر الأولى من 2023 وقفزت أسعاره مع تزايد التهديدات ، ومرور 40% من التجارة الدولية عبر المضيق بينما تمر بنسبة 60% من باقي ممرات العالم علما أن التجارة البحرية لا تحتمل أي مخاطرة  ، وارتفاع بتكاليف تأمين السفن بنسبة 200%  وعلاوات مخاطر الحرب التي تحتسب على قيمة السفينة  وقيام شركات التأمين البحري في بريطانيا بتوسيع منطقة ارتفاع المخاطر في البحر الأحمر وترفع التأمين على الشحن الى بريطانيا بنسبة 300% وارتفاع متوسط أسعار الناقلات العملاقة الى 60 ألف دولار يوميا مقابل 40 ألف دولار يوميا الشهر الماضي وكل ذلك بعد هجمات الحوثيين بالطائرات المسيرة أو الصواريخ أو القذائف أو اطلاق النار بالقرب من السفن، كما تعرضت سفينة حاويات ترفع علم ليبيريا لأضرار ناجمة عن هجوم جوي في البحر الأحمر واشتعال حريق على سطحها  بعد اصابتها بقذيفة ، وأصيبت سفينة شحن  ثانية ترفع علم النرويج  بصاروخ أرسلت لها البحرية الأميركية سفينة لمساعدتها .

وعلقت اربع شركات ملاحة عالمية مرور سفنها عبر البحر الأحمر حتى اشعار اخر تشكل 50% من اجمالي حركة الشحن البحري عالميا وايقاف أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم مرور سفنها في البحر الأحمر ، وأخرى تغير مسارها .

 وقد أجبرت شركات شحن على تحويل مسار السفن من البحر الأحمر الى رأس الرجاء الصالح في افريقيا  بتجنب البحر الأحنر وقناة السويس  للوصول الى موانئ التفريغ  وما يترتب عليه من تكلفة عالية واطالة مدة  الرحلة بنسبة 40% وزيادة عدد أيامها  من 7- 10 أيام ، وأدرج سوق التأمين في لندن جنوب البحر الأحمر ضمن المناطق عالية المخاطرواعلان شركة النفط البريطانية بريتيش بتروليوم ايقاف عملياتها بشكل مؤقت في البحر الأحمر والهجوم على ناقلات النفط  في البحر الأحمر يدعم ارتفاع أسعار النفط ، كما أن الهجمات على السفن تهدد باشعال موجة تضخمية عالمية

وأعلنت هيئة قناة السويس والتي لها أهمية استراتيجيةأيضا أنها تتابع عن كثب التوتر في البحر الأحمر وتأثيره على حركة المرور في القناة التي تربط البحرين الأحمر والمتوسط  ، وأعلنت أن 55 سفينة أعيد توجيهها من القناة الى رأس الرجاء الصالح منذ التاسع عشر من تشرين الثاني الماضي .

ويرى محللون سياسيون  مصريون ، أن التهديدات في مضيق باب المندب تتسبب في أزمة لقناة السويس وتهدد حركة الملاحة في القناة بسبب تغيير مسار السفن والهدف خنقها بالتزامن  مع الأزمة الاقتصادية في مصر ونقص العملة الأجنبية وأي ضرر بمصر سيعود بفوضى عارمة في المنطقة  .

وأنه لا بديل للقناة  في التجارة الدولية  ، حيث يمر عبر القناة 12% من حركة التجارة العالمية  و22% من اجمالي حاويات الشحن  وسجلت ايرادات من رسوم العبور  بمقدار  9،4 مليار دولار نقدافي العام المالي 2022/ 2023 .

 أما تداعيات أزمة استهداف السفن المتجهة الى اسرائيل في البحر الأحمر على الاقتصاد الاسرائيلي ، فان  الهجمات على السفن في البحر الأحمر وجهت ضربة قاسية لحركة التجارة الاسرائيلية  والاقتصاد فيها يتأثر بشكل مباشر باستهداف السفن مع توجه العديد من الشركات لتعليق مرورها وتوقف  شركة شحن تايوانية تسيير سفنها بشكل مباشر الى الموانئ الاسرائيلية وزيادة تكلفة الشحن البحري الاسرائيلي والتأمين ،و توقفت حركة السفن التجارية لميناء ايلات باسرائيل بشكل شبه كامل مع ما يشهده  البحر الأحمر من تحركات عسكرية ووصول فرقاطات من دول عدةاليه  لحماية حركة الملاحة ، وتحريك اسرائيل قطعا بحرية حربية في اتجاه باب المندب ، واعلان وزارة الدفاع الاسرائيلية  في االثامن عشر من الشهر الجاري أن هجمات الحوثيين قد تؤديالى دفع المنطقة نحو الحرب وأن حماس وحزب الله والحوثيون يتلقون الدعم من ايران  و التهديد الذي يشكله حزب الله غير مقبول .

 وتقدر حجم التجارة البحرية باسرائيل بأكثر من 75 مليار دولار سنويا حيث تستحوذ التجارة البحرية على أكثر من 70% من وارداتها  البالغة 107 مليار دولار في عام 2022 وفق البنك الدولي ، وزيادة تكاليف النقل البحري تهدد اقتصاد اسرائيل وواردات  ميناء ايلات ، وتواجه اسرائيل رفع شركات التأمين أسعار التأمين بسبب الأخطار ، واضطراب سلاسل التوريد يسبب أزمة اقتصادية في اسرائيل . 

ووفق التحليلات السياسية  فان الاستهدافات في البحر الأحمر قد تشكل ضغطا سياسيا على اسرائيل ، لكن يبقى الضغط الأميركي الأهم لوقف الحملة العسكرية على قطاع غزة نظرا لرغبة تل أبيب في أطالة أمد الحرب حيث أعلن الجيش الاسرائيلي أن معركة غزة صعبة وعلى الاسرائيليين دفع ثمن الدماء لكي يحققوا أهدافهم والأمر لن يكون سهلا  وأن القضاء على حماس سيحتاج الى أشهر عدة .

 فيما نشرت  تقارير اعلامية أميركية على ضوء  زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي الى اسرائيل في الرابع عشر من الشهر الجاري وزيارته السعودية والسلطة الفلسطينية ، أن واشنطن تمتلك معلومات بشأن سلوك اسرائيل في الحرب على غزة  وكنزا من المعلومات  الاستخباراتية يسمح لها بتقييم التزام اسرائيل بقوانين الحرب من عدمه وهي تقييمات مفصلة حول التحركات والتكتيكات العسكرية ، واستخدامها قنابل غير موجهة ( القنابل الغبية )  التي تتسبب في أضرار لأنها أقل دقة ويمكن أن تشكل تهديدا أكبر على المدنيين وتجهز ملفا يوثق ممارسات الجيش الاسرائيلي في الحرب ،

 وأن الولايات المتحدة تدعم اسرائيل وهدفها هو القضاء على حماس وتترك لها ” حرية ” تحديد موعد انتهاء الحرب لكن ليس بشكل كامل ويجب أن تنتهي الحرب خلال أسابيع كحد أقصى وفي أسرع وقت ممكن .

و أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي في السادس عشر من الشهر الجاري أنه سيتم وضع برنامج زمني للانتهاء من الحرب خلال أسابيع ، والانتقال الى المرحلة الثالثة  بالاستهداف المباشر لقادة حماس ، مع اظهار استطلاعاتت الرأي الاسرائيلية تراجها كبيرا في شعبيته لصالح منافسيه من الأحزاب المعارضة في حال حل الحكومة واجراء انتخابات .

وقد ربطت صحيفة واشنطن بوست بين حرب غزة وتراجع شعبية الرئيس بايدن وأن التأييد له في أدنى مستوىعلى الاطلاق والأنظار تتجه لمنافسه الجمهوري  ترمب ، و الديموقراطيون محبطون من أداء بايدن في السياسات الداخلية بمواجهة قضايا التضخم والاقتصاد والسياسات الخارجية  تجاه الحرب في غزة والدعم لأوكرانيا ماليا وعسكريا  أن واشنطن ستردع أي دولة أو جهة تريد توسيع الصراع خارج غزة ودبلوماسيا واعلاميا و يحذرون من خسارة البيت الأبيض في تشرين الثاني المقبل ، وفق نتائج استطلاع للرأي لعدة وسائلاعلامية أميركية . 

 

قد يعجبك ايضا