رؤية ترامب : منطقة اقتصادية عالمية خاصة لريفيرا غزة الجديدة كريستين حنا نصر

الشعب نيوز:-

بعد موافقة نتنياهو على بنود خطة ترامب لانهاء الحرب في غزة والتي بدأت منذ أحداث السابع من اكتوبر عام 2023م والمستمرة حتى اليوم، جاء قرار الرئيس الامريكي ترامب بطرحها ، وهذا القرار الذي اتخذه دونالد ترامب كان أيضاً قد جاء بعد لقائه بعدد من رؤساء الدول العربية والاسلامية في نيويورك على هامش اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، وقبل أن أدخل في قراءة وتحليل بنود الخطة التي طرحها الرئيس الامريكي ترامب ، تجدر الاشارة إلى أن ترامب أعطى حركة حماس مهلة محددة هي ما بين أربعة أو خمسة أيام للرد عليها.
ليتضح الان عملياً ضرورة الجدية في دراسة خطة ترامب المقترحة لانهاء الصراع في غزة بين اسرائيل وحركة حماس ، والتي أنهكت أهل غزة وأثرت سلباً أيضاً على الدول المجاورة للصراع اقتصادياً وذلك جراء التداعيات الناجمة عن هذه الحرب المشتعلة ، خاصة ان نتائجها أيضاً تتصل بمأساة الوضع الانساني في غزة ، الى جانب تدمير مساحات شاسعة في غزة مع تشريد وتهجير شعبها ، الذي فقد الكثير من منازله ومناطق سكنه والمؤسسات والبنى التحتية الخدماتية ، والتي دمرت بشكل كبير ، والتي تعاني أيضاً من وجود الالغام والذخائر غير المتفجرة فيها ، الامر الذي سيجعلها تحتاج لأخذ وقت طويل حتى يمكن بعدها الدخول في مرحلة إعادة الاعمار في هذه المناطق المنكوبة حالياً .
ان مضمون بنود هذا المقترح لخطة السلام هو وقف الحرب ، لتكون الخطة هي بالاساس طاقة فرج لسكان القطاع الذين لايتحملون استمرار حالة امتداد هذه الحرب وقد نفذ صبرهم في العيش ضمن اوضاع صعبة يعيشونها حالياً ، والسؤال هنا ، هل وبعد دراسة حركة حماس لبنود خطة ترامب المقترحة ، سوف تقبل الحركة بهذه المقترحات لحل الأزمة ؟ ، والسؤال الاخر أيضاً ، ما هي تداعيات عدم قبول حركة حماس لبنود خطة ترامب المقترحة ؟، أعتقد إذا لم تقبل حركة حماس بالاقتراح وبحسب نظرة ترامب سوف تكون ردة الفعل قاسية ، حيث أرى أنه يريد وبشكل مطلق وقف هذه الحرب وبصورة نهائية قطعية ، وبالطبع هذه البنود هي قاسية وفيها إقصاء كامل لحركة حماس ولوجودها العسكري في القطاع مستقبلاً تماماً ، بمعنى تجميد الحركة كلياً .
وبالمحصلة فإن حركة حماس سوف تقدم رداً يمثلها ويمثل الفصائل الفلسطينية ، اذ انهم الان في مرحلة دراسة المقترح وعقد المشاورات فيما بينهم ، حيث أن الرئيس ترامب امهلهم اربعة أو خمسة أيام فقط للرد على مقترح السلام والا فان مصيرهم سوف يكون الجحيم ( حسب تعبير وتصريحات ترامب) ، والذي أعلن بأن الدول العربية والاسلامية المعنية وقعت على هذا المقترح ونحن الان ننتظر رد حركة حماس ، واذا لم يوافقوا سوف تكون بالمحصلة والنتيجة النهاية وخيمة ، وقد دعى أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة جميع الاطراف بالموافقة على خطة ترامب للسلام في غزة ، وتطبيق بنودها وعنوانها الاساسي العريض ( لا مكان لحركة حماس في السلطة على غزة )، بالمقابل انسحاب تدريجي لاسرائيل بعد نزع سلاح حركة حماس في غزة كلياً ، ومنح عفو لعناصر حركة حماس من الذين سوف يسلمون اسلحتهم ، والاهم في هذه البنود موضوع الرهائن الذي عطل أي تقدم سابق في مسار المفاوضات بين حماس واسرائيل ، حيث جاء في الخطة بند يُلزم حماس بالافراج عن جميع الرهائن بعد 72 ساعة من الموافقة على الخطة ، وتحويل غزة الى منطقة منزوعة السلاح ، يليها مرحلة ادخال المساعدات لأهل غزة .
وقد حدد في بنود الخطة الرئيس ترامب مسألة من سيتولى حكم غزة مستقبلاً ، حيث سوف تكون الادارة المؤقتة من مسؤلية لجنة فلسطينية تتكون من اعضاء تكنوقراط أي غير سياسية ، تتولى مهمة تقديم الخدمات اليومية للسكان وهم من الفلسطينيين المؤهلين ، الى جانب خبراء دوليين تحت اشراف هيئة انتقالية دولية جديدة تسمى ( مجلس السلام ) برئاسة دونالد ترامب وأيضاً بعضوية قادة وشخصيات دولية أخرى من ضمنهم الرئيس البريطاني الاسبق توني بلير ، الى جانب ذلك يتم تشكيل قوة دولية لارساء الأمن والاستقرار ويتم نشرها في قطاع غزة فوراً بعد اعلان الموافقة والتوقيع على الاتفاق ، والتي ستوكل لها مهمة تدريب ودعم ( قوات الشرطة الفلسطينية ) ، وهذا سيتم بالتشاور مع المملكة الاردنية الهاشمية ومصر .
و بعد ذلك تدخل هنا الخطة في الشق الاقتصادي وبالطبع هو الاهم بالنسبة للرئيس ترامب ، حيث سوف تكون ( غزة الجديدة ) ، وتشمل الخطة التزاماً كاملاً ببناء اقتصاد مزدهر فيها ، والذي سيكون في سياق يفرض التعايش السلمي مع جيرانها ، والاهم هنا أن اسرائيل لن تقوم باحتلال غزة أو ضمها ، وهنا اشير الى ما ذكرته أنا في مقال سابق لي بأن أهل غزة سيحصلون على جوزات سفر فلسطينية ، واعتقد أنه قد حان الوقت الذي سيتمكن فيه المواطنين في غزة من السفر كحال أي مواطن موجود في هذا العالم ، وتكون لديهم أيضاً حقوق بامتلاك جواز سفر ، الى جانب ذلك ورد في المقترحات مسألة اعادة فتح معبر رفح كلياً ، واعتقد أن ترامب ينظر الى الامور في هذه الخطة من زاوية ونظرة اقتصادية أولاً ، ثم الجانب السياسي ثانياً ، أي استبدال الحرب والصراع الاسرائيلي الفلسطيني بالسلام والعيش المشترك ، والازدهار الاقتصادي وبشكل خاص العيش والحياة الكريمة بالنسبة لأهل غزة ، بعد كل هذه المأساة التي عاشوها قبل السابع من اكتوبر وخلال الحرب حتى اليوم .
ومن بنود خطة الرئيس ترامب في الجانب الاقتصادي أيضاً، هو سعيه الى اعادة اعمار غزة وباشراف خبراء شاركوا في بناء مدن حديثة وبالتحديد في منطقة الشرق الاوسط ، وهذا الطرح يأتي متوازياً بالطبع مع ضرورة فرض الامن في القطاع بشكل كامل وشامل ، حيث أن الامن سوف يكون له لعب دور مهم في جلب الاستثمارات الخارجية ، وهذه الخطة تدعو الى ضخ المساعدات الانسانية والاغاثية بشكل كامل ، ومن ابرز اولوياتها ايضاً بناء شبكة كهرباء جديدة واقامة بنى تحتية جديدة تشمل الصرف الصحي والمستشفيات والمياه ، وبالطبع بعد ازالة الانقاض وفتح شبكة طرق جديدة عصرية ، تُمكن من جلب الاستثمارات واعادة بناء غزة الجديدة .
والهدف الاساسي من هذا الطرح والتفاصيل المقترحة هو تحويل منطقة غزة المنكوبة الى منطقة اقتصادية عالمية ، وهذه المنطقة الاقتصادية الخاصة سوف تتميز بتعرفة جمركية تفضيلية ، وهذا المقترح الاقتصادي للرئيس ترمب سوف ينقل غزة المنكوبة من ذكرى ماضية مؤلمة الى واقع جديد هو ( ريفيرا غزة جديدة ) تتضمن مشاريع عالمية على شواطىء البحر الأبيض المتوسط ، وهذا سوف يتشابه مع إمارة موناكو الفرنسية باستثمارات ومشاريع عالمية بدون ضريبة ، وهذا سوف يُطبق على ريفيرا غزة الجديدة وعنوانها الاسمى هو احلال الامن والسلام ، لينعم أهل غزة بالسلام والاستثمارات التي سوف توفر للمواطنين الاعمال والاشغال المتنوعة ، واعتقد أنها سوف تكون مقصد سياحي عالمي أي ريفيرا غزة الجديدة ، وبالأخص لموقعها الاستراتيجي على البحر الابيض المتوسط ، فقد حان الوقت أن يعيش الفلسطينيين حياة كريمة وبالاخص أهل غزة بالتحديد الذين عانوا الكثير من المآسي في الماضي للأسف .

قد يعجبك ايضا