
العراق صراع نفوذ.. كتب محسن الشوبكي
الشعب نيوز:-
كشفت الانتخابات العراقية الأخيرة عن استمرار التوازنات الداخلية نفسها، فيما بقي العراق ساحة مركزية للصراع بين واشنطن وطهران. فقد عززت القوى المتحالفة مع إيران حضورها السياسي، مستندة إلى شبكة نفوذ تشمل البرلمان والوزارات والفصائل المسلحة، ما يمنح طهران قدرة على تثبيت موقعها حتى تحت الضغط الأمريكي.
في المقابل، تعتبر واشنطن أن هذا النفوذ يحدّ من استقلال القرار العراقي ويهدد قواتها، خصوصًا بعد الهجمات على قاعدتي عين الأسد وأربيل. وردًا على ذلك، صعّدت ضغوطها عبر العقوبات وتضييق الاستثناءات الاقتصادية واستهداف شبكات التمويل ووضع ستة فصائل على قوائم الارهاب . وجاء تعيين المبعوث مارك سافايا ليعكس نهجًا أمريكيًا مركّزًا على ملفات أمنية محددة، رغم غياب سفير لها في بغداد، بما يشير إلى إدارة دقيقة للعلاقة العراقية بعيدًا عن الانخراط الدبلوماسي التقليدي.
وتواجه أي حكومة عراقية جديدة معادلة معقدة تجمع بين مطالب داخلية ملحّة تتعلق بالإصلاح وضبط السلاح، وبين ضغوط أمريكية تطالب بتقليص دور الفصائل، مقابل قوى عراقية قوية ترفض هذه المطالب وتعدّها تدخلاً يستهدف توازناتها وعلاقتها مع طهران. وهذا يضع الحكومة أمام تحدي موازنة الداخل والخارج من دون الانحياز لطرف يفاقم الأزمة.
يعتمد مستقبل النفوذ الإيراني على عدة عوامل: شدة الضغوط الأمريكية، تحركات القوى الشيعية، واستعداد الدولة لإعادة تنظيم علاقتها مع الفصائل. ورغم احتمال تغير بعض أدوات النفوذ، لا يبدو أن طهران مستعدة للتراجع عن موقعها الحيوي في العراق، وستلجأ إلى بدائل سياسية واقتصادية عند الحاجة.
وتنظر واشنطن وطهران كلٌ من زاويته إلى العراق باعتباره ساحة تُدار فيها حسابات إقليمية أوسع. فالأولى تتهم الثانية بترسيخ نفوذ يزعزع استقرار المنطقة، بينما ترى الثانية أن التحركات الأمريكية تهدف إلى تقويض دورها خدمة لأجندات إقليمية. ويستمر الصراع عبر اتهامات وخطط متبادلة.
وفي ظل هذا الاشتباك المستمر، يبقى التحدي أمام العراق هو صياغة توازن سياسي يوفّر مساحة لاستجابة المطالب الداخلية ويحافظ في الوقت نفسه على علاقات خارجية مستقرة، بما يسمح للبلاد بتجنب الانجرار إلى محور على حساب آخر وسط صراع نفوذ لا يهدأ.