بانوراما الجامعة الأردنية 2023

501
الشعب نيوز:-

لعلّ إجابة الجامعة الأردنية عن سؤال المتنبّي “حتّام نحن نُساري النجمَ…”، إلى الأبد “أو نموت فنعذرا”؛ إذ لا تعرف الجامعة سبيلًا إلى ما ترتجيه غير هذا السبيل. وكما لا يفُلّ الحديد إلّاهُ، لا يطوي العمل إلا عمل أفضل منه، وإنجاز يجعل السابق عليه هيّنًا لحظة استذكار لحظات التعب والمشقّة. وبين “كادَ” و”قد” كما الفارق بين الفعل الناقص والتحقّق، وكذا “الأردنيّة”، لا تعرفُ النقصان إلّا عند اكتماله، وما الماضي لديها إلّا عتبة الحاضر إلى المستقبل.

هذا عامٌ قد يُدرج بلا تفكير تحت بند “الأعوام الصعبة”؛ وآناء التفكير والتخطيط للقادم من الأيّام، كان على المؤسّسات الوطنيّة، و”الأردنيّة” إحداها، أن تعقل الأمر وتتبيّن موضع خطاها في عالمٍ أخذ الشكّ منه مأخذه، وطالت الحيرة فيه حتّى أعرق المؤسسات الأكاديميّة في العالم. ومن هنا، كان لزامًا أن تطرح على نفسها السؤال: ماذا قدّمنا، وماذا علينا أن نقدّم؟

والسؤال ما كان صعبًا أبدًا، ففي الشدائد، ليس على المرء إلا أن يستمسك بالعروة، بالحقيقة الماثلة في العلم، وقدرته على إحداث التغيير الذي نراهُ وسيلةً وغايةً، في العلماء “ورثة الأنبياء”، أولئك الذين “لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر”. وهذا حظّنا الوافر من هذا العام، العام الذي استحالَ فيه التراب ذهبًا، إلى أن يتّخذ الذهب شكلًا أكثر جمالًا، وأحلى هيئة.

بعد النظر في عام 2023، وتقليب أوجه العمل والإنجاز، عمدنا إلى تقسيم مجرياته ضمن ستّة أقسام، تُجمل الحديث وتأخذنا إلى غايته.

أفراحنا

في عامٍ امتلأ بالأتراح، شهد أردنّنا الفرح كذلك، والفرح كان عامرًا حتّى زيّن الوطن من شماله إلى جنوبه، وفي الوسط، حيث الوجه يبتسم، والقلب ينبض، وحيث حزيران يتوسّط العام، كانت الأردنيّة حاضرةً لتحتفل والأردنيين بزفاف سموّ وليّ العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني على صاحبة النسب الأميرة رجوة الحسين، وإذ ذاك، عمدت الجامعة على تزيين سروها وقبابها، ناثرة الورود ورافعة الأعلام رايات عزّ وإباء على أسقف مبانيها، مشاركة الأردنيّين شعارًا واحدًا، أنّها أيضًا “تفرح بالحسين”.

التصنيفات العالميّة

ولأنّ للفرح وجوهًا كثيرة، وللفخر معاني تتجسّد واقعًا، جاء عام 2023 بخيرٍ وافرٍ، مُكلّلًا سنوات من التعب قضاها العاملون والعاملات في الجامعة بالكدِّ ليتسلّق اسم الجامعة شاهقًا يمتلئ عن جنبيه بجامعاتٍ مرموقة من غرب العالم وشرقه.

وبعد أن دخلت الجامعة الأردنيّة تصنيف شنغهاي العالمي العام الماضي؛ حيث صُنّفت فيه واحدة من أفضل 701-800 جامعة في العالم بوصفها الوحيدة محليًّا وواحدة من 19 جامعةً عربيّةً أُدرجت ضمن هذا التصنيف، أثمر التعب قطافًا أكثر نضجًا ممّا سبقه من الأعوام، بنجاحات ابتُدئت في شهر آذار الذي واصلت فيه “الأردنية” التقدم في تصنيف “QS Subject”، إذ دخل تخصصان جديدان التصنيف لأول مرة، وهما: علم المكتبات وإدارة المعلومات والعلوم الحياتية، كما صُنّفت في 4 مجالات معرفية ضمن قائمة أفضل 500 جامعة في العالم، من أصل 5 مجالات معتمدة من قبل التصنيف، وتربّع فيها المجال المعرفي: الهندسة والتكنولوجيا، قمّة الهرم، محرزًا التصنيف الأعلى بوقوعه في المرتبة 260 عالميًّا.

أمّا في حزيران، فتقدّمت الجامعة الأردنية في تصنيف التايمز العالمي، الذي احتلت فيه مرتبة بين أفضل 601-800 جامعة في العالم، مستمرّة في موقعها الأوّل محليًّا، والـ 16عربيًّا. لكن، كما كلّ التصنيفات العالميّة، الرقم الكليّ لا يعني الحقيقة الكاملة، بل هي كامنة في أهدافه ومؤشّراته المتشعّبة، ففي التصنيف ذاته، حلّت “الأردنيّة” في المرتبة 401-600 في مؤشر التصنيف الخاص بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وفي المرتبة 89 في الهدف المتعلّق بجودة التعليم.

بعد أعوام من التقدّم ملموس الأثر، والاعتراف تلو الآخر من التصنيفات العالميّة، جاء ختامُ حزيران كما المسك، برائحة طيّبة أزكت عامًا بأسره، وفتحت الباب أمام طريقٍ مفروشٍ بالأمل نحو قادم يزهو بالتغيير الذي طالما نادت الجامعة به، فبعد احتفاظها بتقييم 5 نجوم لثلاثة أعوام متتالية، أخذت “الأردنية” الخطوة المنطقية والأكبر، بدخولها قائمة الـ500 الأفضل في تصنيف “QS” العالمي لعام 2024: الأولى محليًّا و498 عالميًّا؛ هذا الإنجاز الأردنيّ، الذي يَعِدُ باستقطاب مزيدٍ من الطلبة الدوليين، ويدلّل على رقيّ التعليم الذي وصلت إليه جامعتنا، ويدفعها إلى مزيد من التحسين والتجويد في قطاعاتها كافّة؛ إذ يقيس التصنيف جوانب متعدّدة من قابلية توظيف الخرّيجين ومدى الاستدامة (الذي حلت فيه “الأردنية” في المرتبة 372 عالميًّا والثامنة عربيًّا والأولى محليًّا)، معتمدًا في ذلك على تحليل 17.5 مليون ورقة أكاديمية وآراء أكثر من 240 ألف عضو هيئة تدريسيّة وموظف أكاديميّ.

وبهذا النجاح المظفّر، تتقدّم الأردنيّة لتدخل مرفوعة الرأس إلى قائمة نخبة الجامعات العربيّة، واحدةً من أفضل 4% فقط من جامعات الوطن العربيّ الممتدّ من المحيط إلى الخليج، بوصفها التّاسعة عربيًّا، الإنجاز الذي شهد عليه تصنيف آخر: تصنيف التايمز للجامعات العربية لعام 2023، الذي أكّد تقدّمها 5 مراتب عربيًّا، واستمرارها في موقعها الأولى محليًّا.

والأمر إن شئنا الاستزادة، فيه تفصيل أكثر، ففي تصنيف التايمز ذاته، دخلت تخصصات تكنولوجيا المعلومات والأعمال والعلوم التربوية قائمة الـ500 الأفضل عالميًّا، بينما شهد تصنيف سابق الذكر: تصنيف شنغهاي، على خطوة كبيرة من جديد، تمثّلت في وقوع تخصص التمريض ضمن أفضل 151-200 عالميا والأول محليًّا، وتخصصي الحاسوب والهندسة ضمن أفضل 201-300 عالميًّا وفي المرتبة الأولى محليًّا.

ولأنّ التقدّم يعني بالضرورة العناية بكلّ المجالات ذات الصّلة، حرصت الجامعة على حضورها الرقميّ، الحضور الذي يقيسه تصنيف “الويبوميتركس” الذي يهدف إلى زيادة فاعلية الجامعات على الشبكة، ويقيس مدى نشرها للأبحاث العلميّة وقابليّة الوصول إليها عبر أدوات “الوصول المفتوح”، وفي نسخة التصنيف الأحدث، الصادرة في شهر تمّوز، صُنّفت “الأردنيّة” الأولى محليًّا، والتاسعة عربيًّا.

وبعد التتويج الأكبر والأهمّ في العام، الماثل في موقع الجامعة ضمن تصنيف “QS”، نتمهّل لنعطي كلّ ذي حقّ قدره من الثناء والحفاوة، فقد جاء ختام السنة ليربّت على ظهر كلّ من تعب في كليّاتنا حتّى لحظة حصولها على عدد من الاعتمادات الدوليّة، ففي تشرين الثاني حصلت كلية الأعمال على شهادة الاعتماد الدولية (AACSB) بوصفها أول كلية أعمال في الجامعات الحكومية الرسمية تنال هذا الشرف.

وقبلها، في آب، شرُفت كليّةُ اللغات الأجنبيّة برعاية الأميرة عالية بنت الحسين لاحتفالها بحصول أربعة برامج منضوية تحتها على الاعتماد الدولي (Evalag) لست سنوات، الاعتماد الذي شمل كلًّا من: برنامج اللغة الإنجليزية التطبيقية وبرنامج اللغة الإنجليزية وآدابها وبرنامج اللغة الفرنسية وآدابها وبرنامج اللغتين الإسبانية والإنجليزية.

أمّا بعدها، وقبل إسدال الستار على عامٍ امتلأ نياشين عُلّقت على صدر الجامعة من أقصاها إلى أقصاها، حصل مركز الخلايا الجذعيّة في الجامعة على اعتمادين كبيرين، أوّلهما شهادة تُعدّ أرفع اعتماد عالمي في مجال جودة المختبرات، قدّمتها له كلية علم الأمراض الأمريكية CAP، وثانيهما، اعتماد الآيزو للمختبرات التشخيصية، وذلك فقًا لتعليمات “إدارة إجراءات اعتماد جهات تقييم المطابقة رقم (4) لسنة 2022 ومتطلبات المواصفة الدولية الآيزو 15189:2012”.

مستقبل أجمل

يتشابك الزمن ويسترسل في حلقات متشابكة، ولأنّ الجامعة تدرك ذلك، فهي، وإذ تتطلّع إلى المستقبل، تترك عينًا على الماضي، مستمدّة من إرثها العريق بوصلة ترشد مستقبلها. أمّا الحاضر، فتتركه ممدود الذراعين، نقطة تتلاقى فيها الأزمان، يستحيل معها الإرث إلى خطط وتطلّعات، فيتضاعف الفرح آناء حدوثه، وتتضافر الأيدي لتقيها من الصعاب حال نشوبها.

وإذ اتخذت هذا منطلقًا لها، أعلنت الجامعة في نيسان الفائت خطتها الاستراتيجيةِ للسنواتِ الخمسِ 2022-2027، معلنةً بذلك بداية حقبةٍ جديدةٍ من عمرِها، ومؤكّدةً على حقيقةِ أنَّها ستبقى منبعًا فكريًّا، وولّادة للتغيير الفارق مع المجتمع ومستوى رفاهه؛ الخطّة التي اتخذتها الجامعة سبيلًا لتأكيد مبدأ الشفافيّة، بمشاركة الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والموظفين ومجلس العمداء والخريجين وأفراد المجتمع في صياغتها، قبل أن تُطرح بين أيدي مجلس الأمناء ليُوافق عليها.

ولأنّ نجاح الخطط لا يُقاس بتطلّعاتها، بل بالنتائج المترتّبة عليها، فقد شهدت الجامعة تعديلات في تعليماتها، أوعزت بزيادة الإنفاق على البحث العلمي، وبدء العمل على أتمتة كافّة العمليّات المتعلّقة بالشأن البحثي، وزيادة حوافز النشر، ودمج مواد الذكاء الاصطناعي حسب التخصص حيث تم تحديث زهاء 50 خطة لغاية الآن.

إضافة إلى ما سبق، وتوسيعًا لرقعة التركيز، شرعت الجامعة في مشروع تطوير 500 قاعة صفية ومدرج وتجهيزها بأحدث التقنيات، لتكون مؤهلة مع نهاية العام القادم لاحتضان تعليم إلكتروني معاصر كما درج عليه الأمر في كبرى جامعات العالم، وأخذت كذلك في توظيف الذكاء الاصطناعي في الخطط الدراسية، واعتمدت تدريس 9 ساعات في اللغة الإنجليزية و9 غيرها في اللغة عربية، و6 ساعات للمهارات الرقمية، و9 ساعات لإعداد الطلبة لسوق العمل، ما نتج عنه ارتفاع في أعداد الطلبة الدوليين بنسبة 14%، في الوقت ذاته الذي عيّنت فيه الجامعة 200 عضو هيئة تدريس من حديثي التخرّج، اختارت أكثرهم كفاءة، وأعلاهم تحصيلًا دراسيًّا من أميز الجامعات على مستوى العالم.

وكما كان الشباب دومًا محورَ تركيز وطنيّ طالما شهدنا عليه، واستكمالًا لمبدأ الشفافيّة الذي لا ينحصر بين أسوار الجامعة وحسب، استقبلت “الأردنيّة” في حرمها رئيس الوزراء بشر الخصاونة، الذي أطلق سلسلة حوارات مع الشَّباب الأردنيين تحت عنوان “رؤى التّحديث: الشَّباب محور الاهتمام”، تدفّق فيها الكلام بين الطلبة ورئيس الوزراء، في حديث عماده كسر الحواجز وجسر المسافات، تأكيدًا على شعار الجامعة الذي طالما ردّده رئيسها الدكتور نذير عبيدات “الأبواب المفتوحة”.

وعلى أنّ الجامعة انطلقت من عمّان، قلب الأردنّ وعاصمته، مطمحها أكبر من ذلك بكثير: أن تكون جامعةً ممثّلة للوطن كلّه، المطمح الذي تبلور مذ تأسّس فرعها في العقبة عام 2009، والذي أخذ منحًى آخر في السنوات الأخيرة بعقد مجلس العمداء أكثر من مرّة في المدينة السّاحليّة، هناك، حيث أوعز “عبيدات” لعمداء الفرع ورؤساء أقسامه ببدء العمل على تدشين مجمع قاعات علمية ذكيّ مُجهز بأحدث التقنيات التكنولوجية مواكبةً للتقدّم الحاصل في الفرع الأمّ، واستكمالًا لهذه العناية المباشرة، وقّعت الجامعة ومجلس محافظة العقبة مذكرة تفاهم لبناء سكن طالبات في حرم الفرع في العقبة.

ورجوعًا إلى أثر انعقاد مجلس العمداء في العقبة، وفي جلسة تماهت مع الأفق المفتوح على بحر شاسع وشمس غامرة، أقرّ المجلس، استجابة للرؤية الملكية لتطوير بيئة التعليم المهني، عددًا من البرامج للتحول نحو التعليم المهني والتقني، وتضمين الجانب المهني في الخطط الدراسية، ليكون هذا الإقرار بمثابة خارطة طريق للتحول نحو تعليم مهني أكثر تناغما مع متطلبات سوق العمل، عبر دراسة احتياجات السوق ومواءمتها مع مخرجات العملية التعليمية.

وأبعد من ذلك، حيث السّماء تفتح ذراعيه، تترقّب الجامعة الأردنية أن تمتلئ خارطة العالم بطلبتها بعد إعلانها في شهر تمّوز عن أكبر برنامج إيفاد شهده الوسط الأكاديمي الأردني بفتح الباب لابتعاث الطلبة في 77 تخصّصًا مختلفًا، لدراسة الماجستير والدكتوراه في أفضل جامعات العالم، ليعودوا من ثمّ إلى أروقتها، ويثروها بالخبرات العلميّة والعمليّة التي اكتسبوها في رحلتهم المعرفيّة.

الجوائز والدّعم

كما يكبر الأهل بأبنائهم، تكبر الجامعة بطلبتها وأساتذتها وخرّيجيها والعاملين فيها؛ فالنجاح هو شطر القصيدة الثاني، ووجه العملة المقابل لإبداعات ونجاح المنتسبين إليها، كيف لا، وهم من يرفعون اسمها واسم الأردنّ في المحافل العلميّة والرياضية، كيف لا وهم من قضوا أوقاتهم بين أروقتها وفي قاعاتها، ووصلوا الليل بالنهار كي يصير الأمل تتويجًا لمسيرة من التعب والدعاء؟

وفي هذا، كان عام “الأردنيّة” كبيرًا بحجم أبنائها، إذ انطلاقًا من شهر كانون الثاني الموافقة على احتساب المؤهلات العلمية لجميع الموظفين الإداريين الذين حصلوا على مؤهل علمي أعلى أثناء عملهم في الجامعة، وكذلك شمول العاملين على نظام “المياومة”، والعمل على تثبيتهم.
وفي آذار، أخذت حبّات المسبحة لا بالانفراط، بل بالالتئام واحدةً تلو الأخرى، حيث فازت الجامعة بخمس جوائز من أصل 18 جائزة من جوائز مسابقة نقابة المهندسين الأردنيين لمشاریع تخرج طلبة الجامعات الأردنية لعام 2022، المسابقة التي تصدّرت فيها مشاريع الهندسة الكيميائية المراكز الثلاثة الأولى كاملة.

آذار ذاته الذي شهد تتويج لاعب المنتخب الوطني للمصارعة الحرة، الطّالب عبد الكريم أبو دعيج من كليّة التمريض في الجامعة الأردنيّة، بالميدالية الذهبية ضمن منافسات البطولة العربية للمصارعة الحُرّة التي أُقيمت في مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، وتصدّر “الأردنية” لكافّة الجامعات الأردنيّة في عدد المشاريع البحثية المدعومة من صندوق دعم البحث العلمي والابتكار، الذي اتخذ قرارًا بدعم سبعة مشاريع بحثية فازت بها مجموعات من الجامعة، بقيمة دعمٍ إجمالي قاربت 421,000 دينارٍ أردني.

وكما يكثر المطر في أحد الأعوام أحيانًا، كذا كان العطاء في آذار، الشهر الذي استُكمل بفوز فرع العقبة بجوائز صندوق الحسين للأبحاث الاقتصادية لعام 2022، وتتويج أربعة باحثين من كلية الأعمال في الجامعة الأردنية بجوائز صندوق الحسين للأبحاث الاقتصادية التي ينظمها صندوق الحسين للإبداع والتفوق بالتعاون مع البنك المركزي الأردني، إضافة إلى فوز ثلاثة باحثين ببرنامج زمالات القادة والابتكار الذي نظّمه صندوق دعم البحث العلمي والتطوير في الصناعة التابع للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا مع الأكاديمية الملكية للهندسة في بريطانيا.

أمّا نيسان، فقد حلّ ربيعًا أخضر افترش مسطّحات الجامعة، ذاك بحصول أستاذ علم النفس في كليّة الآداب الدكتور محمد بني يونس على لقب أستاذ شرف من جامعة أوفا الحكومية للعلوم والتكنولوجيا في روسيا الفيدرالية نظيرَ جهوده في المجال البحثي العلمي المشترك، ومشاركاته المستمرة في المؤتمرات العلمية التي تعقدها جامعة أوفا، وإيمانًا منها بالقيمة المعرفية والبحثية المُضافة التي يقدّمها، بينما، في موقعٍ آخر، انضمّ إلى كليّة العلوم أحد أكثر أكثر العلماء المؤثرين على مستوى العالم في مجال الكيمياء، الدكتور عمر ياغي، بوصفه أستاذًا فخريًّا في الكليّة.

ولم ينتصف العام بعدُ حتّى ارتفعت نسبة تعاون الجامعة الدولي في إجراء الأبحاث العالمية من 53.6% إلى 55.1%، في الوقت الذي حصلت فيه الجامعة على دعم آخر لـ14 مشروعًا بحثيًّا من جهات محلية، و5 مشاريع بحثية من جهات خارجيّة، تشاركت فيه مع جامعات ومراكز بحث عالمية، بقيمة فعلية قاربت المليون دينار أردني.

إلى جانب ذاك، حصل ما يقارب 118 طالبا وطالبة على جوائز أكاديمية ورياضية وفنية محلية وعالمية، فيما شاركت الجامعة في نحو 25 بطولة رياضية محلية وإقليمية وعالمية، حصدت منها 24 جائزة، 9 منها محلية و4 إقليمية و11 عالمية، كما تسلمت أستاذة الكيمياء الدكتورة راميا بقاعين من كلية العلوم في الجامعة وسام الفارس من السفارة الفرنسية تقديرا لجهودها في البحث العلمي.
واستمرارًا لمسيرة إنجازات حصل مركز الخلايا الجذعية، على شهادة اعتماد كلية علم الأمراض الأمريكية للمختبرات التشخيصية CAP، التي تعد أرفع اعتماد عالمي للمختبرات الطبية، وعلى اعتماد الآيزو للمختبرات التشخيصية، وفقًا لتعليمات “إدارة إجراءات اعتماد جهات تقييم المطابقة رقم (4) لسنة 2022 ومتطلبات المواصفة الدولية الآيزو 15189:2012″، وبذلك حقق مركز الخلايا الجذعية بتميز معايير الاعتماد العالمية للمختبرات، بناء على دقة نتائج العينات، وبعد مقارنتها مع آلاف المؤسسات الطبية المشاركة.

وكما الرياضيّون الذين يصلون قمّة عطائهم لحظة انتصاف الوقت، تلك اللحظة التي لا تلغي ما قبلها أو ما بعدها، بل تسلّط الضوء عليهما أكثر، جاءت أشهر منتصف العام لتبرز جهود الجامعة في مختلف المجالات، وتمامًا كما حزيران، جاء تمّوز الذي ارتبط في الأسطورة بالخصب، لتحصل الطالبة رهف زوربا من كلية الهندسة على المركز الأول في جائزة “ملهمة التغيير باستخدام العالم الرقمي” في موسمها الثاني، الجائزة التي أطلقتها شركة الاتصالات الأردنية أورنج في يوم المرأة العالمي بالشراكة مع جمعية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردنية “إنتاج”، بينما فاز فريقان من الجامعة الأردنية في نصف نهائيات مسابقة هالت برايز العالمية على المستوى الإقليمي، وفازت الطالبتان بشرى غنام ومها أبو رضوان من برنامج الدكتوراه في كلية التمريض بمنحة جامعة ألبيرتا الكندية.

الربع الأخير من العام، ابتداء من تشرين الأوّل، لم يختلف عن سابقيه إلّا بالنّوع، إذ لم يقلّ عدد الجوائز التي تحصّل عليها المنتمون إلى الجامعة، إن لم نقل لم يزد، فالوتيرة ظلّت عالية، تمامًا كما يكون الأداء لحظة التجلّي.

في تشرين الأوّل، حازت الصيدلانية هنادي هاني الحديد من كلية الصيدلة على البورد الأمريكي في أمراض القلب، وكرمت الجامعة خريج كلية طب الأسنان الطبيب صهيب صيدم على جائزة “باري إيفانز” التي منحتها له كلية الجراحين الملكية في إيرلندا، وفازت الدكتورة ياسمين زهير عيسى مراد من قسم الهندسة المدنية بجائزة الباحثة المتميزة في الهندسة الإنشائية التي يختار الفائز فيها مجلس مؤسسة فينوس الدولية “Venus International Foundation”، كما كرم رئيس الجامعة عددًا من الأطباء الحاصلين على أعلى العلامات في الجزء السريري من امتحان قبول الاختصاص الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2023، بينما حازت عميدة الصيدلة في “الأردنيّة” الدكتورة رلى درويش على زمالة الاتحاد العالمي للصيدلة (FIP)، في الوقت الذي منحت فيه اليونيسكو جائزة لوريال-يونيسكو للدكتورة سناء بردويل من كلية الصيدلة.

في تشرين الثاني، الذي حلّ خفيفًا ليترك الزخم كلّه لختام العام، الشهر ذاته الذي تسلّمت فيه الجامعة الأردنية راية رئاسة الاتحاد الرياضي للجامعات الأردنية من جامعة عمان الأهلية بعد تولي الأخيرة للرئاسة في الأعوام الأربعة الأخيرة، وحصد الطالبان أحمد شديد ويوسف نوفل من كليتي علوم الرياضة والتمريض في الجامعة الأردنية الذهب في بطولة العالم للكاراتيه التي أُقيمت مجرياتها في العاصمة المجرية بودابست.

وفي كانون الثاني، ختام العام ومفتتح القادم، كاد الزخم أن يكون ملموسًا، حيث كرمت الجامعة باحثيها الأكثر استشهادا حسب مؤشر (HCR-Clarivate)، والباحثين المصنفين ضمن أفضل 2% وفق تصنيف جامعة ستانفورد.

هو الشهر ذاته الذي شهد ترشّح الطالبة هبة زكارنة من قسم هندسة العمارة ضمن أفضل 20 مشروعًا تخرج في جائزة “تَميُّز” الدولية، وحصاد رياضيي الجامعة الأردنيّة لنصيب الأسد من ذهبيات الدورة الرياضية للجامعات الأردنية لعام 2023، ومنح دار النشر البريطانية “Emerald” جائزتها السنوية “The 2024 Early Career Award” للدكتورة ياسمين مراد من كلية الهندسة.

الشهر الذي لم يكن ختامه بهذا الطعم لولا الإنجاز الذي سجّله مستشفى الجامعة الأردنيّة، بإنجاح عملية جراحية نوعية لزراعة أقطاب دماغية بواسطة الجراحة المُصوّبة لطفل في مستشفى الجامعة الأردنية، ترأسها استشاري جراحة الدماغ والأعصاب الدكتور محمود العبداللات وشارك فيها استشاري التخدير والعناية المُركّزة الدكتور خالد الزبن واستشارية أمراض أعصاب الأطفال الدكتورة أمل أبو لبدة.

وفود وشراكات

عُرف عن العرب منذ القدم إكرام الضيف، وانفتاحهم على المعرفة، تلك التي عمّت العالم في العلوم والفلسفة والآداب، وكما سبق، فـ”الأردنيّة” جامعة تستمدّ من الإرث كلّ ما يعبّد طريقها إلى قادم أجمل، وفي هذا، فقد استقبلت الجامعة الأردنية في آذار رئيس جامعة هارفارد الأمريكية الدكتور لورانس باكو والوفد الأكاديمي المرافق له في زيارة هي الأولى للجامعة، بهدف التعرف على الجامعة الأردنية عن قرب، بوصفها أول وأقدم مؤسسة للتعليم العالي في الأردن، والتشاور حول فرص التعاون الأكاديمي بين الجانبين في مجالات عديدة مثل تبادل الطلبة والأكاديميين وإيفاد طلبة لاستكمال الدراسات العليا والبحث العلمي في الجامعة الأمريكية العريقة.

كما أعلنت “الأردنية” في الشهر ذاته انضمامها عضوا إلى تحالف المراكز البحثية والجامعات المتميزة في العالم الإسلامي “الكومستيك”، ممثّلةً مركزًا محوريًّا لبناء القدرات العلمية والتكنولوجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأثناء مشاركته في المنتدى العالمي لرؤساء الجامعات الذي عُقد في تمّوز في العاصمة الصينية بكين، عرض “عبيدات” خطة “الأردنية” للتحول الرقمي وتوظيف الذكاء الاصطناعي في برامجها، متناولًا سعيها إلى التحول نحو أتمتة كافة إجراءات وعمليات الجامعة المختلفة، بما يشمل العمليات الإدارية والمالية والأكاديمية والبحثية، وغيرها من المسائل ذات الصلة.

ولم يغب شهرٌ قبل أن يجري “عبيدات” لقاءات مكثّفة مع هيئة التعليم العالي الصينية للتباحث في إمكانية إقامة عدد من المشاريع والبرامج الطبية المشتركة، ودعم جهود التبادل الطلابي بين الجانبين، ويستقبل وفدًا صينيًّا من لجنة إدارة ريادة الأعمال الشبابية بين الصين والدول العربية لمتابعة تفاصيل مشروع إنشاء مركز لصيانة السيارات الكهربائية والهجينة، ومركز لصيانة الأجهزة الخلوية في الجامعة الأردنية، إلى جانب عمله على استقطاب مزيد من الطلبة الصينيين لدراسة اللغة العربية في الجامعة.

تشرين الأوّل بدوره، شهد تحرّكات على نطاقات مختلفة، إذ رشّحت مؤسّسة (MED-OR)، التي تُعدّ من أبرز المؤسسات العالمية الرائدة في تعزيز الشراكة ما بين الأكاديميا والصناعة، “عبيدات” إلى عضويّة مجلسها الدولي الاستشاري؛ “عبيدات” الذي ترأس في تشرين الأوّل أيضًا ملتقى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لتوأمة الجامعات العربية، الذي نُظّم في الجمهورية التونسية للوصول إلى شراكة حقيقية بين الجامعات العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالعملية التعليمية بأبعادها المختلفة، وزيادة حجم التعاون في نقل الخبرة والمعرفة.
فخلال استضافة الجامعة فعاليات الموسم العاشر من مدرسة البترا للفيزياء تحت شعار “الحوسبة الكمومية: النظرية والتطبيقات”، برعاية سمو الأمير الحسن بن طلال، ما هو إلا تفعيل وتحفيز للبحث العلمي في الأردن، وإنشاء منتدى واسع في العالم العربي لتبادل وجهات النظر حول العلوم والتكنولوجيا وتأثيرهما على التنمية، والتأكيد على دور الفيزياء في عملية التنمية.
كما أن الجامعة وقعت خلال العام الأكاديمي الحالي ما مجموعه (104) اتفاقية ومذكرة تفاهم (تدريبية وأكاديمية وبحثية وعامة)، وفازت بمنحة السفارة الأمريكية لتنفيذ مشروع شبكة تعاون الجامعات الأردنية واحتضان العديد من الفعاليات العالمية، منها استضافة اجتماع الجمعية العمومية للجامعات الأورومتوسطية على المستوى الدولي UNIMED، وتنفيذ مؤتمر تيدكس (TEDx) و مسابقة هلت برايز (Hult prize) العالمية.

طوى تشرين الثاني ما سبقه، وجاء ليشهد على مشاركة الجامعة في قمة التايمز للتعليم العالي لجامعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي استضافتها جامعة نيويورك أبو ظبي، الأمر الذي أتاح الفرصة للقاء أكاديميين من جامعات مرموقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والعديد من الخبراء المختصّين في التعليم الإلكتروني، ثمّ جاء كانون الأوّل، ليختم سلسلة حافلة من الشراكات، بانضمام “الأردنيّة إلى مشروع إنشاء “المركز العالمي لتغير المناخ وأنظمة المياه والطاقة والغذاء” المدعوم من المعهد الوطني الأمريكي للصحة، في سعي من الجامعة لمواكبة القضايا البيئية، التي باتت أكثر حساسيّة وحاجة للالتفات من أيّ وقت مضى طوال التاريخ.

ثباتٌ في المواقف

قبل الحرب على غزّة وخلالها، تظلّ الأردنيّة جزءًا من وطنٍ عربيٍّ كبيرٍ، يجمعه معه تاريخ وحضارة، إرث وحاضر ومستقبل، يجمعها وإيّاه صلة بالنبض، ودم أردنيّ سال شرفًا وعزّةً.

وطالما آمنت الجامعة بأنّ سبيل التحرّر لا يفترق مع سبيل العلم، فالعلم هو العروة التي لزم أن نستمسك بها، دون تفريط بباقي الحقوق أنّى كانت، وفي هذا الصعيد، سبق للجامعة أن استضافت، في أيّار الفائت، رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، ضمن فعاليات الموسم الثاني للمهرجان المقدسي الذي نظمته لجنة القدس في الجامعة الأردنية.

وشهد تشرين الأوّل، عقد الجامعة عددًا من الحواريات الرامية إلى مناقشة سبل الإسهام إسهامًا ملموس الأثر لتخفيف آثار العدوان على غزّة، أطلق رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي في إحداها “مبادرة العلمين”، مؤكّدًا تلاحم الموقفين الرسمي والشعبي بالوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين، وضرورة الدعوة في مختلف المنابر إلى وقف جرائم الحرب بحقهم ورفض تهجيرهم من أراضيهم.

واستكمالًا لهذا النهج، شارك في تشرين الثاني عميد كلية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للعلوم السياسية والدراسات الدولية الدكتور حسن المومني في حضور القمم العربية والإسلامية والإفريقية، لإبراز دور الأردن السياسي والدبلوماسي ضمن الجهود الإقليمية والدولية لإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة.

عام انقضى، وآخر هلّ

في عامٍ شهد الأفراح والأتراح، البسمة والأسى، النهوض واليأس، يظلّ الأمل دليل الإنسانيّة فينا، فلولاه، لما طمح أحدٌ لشيء، وأملنا في مفتتح العام القادم أن تهلّ بشائر الخير على أهلنا في غزّة، لنستبدل الخاتمة المؤسية بأخرى تعرف للنصر طريقًا. حينها، ستدور السّاعة من جديد، ونستكمل رحلة العلم، ونتطلّع إلى أجيالٍ جديدة جائعة للتعلم والإبداع، هو ذا أملنا الدائب في “الأردنيّة”، فمع كلّ جيل يتخرّج، تتوجّه الأعين إلى الوجوه الفتيّة، التي ما زالت نهمة لتلقّي لعلم، نهمها للغبّ من الحياة ما استطاعت.

قد يعجبك ايضا